26 نوفمبر، 2024 7:25 م
Search
Close this search box.

حركية اليسار الرث في العراق

حركية اليسار الرث في العراق

ينحدر اليسار الجديد من مجموعات مثقفة تمثل مصالح اقتصادية في القطاعين الخاص والاهلي والمنظمات غير الحكومية والخيرية،وكذلك ميادين التعهدات والمقاولات والتجارة،ولها التأثير البالغ في جموع الشبيبة!وكان الواجهة العصرية لسياسات(منتصف الطريق والطريق الثالث)القديمة منذ ستينيات القرن العشرين في اوربا،متأرجحا بين رفض الاشتراكية القائمة سابقا ودروب المتاهة والفوضى والاحلام عبر اتخاذ الفوضوية محل الاعمال الثورية والطوباوية محل الاشتراكية العلمية!وكان التخبط النظري من السمات المميزة لآيديولوجيته لأنه ثمرة مخاض التناقضات الرأسمالية،ومن مظاهره اشاعة انتفاء الحاجة للنضال الطبقي ومحاولة تزييف الجوهر الطبقي للعمليات التي تأخذ مجراها في العالم،وبذر مشاعر اليأس والعبثية ازاء الجهد الاجتماعي النشيط في النضال ضد الاحتكارات الدولية والعولمة!

كان انطوني غيدنز من ابرز منظري”الطريق الثالث”،وهو يدعي انه طريقا ليس وسطيا توفيقياً بين الرأسمالية والاشتراكية بقدر ما هو محاولة لتجاوز وتخطي الثنائيات الاستقطابية السابقة للحرب الباردة!وهو بذلك عرض نياته الطيبة الساذجة كونه فاعل خير يتجاوز اليسار التقليدي وتدخل الدولة في الحياة الاجتمااقتصادية ويتجاوز اليمين المحافظ المتمسك بآليات اقتصاد السوق وفق المبدأ الليبرالي الكلاسيكي(دعه يعمل،دعه يمر)!ويتخلى(الطريق الثالث)عن العدالة الاجتماعية عبر تبنيه الحاسم لاقتصاد السوق ونزع الآيديولوجيا عن الاقتصاد اي يستند على حرية السوق والتجارة وفتح الحدود وتقليص دور الدولة في الاقتصاد وهذا ما يتبناه اليوم الثالوث العولمياتي الرأسمالي(البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية)اي انه استنساخ للاقتصاديات الرأسمالية المتطورة التي نفسها ووفق منطقها لا تنكر اهمية تدخل الدولة بالاقتصاد في قطاعات اساسية وفي فترات محددة.ويبدو أن تبني القيم المدنية العالمية والقضية الاجتماعية وحماية البيئة والمساواة بين الرجل والمرأة ومكافحة الارهاب والتطرف كان القاسم المشترك للطريق الثالث مع اليسار،الا ان الموت البطيء لليسار في الطريق الثالث هو ما ميز هذه الحركة التي اتجهت دوماً نحو يمين الوسط!

لا تزيل سياسات منتصف الطريق او انصاف الحلول الاجتماعية التناقضات المستفحلة،فدولة الرخاء العام الاميركية ظاهرة متناقضة تعكس الفوضى الرأسمالية البناءة!وتعقد وتربك الاوهام الاصلاحية النضال في سبيل التقدم الاجتماعي.واسلوب المناورة السياسية والاجتماعية هو الذي ميز السياسة الاجتماعية في الغرب الرأسمالي مثل اطلاق تعبير الليبرالية على الرأسمالية نفسها!والتفنن في تزويق الليبرالية من ديمقراطية الى جديدة فمتجددة!والتعمد في مواجهة التنظيمات المهنية والديمقراطية والاجتماعية التقليدية عبر رفع شأن المنظمات غير الحكومية في الحركات الاجتماعية تارة وتسييس كامل الحركات الاجتماعية وزرع الوشائج الاصطفائية المعرقلة داخلها ونشر النزعات الضارة التي تسء لكفاحها الاجتماعي العادل وعرقلته وتحجيمه تارة وكبح جماح الجميع تارة اخرى!

