18 ديسمبر، 2024 9:43 م

أمتنا والضباب الاستراتيجي!

أمتنا والضباب الاستراتيجي!

حين حلّ علينا عام ٢٠٠٣ الكئيب عراقياً، كانت وسائل إعلام النظام تتحدث عن الانتصارات، والمساجد تضجّ بالتكبيرات، والآمال بين أخذ ورد.

لم يكن بعضنا يعلم وقتها أن قرار غزو العراق متخذ من زمن، والبعض الآخر كان يعلم بالقرار لكن لم يصدق ما يقال لعدم قناعته بأن القوى الكبرى لا تخجل او تخشى شيئاً من كشف خططها!

لذا.. كنا ننتظر وقتها نصراً او انقاذاً والعدو يتوغل بطريقة متطورة في اراضينا، ويمسك بمفاصل الحياة إلى درجة إعلان كسب المعركة في غضون أيام!!

اتذكر اليوم هذه القصص وانا اتابع حالة السذاجة – وذلك وصف مهذب لحالنا – ونحن نتعامل مع الأحداث التي تحيط بنا، سابقاً ولاحقاً، ليس هذا فحسب وإنما اعتماد وسائل إعلام خارجية لمعرفة ما يجري في داخل بلدنا المثخن بالقلق!

العدو ما زال يسعى ويعمل جاهداً لتغيير وجه العالم، وهو يتخذ كل الوسائل السلمية والعنفية دون هوادة، ويوظف قدراته التكنولوجية لمباشرة فعله قبالة معسكر ما زال غارقاً في بحر الأوهام اللذيذة!

إن قانون التغيير الذي جعله الله سنة لنا يتضمن البدء بتحسين الذات، ويوفر الفرص التي قد تلوح من وسط المأساة، ولكنها تتبدد ما لم ينتبه لها او يعمل على استثمارها.

كم فرصة مرت على بلدنا؟

كم مثل طوفان الأقصى من لحظة تاريخية فارقة لخلع ثياب التطبيع البائسة؟

كم وكم وكم!!

ان فوات الفرص كذلك يمثل درساً عميقاً، فالمعركة كما يبدو ستبقى غير متكافئة بين عدو يحسب كل خطواته حتى المتهورة منها، وبين صاحب حق يسير في طريقه دون خطة ومعتمداً على نواياه الطيبة وحسن ظنه بما يحيط به، ويقع تحت وطأة ضباب استراتيجي يعيق الرؤية الصائبة والبصيرة النافذة نحو حقائق الأشياء.

إن أحداث العام الأخير أثبت للجميع وجود خلل في منظومة التفكير، واضطراب في تقدير المواقف، ناهيك عن عدم الإيمان والقناعة أبتداءً بالقراءات المسبقة والرؤى العلمية التي تصف المواقع وتحدد سبل النجاح، والاكتفاء بالانطباعات التي تصل بالإنسان إلى لحظة التوهم والبناء على الفرضيات الخاطئة أوطاناً من الرمال!!

العالم يتغير وتحدد مواقع الجميع ومنهم نحن، ونحن لا نستغني عن خرائطنا القديمات.