خرقت القيادة العامة للقوات المسلحة كل سياقات المهنة عندما اختارت أسلوب عن تقديم بيان يجمل العمليات العسكرية بشقيها الايجابي و السلبي، وكأنها لا تعرف طبيعة ادارة المعارك و تغض الطرف عن الهتافات الطائفية التي يرددها الجنود وقادتهم أيضا، و الأخطر ان سير المعارك بات ينشر على الصفحات الشخصية لقادة الميدان في شبكات التواصل الاجتماعي، فاين هو الانضباط العسكري و أين هي الحقيقة، الجواب في جعب القيادات العسكرية التي لا تحمل ما هو مطمئن بعد أن تحولوا الى ناطقين رسميين باسم السياسيين!!
يقصفون المدن بالبراميل المتفجرة ويعلنون النصر على الآهالي ، عبر سلاح هو الأغبى و الأشد تدميرا حيث لا يمكن التحكم بأهداف البراميل المتفجرة بسبب غياب جوانب التوجيه الفنية ، حيث يرمى بالهواء الطلق لتتحكم به ظروف الطبيعة و النتائج معروفة ، لذلك يقول المختصون ان هذا النوع من الأسلحة المحرمة مخصص للصحارى و الكهوف التي يتواجد فيها فصيل من نوع واحد، حيث تدميره متفق عليه ضمن مديات تقبل الخطأ التكتيكي، عكس ما يجري في الفلوجة حيث تتشابك الأحياء مع بعضها ليصبح الدمار شاملا، وسط صمت أصحاب القبور في دول العالم الديمقراطي و أممه المتحدة على تجاهل حقوق العراقيين و مآىسيهم برعايتها عملية سياسية تزحف على بطنها بعد ولادتها المشوهة من رحم الاحتلال!ّ!
يقول مسؤول عسكري ان البراميل المتفجرة استخدمت ضد أهداف ثابتة في الحرب العراقية الايرانية، لكن عندما تواردت الانباء عن سقوط احداها على مدرسة للطلاب الايرانيين اتخذ قرار وقف العمل بها بشكل نهائي، أما اليوم، و في فضاء ما يطلقون عليه ديمقراطية العراق الجديد، فان البراميل المتفجرة أضحت و سيلة للدمار الشامل ضد مواطنين عزل وفيها من شحن النفوس طائفيا ما هو كثير، حيث المنقوش عليها من شعارات يوحي أن مرسلها يريد فتنة و قتل و تخريب لا حلول أو استقرار.
الأخطر ان هذه البراميل يمكن تصنيعها في أية ورشة في المناطق الصناعية، ما يؤسس لحرب دمار شامل في العراق، لا يجوز السكوت عليها مهما كانت النتائج و الأسباب، لأن الحكومة التي تقصف شعبها بكل الأسلحة لا يحق لها الحديث عن تداول سلمي للسلطة و لا حتى أنتخابات، و الحال ينطبق على كل القوى و المرجعيات التي وقعت في سوء التقدير عندما جاملت تزييف الحقيقية و تضليل الجميع بشعار محاربة الارهاب!!
لا يوجد عراقي يقبل بانتهاك سيادة بلاده من أية جهة جهادية أو عقائدية مع تجربة خلط الأوراق الاستخبارية الاقليمية و الدولية بعد سنوات دم طويلة، و لا يريد أي عراقي من يدافع عنه بالنيابة، لأن الظلم الرسمي يكفي لجيش من الرافضين للاقصاء و التهميش على طول خارطة العراق.
ان ما يحدث من دمار عسكري في الانبار يقابله تحطيم للموارد الاقتصادية في الجنوب و الشرق و الشمال، بدليل أن الحكومة تتحدث عن أكثر من مليوني و نصف بيت عشوائي و ملايين من المواطنين المحرومين، وحرائق بالجملة لمحاصيل الحنطة و الشعير في موسم الحصاد، ما يفند النظرية القائلة أن تنفيذ المطالب يخص فئة دون غيرها، لأن الحكومات العراقية تعودت أصلا عدالة واحدة في توزيع الظلم على الجميع عكس ما ترفعه من شعارات هنا أو هناك. وعليه فان العراق في أزمة حقيقية لا تصلح لها المسكنات أو حلول نصف الخطوة، ما يجعل من تشكيل حكومة كفاءات مدنية ضرورة ملحة لمنع انهيار الدولة العراقية!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]