في سلة اليسار الجديد انتعشت من قبل الفوضوية والتروتسكية الا ان اواخر القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين ومع نهوض رابطة الدول المستقلة على انقاض الاتحاد السوفييتي واختفاء المعسكر الاشتراكي توسع مفهوم اليسار الجديد وبات يؤشر

ايضا للقطيعة المعرفية مع الجمود العقائدي لليسار القديم او اليسار الكلاسيكي للاشتراكية القائمة سابقا،ومع الارادوية المنفلتة والعسف ومحاصرة الديمقراطية والحجب والتمييز المعلوماتي والضغوط الادارية والطرد الجماعي من العمل والمماحكات والارهاب الشمولي وشيوع التهجير القسري للملايين وسيادة العسكرة وازاحة رواد التطور الحضاري عن مراكز القيادة واتخاذ القرار ليحل محلهم جهلاء الحزب الحاكم واقرباء واصدقاء الطاغية من محترفي التجسس ذوي الولاء المطلق لرموز النظام،التدخل بالحياة الشخصية للناس وصياغة عقل وضمير المواطن والزامه بالطاعة والولاء،وتحول المؤسسات الى مقرات للخلايا الحزبية ولجان التحقيق واوكار للتجسس والاعتقال وكتابة تقارير الوشاية والمخبر السري بدلا من ان تكون مراكز لاقامة الندوات وطرح الآراء الرصينة واجواء المناظرة والحوار وابداء الرآي والرأي الآخر!القطيعة المعرفية مع جعل الولاء للحزب الحاكم والطائفة القائدة معيارا لاخلاقية المواطن لا الجدارة والمعرفة والقدرة والتكوين النظري والنضج السياسي والكفاءة والسجايا الاخلاقية والصدق والنزاهة والتضحية والبطولة!القطيعة المعرفية مع التقطيع والتبسيط والاعتباطية واعتماد منطق الصدفة والجمود العقائدي ونزعة الاستعلاء في التخاطب مع الجمهور بدل التعامل الواقعي مع الظاهرات المترابطة المتفاعلة المتماسكة المتداخلة الموحدة المتناسقة المتناقضة كمدخل لتحليل جوهر المواضيع!

وانضمت لليسار الجديد كل القوى السياسية والاجتماعية المتضررة من فشل نماذج الاشتراكية القائمة سابقا بما فيها الكثير من الاحزاب الشيوعية والاشتراكية الديمقراطية والاتحادات العالمية للشبيبة والطلاب والنقابات العمالية.وهذا التحول الاستراتيجي لجأت اليه الحركة الشيوعية واليسارية العالمية للحد الممكن من تأثيرات العولمة المتوحشة والليبرالية الاقتصادية الجديدة في”تحقيق حكومات الحد الادنى والتدخل الاقل الممكن من جانب الدولة في

الشؤون الاقتصادية،والسيطرة على التضخم والاستخفاف بالبطالة وتجنب العمالة الكاملة وشيوع النزعة الاستهلاكية والخصخصة ودعم حرية السوق”.وتتجاهل الليبرالية الاقتصادية الجديدة(جوهر الفلسفة الاقتصادية للعولمة الرأسمالية)مستويات التطور الاقتصادي في الأجزاء المختلفة من العالم لأنها تستهدف فرض حرية الأسواق وحرية التبادل وضمان حرية حركة الرأسمال بصرف النظر عما تلحقه هذه السياسة من اضرار بالصناعات الوطنية وخلق حالة عدم التكافؤ والمساواة في العلاقات الدولية.

