إستهلك: إستنفد , أفرغ
مجتمعاتنا لم تنتج أصيلا , وإستحضرت ما أنتجه الآخرون , وتوهمت بأنه يتوافق ومسيرتها المعرفية وإرثها الذوقي والإدراكي.
وإنطلقت مفاهيم غريبة منذ بدايات النصف الثاني من القرن العشرين , لا تزال بعيدة عن التمثل والقبول والإنهضام , وتحولت الإبداعات بأنواعها إلى كينونات صومعية نخبوية منقطعة عن نهر الأجيال الجاري من منابعه الدفاقة المعطاء.
إستنساخات وإستحضارات لأساليب ونتاجات وليدة واقعها الإبتكاري الصناعي التكنولوجي , المتسارع الإضافات والمؤسس لآليات حياتية تستدعي التناغم معه , ومواكبة كينونته الفيحاء.
أنماط إبداعاتنا المتنوعة أصيبت بوباء الحداثة الضبابية المشوهة البهماء , فغدت تخاطب القلة المتوهمة بالجديد , المعبأ بالغموض والرموز والإبهام الثقيل الداعي للنفور والإهمال , وعدم الرجوع إلى منطلقات الذوق المتوارث السليم.
وتجدنا أمام الإصدارات المركونة على الرفوف أو أرصفة الطرقات , وبعضها في سلال المهملات , وأصحابها يتصورون بأنهم أبدعوا الأصيل , وما سطروه إضطرابات أفكار وهلوسات يراع مألوس , يقبض على وهم الحداثة والتجدد وكأن الإبداع سيل كلمات وركام عبارات.
لو تصفحنا ما يسود على صفحات التواصل الإجتماعي , لتبين أن ما يسمى بالحداثة لا مكان له إلا فيما ندر , وتطغى على المنشور إبداعات متعارف عليها منذ قرون.
فهل يمكن مقارنة ديوان كعب بن زهير أو غيره بما يسمى بدواوين الحداثويين؟
لماذا بقيت دواوين الغابرين , وماتت دوواوين المعاصرين قبل موتهم؟
إنها معضلة الذوق السليم المتوارث المكين!!