أظهرت إحصائية , إن مبيعات مزادات البنك المركزي العراقي من الدولار قد بلغت 15 مليارا و280 مليونا و 493 ألف دولار خلال الثلث الأول من العام الحالي , أي للأشهر ( كانون الثاني , شباط , آذار , نيسان ) من سنة 2014 بزيادة تقدر بمليار دولار تقريبا عن مبيعات البنك في الثلث الأخير من سنة 2013 , التي بلغت 14 مليارا و328 مليونا و983 ألف دولار , وتشير الإحصائية بان المبيعات خلال شهر آذار الماضي قد بلغت 4 مليارات و607 ملايين و 335 ألف دولار , وهي المبيعات الأعلى منذ شهر أيلول 2013 , وحسب البيانات اليومية للبنك المركزي فان المبيعات قد تمت بسعر صرف مستقر بلغ 1166 دينار لكل دولار .
يذكر إن البنك المركزي العراقي يعقد ست جلسات للمزاد في الأسبوع لبيع وشراء العملات الأجنبية بدءا من يوم السبت إلى الخميس ومعظمها هي لبيع الدولار وليس لشرائه , وحسب معلومات رشحت فان أعلى أرقاما للمبيعات قد تحققت خلال الستة اشهر الأخيرة قد جرت في يوم 21 نيسان الماضي , إذ بلغت 280 مليونا و 229 ألف دولار , وهو واحد من 8 أيام خلال العام الحالي التي تجاوزت فيها المبيعات 200 مليون دولار يوميا , وبموجب بيانات مؤكدة تم جمعها من الأسواق المحلية فان سعر صرف الدولار مقابل الدينار خلال شهر نيسان الماضي قد ارتفعت إلى 1250 دينار , وفي أحسن الأحوال فقد وصلت الأسعار إلى 1220 دينار للبيع و 1230 دينار للشراء .
ويبدو إن مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار لم تتأثر إطلاقا بموضوع المصادقة على الموازنة الاتحادية , فهي تزداد شهرا بعد شهر رغم إن الأسواق المحلية تشهد ركودا في التداول السلعي لا سيما السلع المعمرة والمنزلية والعقارات عدا ما يتعلق بالمواد الغذائية , الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبي في الأسعار لغياب الطلب الحكومي من الأسواق , باعتبار إن الموازنة الاستثمارية شبه معطلة والموازنة التشغيلية تتم بحدود 1/ 12 من الإنفاقات الفعلية لسنة 2013 , وقد ربط البعض العلاقة بين الزيادة في مبيعات المركزي إلى الإنفاق العالي على الدعايات الانتخابية والإقبال العالي على السفر إلى خارج العراق والى إقليم كردستان الأمر الذي أدى لان تكون نسبة اقتراع الناخبين بحدود 62% فقط ؟؟؟؟.
ومن التساؤلات المشروعة بخصوص مبيعات الدولار من البنك المركزي العراقي التي تجاوزت 200مليون دولار في بعض الأيام , ما يتعلق بعلاقتها بالتنمية والاستثمارات التي تجري داخل البلد , وهي علاقة يمكن الاستدلال عليها بكل بساطة من خلال تغلب النمط الاستهلاكي على الاستثماري في الاقتصاد العراقي , لدرجة إن بعض الدراسات قد أشارت بان إيرادات بيع النفط باتت تشكل 70% من الناتج المحلي الإجمالي , ويعني ذلك إن القطاعات الأخرى سواء الحكومية أو غير الحكومية لاتبلغ مساهمتها سوى30% من الناتج المحلي الإجمالي , وهو يشير من الناحية الاقتصادية إن الإنتاجية والكفاءة الاقتصادية للدولار أو الدينار منخفضة جدا عند مقارنتها باقتصاديات الدول الأخرى المتقدمة والمتخلفة .
ومن الناحية الحسابية فقط , فان الأرباح التي تحققها مبيعات الدولار من البنك المركزي تعطي أرقاما مشجعة في ولوج هذه المهنة أو الحرفة (تجارة العملات ) , فشراء الدولار من المزاد يتم بسعر 1166 دينار ويتم بيعه للأسواق بسعر 1220 دينار على الأقل , وبذلك يكون الربح المتحقق 54 دينار عن كل دولار أما نسبة الربح من بيع الدولار الواحد فهي 4,6% يوميا , ولوجود ستة أيام مبيعات في مزادات المركزي فان النسبة ترتفع إلى 27,8% , وعلى فرض بان الشهر يتكون من أربعة أسابيع فان نسبة الربح من بيع الدولار الواحد ستكون 111% , وهو مايعني بان كل دولار له القدرة على أن ( يبيض ) أو ( يلد ) بقدره مرة واحدة في كل شهر , ولكم أن تحسبوا مقدار مايجنيه الدولار خلال مبيعات البنك المركزي من أرباح مجزية خلال السنة الواحدة , في عمل خال من المخاطرة وليس فيه جهد ولا يحتاج إلى استثمارات ضخمة لان كل مايشترى يباع باعتبار إن الدولار يتمتع بأعلى طلب في الأسواق .
ومن الغريب حقا , إن أسعار صرف الدولار مستقرة في مزادات البنك المركزي ومتقلبة في الأسواق المحلية , لدرجة إن المواطن يتفقد أسعار بيع وشراء الدولار يوميا بينما هي ثابتة في اغلب البلدان ومنها لبنان على سبيل المثال فأينما تذهب فالسعر فيها 150 ألف ليرة لكل 100 دولار, وقد كان الجمهور ينتظر تغيرا ملموسا في مبيعات البنك المركزي العراقي التي وضعت عليها العديد من التساؤلات وعلامات التعجب قبل تغيير إدارته السابقة المكونة من المحافظ سنان شبيب المختفي خارج العراق ونائبه مظهر محمد صالح الذي خرج بكفالة من التهم الموجهة إليه , فضلا عن العديد من المدراء والموظفين الذين خضعوا للتدقيق والتحقيق , ولكن المبيعات بقيت على حالها وربما ازدادت رغم إن الأسواق لم تشهد تغييرات جوهرية أو جزئية .
وفي خضم هذه الزيادة في المبيعات تطرح تساؤلات لم تتحول إلى اتهامات من قبل الجهات المعنية , تتعلق بغسيل الأموال والتهريب خارج العراق والتواجد الشكلي لمعظم المصارف الأهلية لأنها تثري على حساب هذه المبيعات , وبإمكان المتتبع لإيرادات بيع النفط شهريا أو سنويا المقارنة بين مايدخل للعراق من تلك المبيعات ومبيعات المركزي العراقي من الدولار , وبحساب بسيط لايحتاج إلى مزيد من التساؤلات المشروعة , سيتم اكتشاف بان اغلب ما يدخل للعراق من دولارات تخرج بهيئة تحويلات أو تهريب والباقي يدخل في صندوق الاحتياطيات وبذلك يتحول النفط إلى وسيلة للمقايضة وليس لزيادة الثروات .