لقد انتقل التاريخ العالمي الى مستوى جديد اثر فشل نماذج الاشتراكية القائمة والاختلال الحاصل بين قوى وعناصر ومكونات العملية الاجتمااقتصادية،في نفس الوقت الذي تستمر فيه الثورة العلمية التكنولوجية في سيرها جارفة جميع الاتجاهات والمظاهر البالية الرجعية ومعززة مجتمع الانتاج وخاصة الاختراعات والتحسينات التكنيكية.وتصل انتاجية العمل الى درجات تتدفق فيها الخيرات المادية،ويتحقق فيض الانتاج والعمل عبر المجازفة والمباراة والمبادرة الجريئة اي الديمقراطية بأوسع مفاهيمها على كافة الاصعدة!ومع الوشائج المترابطة المتسارعة لميادين التصميم والانتاج والتسويق بعضها مع بعض والتغيرات العميقة في بنية الانتاج الاشد سرعة والاكثر مرونة والتغيرات البنيوية الواسعة العميقة في الاقتصاد فأن الملكية الأجتماعية لوسائل الأنتاج تبدو موضوعيا ومنطقيا اليوم كما هي بالأمس القريب الشرط الأمثل للتقدم العلمي والتكنولوجي والاجتماعي.ويظهر جليا دور الثورة العلمية التكنولوجية والثورتين المعلوماتية والتحكمية(Control Revolution) في نقل قوة العمل الأساسية الى ميدان المعلوماتية والخدمات لتصبح هذه القوة مزيجا من القوى الاجتماعية التي تضم طاقة المجتمع الذهنية والعلم ليتولد طراز جديد من العاملين في عموم الانتاج،التربة الخصبة لتوسع وتجذير قطاعات اليسار الجديد.اما الاحتكارات العالمية فتسعى الى تجنيد ثمار الثورة العلمية

التكنولوجية في خدمتها لتخفيف ازماتها الاجتمااقتصادية الدورية المستفحلة ولتكييف جهازها الانتاجي مع المتطلبات الجديدة وتعميق التبعية التقنية والتكنولوجية للبلدان النامية. وتدفع الازمة الهيكلية الدول الصناعية الرأسمالية نحو توسيع السوق والغاء الحواجز التي تقف في طريق التبادل التجاري الحر والغاء القيود التي تحد من انتقال رؤوس الاموال الباحثة دائما عن الاستثمار المربح.

هنا وجب استذكار ان احد اهم مظاهر مأزق الرأسمالية استغلال تراجع التجارب الاشتراكية وفشل بعضها لتثبت انها الخيار الوحيد امام البشرية.لكن التجربة العلمية تؤكد تفاقم الازمة البنيوية الشاملة للرأسمالية وعجزها،رغم نجاحات التكييف والتجديد،عن القضاء على الازمات الدورية المتتالية.كما ان فشل تجربة ما او نموذج ما لا يلغي ويسقط القيمة المضمونية،بل العكس هو السليم،فمضمون الاشتراكية الانساني والديموقراطي ملهم للشعوب من اجل المستقبل الافضل.

ظل النشر المعلوماتي جريمة يحاسب عليها القانون السوفييتي طيلة نصف قرن من الزمن سادت فيه الليسنكوية(نسبة الى مدرسة ليسنكو استاذ البيولوجيا في زمن ستالين وخروتشوف ومؤدلج اكاديمية العلوم في موسكو)والاساليب البيروية(نسبة الى بيريه قائد اجهزة الامن السري زمن ستالين).لقد تفوق السوفييت في انتاج الفولاذ والكونكريت والنفط والكثير من المواد الاساسية الاخرى خلال الثمانينات الا ان المواد الالكترونية وسلع الاتصالات الحديثة قد تحدد دخولها الى الاراضي السوفيتية وكانت تحت اشراف اعلى الجهات الامنية.كما منعت من النشر والانتشار اجهزة الاستنساخ والفاكس والحواسيب الشخصية(PC) والمعدات الالكترونية الخاصة بالمؤسسات والخرائط العلمية والتقنية والاحصاءات الديموغرافية الدقيقة والانترنيت والستلايت والهواتف الجوالة.فقد احكمت الطبقة السياسية الحاكمة والقيادة السوفيتية وبأشراف ضيق جدا،تسيير معابر السيل المعلوماتي الجديدة بأراضيها.فكان رفع القيود على

التحكم المعلوماتي الفرس الجامحة في البيريسترويكا،لكن الخلل في السيطرة على الحلقات التحكمية الرئيسية ادى الى تدمير حزب السلطة وزعزعة الدولة!لقد قبعت المعلومات كثمرة محظورة في كل زاوية وفي عقول الجميع في النصف الثاني من الثمانينات،لكن تدفقت فجأة الى البلاد معدات الاذاعتين المسموعة والمرئية الحديثة والملتيميدية(Multimedia). لقد انتج الاتحاد السوفييتي عام 1987 من الفولاذ ضعف انتاج الولايات المتحدة الا انه لم يمتلك في هذا العام سوى مائتي الف(حاسوب شخصي)مقارنة مع 25 مليون جهاز في الولايات المتحدة.

