18 ديسمبر، 2024 9:13 م

من الدبلوماسية إلى السوقية

من الدبلوماسية إلى السوقية

لطالما كانت الولايات المتحدة، تعتبر نفسها راعية للديمقراطية وحقوقالإنسان، والآن ستستخدم هذه الشعارات كورقة ضغط فيمفاوضاتها وصفقاتها التجارية، دون مراعاة للمبادئ أو القيم التيكانت تروج لها..

سيحل اليوم بدلاً من الدبلوماسيين المدربيين، سياسيين يمارسونخطاب الاستفزاز بإسلوب علني، وكأن أمريكا تريد أن تعود لتصبحالشرطيالذي يبتز العالم بوضوح ودون مواربة، وكان أولتصريحات الرئيس رقم ٤٧ ” لن يكون هناك مكان للمهرجون فيالشرق الأوسط!”.

بالطبع سيكون للمنطقة نصيب الأسد من هذا التحول، وستمارسأمريكا سياستها بمنطقاما معنا أو ضدنامع تجاهل تام لأيمواقف وسطية أو مصالح دولية أخرى، ومن يجرؤ على أن يغرد خارجالفريق الأمريكي، سيكون في مواجهة الحملات العسكريةوالضغوطات الاقتصادية تحت ذريعةتهديد الأمن القومي للولاياتالمتحدة“.

من الواضح أن المصالح الاقتصادية الأمريكية، هي في قمة هرمالاهتمام للرئيس الجديد، إذا ستكون العقوبات المالية هي اللغةالجديدة، التي ستتحدث بها واشنطن مع دول الخليج العربي، وستعودالبقرة الحلوبإلى الواجهة، ولكن هذه المرة ستكون بشكل مختلف،حيث ستمتد يد أمريكا حتى حلفاؤها الاوربيون، الذين لن يسلموا منهذا المنطق الجديد، الذي يرى العالم كسوق تجاري لا مكان فيهللضعفاء و المترددين.

تبعاً لذلك يتوقع أنه لن يحدث الاستقرار في المنطقة، قبل أن نرىالرئيس ترامب يعقد صفقات تجارية، مع الحكومات ذات السجلالحقوقي السيء، و للزيادة في السخرية، ربما سنراه يعود في اليومالتالي، ليندد بالدول الأخرى لأسباب حقوقية؟!

انه عصر جديد، عصر تسوق فيه المبادئ دون الحاجة للإلتزام بها،فلقد قررت أمريكا أن تسير على طريق يجعل الربح فوق كل اعتبار،سواء كان ذلك من خلال الصفقات المباشرة، أو من خلال الهيمنةالعسكرية على حساب الاستقرار السياسي والدولي.

عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض كرئيس للمرة الثانية، يظهر أنواشنطن قررت التخلي عن لغة السياسة، كما عهدها العالم في مرحلةالديمقراطيين، وبعد ثلاث سنوات من التوتر والتقلبات التي شهدتهاالسياسة الداخلية، يبدو أن شعار الإدارة الحالية (الربح أولاً، الكلامالبذيء ثانياً، والإبتزاز ثالثاً).

لقد تغيرت أمريكا.. من صوت الديمقراطية والعدالة كما تدعي، إلىقطب تجاري عسكري يتحدث بلغة الربح والموت، ولن تتوانى عناستخدام الصفاقة والقتل، في سبيل فرض سيطرتها، وفيما يبدو أنالعالم سيكون مجبر على التأقلم مع هذا التحول الغريب.