لقد طبعت الثورات التحكمية والمعلوماتية والعلمية التكنولوجية العالم بسماتها،وولدت الاوجه الكارثية للتكنولوجيا الحديثة الموت والدمار اللذين ميزا تاريخ العقود الاخيرة(حربان عالميتان بربريتان،هلوسة نازية،رعب ستاليني،سباق التسلح النووي،الانظمة الشمولية والدكتاتوريات الفاشية والعسكرية،جنون حربي الخليج،الحروب الاهلية في اوربا وافريقيا وآسيا)..هيروشيما والرعب النووي والخراب والدمار البيئي في العالم الصناعي المتقدم،الحوادث العرضية الخطيرة والانهيارات المفاجئة(حوادث المحطات النووية في ولاية بنسلفانيا سنة 1979،تشرنوبل السوفيتية سنة 1986،الانفجار في مستودع كيمياوي في سويسرة سنة 1986،فوكوشيما اليابانية سنة 2011،سرقات المواد المشعة كحادثة سرقة كمية من السيزيوم137 المشع من مركز طبي في البرازيل سنة 1987…)،الانفاليات الصدامية،واستخدام اليورانيوم المستنفذ DU من قبل القوات الامريكية في العراق عام 1991 و 2003!

حتى عام 1990،وخلال عقود ثلاثة فقط تشير الاحصائيات الى حدوث(113)كارثة طبيعية سببت وفاة(828439)فرد في كل انحاء العالم،واهلكت الفيضانات(6592)شخصا وقتلت الاعاصير الاستوائية وحدها(350299)فردا.وكان زلزال الصين عام 1976،الاسوأ وادى

الى مقتل(242)الف مواطن.بينما دمر اعصار جنوب بنغلاديش وقتل(132)الف شخص!

كانت الزلازل والفيضانات والتسونامي وموجات الحرارة والبرودة من بين 373 كارثة طبيعية مسجلة في عام 2010،ادت في مجملها الى وفاة اكثر من 296800 شخص،وتضرر ما يقرب من 208 مليون آخرين،والحاق خسائر تقدر بنحو 110 مليار دولار،وفقا لمركز بحوث اوبئة الكوارث.وقد تسببت الكوارث الطبيعية في الصين وباكستان في خسائر بلغت قيمتها اكثر من 27 مليار دولار،بالاضافة الى مقتل ما يقرب من 8500 شخص.وخلال عام 2010،وقعت خمس من اشد الكوارث المدمرة من حيث الخسائر في الارواح والسلع والبنية التحتية في قارة آسيا وحدها!

اكثر الكوارث تدميرا في عام 2010

الحدث

الشهر البلد الوفيات

زلزال

كانون الثاني هاييتي 222570

موجة حر

تموز و آب روسيا 55736

زلزال

نيسان الصين 2986

فيضانات

تموز و آب باكستان 1985

انهيار ارضي

آب الصين 1765

فيضانات

ايار الى آب الصين 1691

زلزال

شباط شيلي 562

زلزال

تشرين الاول اندونيسيا 530

موجة برد

تموز الى كانون الاول بيرو 409

انهيار ارضي

شباط و آذار اوغندا 388

المصدر:مركز بحوث اوبئة الكوارث

جدول احصائي دولي معلوماتي عن الكوارث الطبيعية المعاصرة في ربع قرن

الكوارث الطبيعية اعوام(60-1990) الخسائر الاقتصادية (مليار دولار) الضحايا (آلاف) عدد الاحداث

الزلازل

65 439.5 6 زلزال/سنة

البراكين

غير مقدرة 28.7 غير مقدر

الاعاصير الاستوائية

34 350.3 غير مقدر

الفيضانات

50 6.6 غير مقدر

الجفاف

غير مقدرة غير مقدرة غير مقدر

جدول مقارن للكوارث الصدامية بالصراع العربي الاسرائيلي

نمطية الصراع السنوات التكاليف التقريبية(مليار دولار) الضحايا(الف نسمة) عدد المشردين(مليون نسمة)

القسم الاول:

الخارجية

العراقية- الايرانية

80- 1988 600 300 1

الخليج الثانية

90-1991 120 20 1

القسم الثاني :

الداخلية

60-1991 300 20 1

الانفال

87- 1988 250 1

الخسائر الاجمالية

1020 600 4

الصراع العربي-

الاسرائيلي

48-1991 200 300 3

جدول معلوماتي عن الكوارث البشرية في ربع قرن

الكوارث البشرية اعوام60- 1990 الخسائر الاقتصادية مليار دولار الضحايا عدد الكوارث

حرائق الغابات

تدمير (1.7) مليون هكتار من تسرب النفط على اليابسة والبحار ويشمل التدمير العراقي عام 1991 غير مقدر (50) الف في حوض المتوسط فقط

حوادث ناقلات النفط

تسرب (3) مليون طن 1000

حوادث آبار النفط

البحرية

تسرب (475) الف طن

تدمير العراق آبار النفط

الكويتية

تسرب (8) مليون طن 613

الحوادث النووية والترسانة النووية والكيمياوية

عدد التجارب النووية منذ

عام 1945 حتى 1990

1818/ (489) في الجو (1329) تحت

عدد الرؤوس الحربية

النووية عام 1990

(50)ألف راس تعادل (20) ألف

الاخطاء النووية الخطيرة

حتى عام 1990

8

التسرب الكيماوي

الصناعي

8 180

الانفال والاستخدام

الحربي الكيمياوي

250 غير معروف

ولم تتضمن الجداول اعلاه كوارث الحروب العظمى والمحدودة في نفس الفترة ومخلفاتها من ملايين القنابل غير المتفجرة.ففي فيتنام تركت حوالي(2)مليون قنبلة دون ابطال مفعولها.وفي مصر ورغم المجهود الحربي لازالت آلاف الالغام متوزعة في خليج السويس وسيناء،بينما ابطلت بولندة وحدها منذ عام 1945 مفعول (14849000)لغم ارضي و(73563000)قنبلة وقذيفة!اما مخلفات الحروب الخليجية في مياه الخليج العربي وشط العرب وداخل الاراضي العراقية والايرانية والكويتية فحدث ولا حرج!

كل هذا الدمار والخراب كان منبعا لا ينضب لتوسع قطاعات اليسار الجديد وحتى نشوء الحركات الاجتماعية المعادية للتكنوقراطية وقاعدتها الاجتماعية:الحركات المعادية لنشر السلاح النووي والحركات المناضلة من أجل البيئة والمدافعة عن سلامة الطبيعة والتوازن البيئي والحركات الاجتماعية النسائية التقدمية..

اليسار الجديد حاله حال كل الحركات السياسية والاجتماعية تنسلخ منه فئات ويواجه احيانا جماعات اليسار الرث او حثالات اليسار التي تدعو لمشاريع التعاون الطبقي كالاصلاحية والانتهازية والتحريفية والاقتصادوية النقابية والبراغماتية النفعية الذرائعية وتيارات السفسطة والتبريرية ومنها الروزخونية اي السفسطة الدينية!فالرثة والحثالة ليست حكرا على طبقة وفئة وحركة دون غيرها بل تعبيرا عن تذبذب الشرائح الاجتماعية التي تبدو وكأنها شرائح فقدت هويتها الطبقية والسياسية!

عموما تشكل الشرائح الطبقية الرثة او الحثالات الطبقية قاعدة الرأسمالية الجديدة في العراق والتي تتعامل مع الانشطة الطفيلية وخاصة التجارة وتهريب المحروقات وتمارس قطاعات عريضة منها الفساد والافساد،وتنظر الى العراق باعتباره حقلا لاعمال المضاربة،تنشر فيه اقتصاد الصفقات والعمولات وتقيم مجتمع الرشاوي والارتزاق وتدمر منظومة القيم الاجتماعية.

اليسار الرث هو حثالات اليسار المهمشة قسرا والمنبوذة او المتساقطة في معمعانة التقدم الاجتماعي حامي الوطيس،وهو مهنة رابحة في ظل مغريات وتهديدات الفئات المتنفذة والطبقة السياسية الحاكمة!ويعكس اليسار الرث:

1. الولع بالخروج عن النسق العام لليسار والسقوط المذل في خدمة المنظومة الشمولية!

2. عجز اليسار الجديد على استيعاب هذه الفئات الاجتماعية وقاعدتها المتسعة دوما والتي يطلق عليها تعبير”الطبقة الوسطى”!

3. التأثير المتعاظم للوشائج دون الوطنية!

4. الانتقال من مواقع خدمة الشعب الى مستنقعات البورجوازية البيروقراطية والطفيلية!

وسط الفراغ والفوضى السياسية العارمة،والتمادي في الاستهتار واللاابالية والازمات السياسية المتتالية،وتردي الخدمات العامة ونمو التضخم الاقتصادي وانتشار البطالة والولاءات العصبوية،يتواصل مسلسل اليسار الرث المتعاون مع الطائفية السياسية الحاكمة ممن استغلوا مواقعهم الوظيفية كخبراء ومدراء وموظفين ومكانتهم الاجتماعية والسياسية كمتحدثين اخلاقيين الى وعن الشعب العراقي،وكأنهم خبراء متخصصين في سلوك وتصرفات هذا الشعب المغلوب على امره،ليحددوا له ما يصح وما لا يصح،ما يناسب وما لا يناسب،محاولين بث الشكوكية والريبة في صفوف اليسار الجديد ومهامه المدنية الديمقراطية وخلق اجواء من التوتر وعدم الاطمئنان في المجتمع،والاستهانة بالحركة الاجتماعية والتجاوز على استقلاليتها بشكل يتعارض مع الدستور باتجاه تسخيرها لخدمة السلطات الحاكمة الجديدة وتحويلها الى بوق في الفيلق الميكافيلي الاعلامي المهلل لها،وتجاهل ارادة اعضاء هذه المنظمات!

اليسار الرث آفة للمجتمع لأنه يكتنز الوصولية والتحدث دفاعا عن اكاذيب وحنقبازيات النظام والحكومة ولعب دور الشبيه بالمثقف من خريجي مدرسة سمعا وطاعة!يرددون كلمات الآخرين دون ان يكون لهم رأي او ملاحظة عليها،لا يحترمون الرأي الآخر ان كان يوافقهم ام يعارضهم،فرسان حوار وسفسطة فضفاضة من اجل فرض الرأي وليس حرية الرأي،يتبارون ظهورا حتى غدا الواحد منهم ما بين عشية وضحاها وجها اعلاميا بارزا!يتربعون موائد الخبرة والاستشارة ويبسطون آراءهم بالتلفيقات وخلفهم طابور طويل من المطبِلين والمصفقين فأضحوا ما بين غمضة عين وانتباهتها في عداد المفكرين والباحثين والمثقفين واصحاب النفوذ!يوزعون النصائح والبركات على المبتذلين،لا من جيوبهم الخاصة،بل من بيت مال الوطن وجيوب المواطنين المنكوبين.لا يستحون ولا يخجلون!وكيف لهم ان يخجلوا،وقد هيأت لهم السلطات وهيأ لهم اتباعهم عقد الندوات والقاء المحاضرات والمقابلات التلفازية والاذاعية وصناعة التتويج من اعالي المنصات؟!كما صنع لهم الفاشلون اصوات مسموعة يكشفون بهم سوءاتهم فيما يطرحون وما يقولون؟!وكيف لهم ان يقروا بفشلهم،والايام تلد لنا كل ساعة جيشا من هؤلاء حتى تضخمت ذواتهم فصدق البعض منهم صوته النشاز بعد ان طبل له المطبلون،وزمر له المزمرون فغدت ال(انا) تنمو وتنمو حتى اصبحت:انا ربكم الاعلى!!

اليسار الرث كالعملة المزيفة بين ارباب الصناعة والمعرفة،ثلة من المحسوبين على اليسار الا انهم من اصحاب الفكر المحدود والثقافة المحدودة الفارغة التي لا تمت للمنطق بصلة!يطلقون الوعود كأسيادهم ويفبركون الادعاءات ويخدعون الرأي العام بالكلام المعسول والتصريحات الجوفاء ويلجأون الى اساليب التزويق البياني والزخرفة اللفظية،من (الشطار) الذين يعرفون من اين يؤكل الكتف وخبراء فى التضليل والتزييف،يتزببون قبل ان يتحصرموا،ويسمونهم ايضا يسار وخبراء النقطة – اي يتنقلون بين العناوين او يعلمون نقطة من كل بحر!تراهم يهرعون وراء المغانم ولذة السلطة،تلوثوا بتلميع صورة الحكام،ويتبنون سياسة تأييد

الراهن واشاعة ثقافة الخنوع والارضاء والاغضاء وشل روح المعارضة والاحتجاج والمطالبة بالحقوق،سياسة تركيع الارادات واشاعة الخوف واليأس وغسل الأدمغة والتجهيل،والغاء العقل النقدي والتنوع في الرأي،والتهميش والاقصاء ومحاولات اسكات الاصوات واستغلال عوز الملايين ومعاناتهم ولهاثهم وراء لقمة العيش لتيئيسهم،وبالتالي خلق الاستعداد لتنازلهم عن حقوقهم.

عند اليسار الرث القضية الاساسية تكمن في انجاز الاعمال المفيدة وما هو مربح للرأسمال،مناسبة او غير مناسبة،ترضى عنها الشرطة ام لا ترضى.وبدلا عن البحوث المجردة تظهر المماحكات المأجورة،وبدلا عن التحقيقات العلمية يظهر الضمير الشرير والغرض الاعمى للدفاع عن النظام القائم ودولة القانون.

يدافع اليسار الرث في العراق عن اسيادهم المؤمنين ان ما يعتقدون به حقا لهم يجب ان ينتزع بالقوة لأن رصيدهم المال العام والدولة النفطية الريعية والماكنة العسكرية الميليشياتوية!ويدافع اليسار الرث عن جولات التراخيص المهينة مع الشركات النفطية الاجنبية العملاقة والتي حولت الدولة الى مهزلة تسيطر نظريا على النفط بينما تبقى مقيدة بصورة صارمة بشروط في العقود،بعد ان منحت الاحتكارات الضخمة اليد الطولى في ادارة ما يزيد على 70% من الاحتياطي النفطي المثبت ولمدة عشرين سنة قابلة للتمديد!لأن عقود الخدمة النفطية ادلة دامغة على الاهداف غير المعلنة لنزع ملكية الشعب العراقي لثرواته النفطية والغازية على مراحل!وتعد سياسة بيع النفط العراقي المركزية منذ عشر سنوات وعدم حصول الشعب العراقي على اية منفعة او فائدة من عائداته سرقة فاضحة وعلنية.الحكومة الاتحادية تتصرف بالعائدات الهائلة لثروة النفط لا على نحو يحقق للشعب الأمن والحرية والكرامة والتنمية والازدهار!ولا أثر لها يُذكر في حياة العراقيين!

يدافع اليسار الرث عن سياسة حسين الشهرستاني”على جهل او فعل مقصود لتخريب اسس الوطن”في رفض التنظيم النقابي العمالي

في القطاع النفطي واشاعة ثقافة احتقار العمل وعدم احترام دور العمال وكياناتهم وتنظيماتهم النقابية واشراكها الفعلي في رسم سياسة التطور الاقتصادي!كما يدافع عن تصريحات ووعود اسياده عن قرب انتهاء ازمات النفط والكهرباء،وانجازاتهم التي تستعصي على العقل البشري ذكرها!

لا يختلف اثنان ان العقلانية والعلمانية تقطع الطريق على العقل الايماني الذي يعيد انتاج الدوغما والفئوية والخطاب البراغماتي التبريري ويحول الدين الى مجرد وقود سياسي،فهل يستخدم فطاحل اليسار الرث عقولهم ولو مرة؟!الحكومة القادمة في بلادنا تنتظرها مهام جسام ترتقي الى مصاف المهام المصيرية التي تستلزم اولا استحضار الوعي السياسي والديمقراطي،والاقرار بواقع الاخفاقات الحكومية السابقة والردة الحضارية وانهيار الخدمات العامة والتضخم الاقتصادي والبطالة،والجهل باوليات القضية النفطية العراقية،كون النفط هو جوهر قضية التحرر الوطني والاجتمااقتصادي في العراق..

أحدث المقالات