18 ديسمبر، 2024 7:56 م

تأملات في مستقبل العلاقات الدولية

تأملات في مستقبل العلاقات الدولية

العلاقات الدولية ،، وفقا لعلم السياسة،، هي سلسلة تبادل للسلع والأفكار والعيارات النارية ، وهي دوما في حركة دائبة وإنانية مطلقة وتوتر مستمر ، عليه فإن التبادل هو أساس كل علاقة بين الدول ، وقد نظم مؤتمر فينا لعام 1815 العلاقات بين الدول على أساس مبدأ الاعتراف بالسيادة للدول ، وأسس الدبلوماسية الحديثة ، ومنها صار للعالم تنظيم دولي وضعت تفاصيله مؤتمرات جنيف وفينا ، وانشاء عصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة ، والباحث يجد من خلال هذا التطور التاريخي للعلاقات الدولية ، أن التبادل سواءا أكان تجاريا أو فكريا أو إطلاق نار بات يعتمد على مسلمة جديدة هي التكتل بعد التبادل ، وصارت الدول تتجاذب مع بعضها مشكلة دول المحور في الحرب العالمية الأولى ، ودول الحلفاء وألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية ، وبعد تلك الحرب انقسم العالم نم جديد إلى حلف الناتو ، وجوابه حلف وارسو ، وبعد أفول نجم الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية بعد العام 1991، كان على الغرب الجنوح نحو الاسترخاء السياسي وتقليص الجهد العسكري وزيادة منسوب النمو الاقتصادي ، غير أن ألويلايات المتحدة منذ التسعينات نقلت عدائها التقليدي للاتحاد السوفيتي السابق إلى الاتحاد الروسي ، وفقا لنظرية التوارث الدولي في القانون الدولي العام ، اضافة الى ما اضافه الرئيس ترامب من تناقض صريح مع المصالح الصينية متجاوزا ثوابت الرأسمالية ، عندما فرض الحماية التجارية في التعامل مع الصين ، ورفع درجة العداء معها بشأن تايوان ، واليوم تتنقل الأساطيل الامريكية في المحيط الهادئ وبحر الصين الجنوبي عند تخوم الفلبين وتعمل على مواجهة القطع البحرية الصينية ، بعد أن أقامت أربعة قواعد عسكرية أمريكية في الفلبين ، وبالمقابل دفعت بأوكرانيا للمطالبة بالانضمام إلى الناتو ، مما تسبب في قيام الحرب الأوكرانية الروسية ، واعلنت عدائها الصريح لخط الغاز الروسي الثاني المتوجه إلى ألمانيا ، ومنها إلى أوربا ، وكانت كل هذه التصرفات الأمريكية عاملا في تغيير الجغرافية السياسية للعالم ، فظهرت من جديد واقعية الثنائية القطبية لتدفع التحرشات الأمريكية بالصين ووقوف الغرب إلى جانب اوكرانيا كل من روسيا والصين للتقارب ، مشكلتين ثنائية دولية تنزع للتفوق الاقتصادي والعسكري على الويلايات المتحدة والاتحاد الأوربي ، خاصة وأن الاتحاد الأوربي غدا هرما بالقياس إلى قوة الصين وتفوق روسيا النووي على الويلايات المتحدة . ونزوع الهند لأن تكون إلى جانب روسيا ، ونهم كوريا الشمالية بالتحرش بالغرب وتوابعه في آسيا عليه ، فإن سلسلة التبادل غدت اليوم ، قائمة على تكتلات اقتصادية عملاقة تراجعت عندها العولمة وتقدم طريق الحرير في جدلية بدأت في افريقيا ووصلت إلى الشرق الأوسط ومنه إلى ايران ، وصار تبادل السلع بموجب اتفاقيات صينية مغدقة على دول بلغ تعدادها الخمسين ، وانحسر عندها النفوذ الأمريكي مبدئيا في افريقيا ، والتدافع الصيني الأمريكي اليوم صار واضحا في الشرق الأوسط ،
أن تعاظم دور الصين ونهوض روسيا رغم الحرب الأوكرانية وميل العرب جراء النكول الأمريكي المستمر بمصالحهم ووقوفها بالحق والباطل مع إسرائيل ، كل هذه المقدمات ستكون عوامل لنشؤ علاقات دولية جديدة ، يتراجع فيها الدور الأمريكي ويتم مرحليا عزل إسرائيل ، وسينتهي عندها استقلال تايوان ، أما ما يجري لروسيا فإنها في النهاية ستحصل على حياد اوكرانيا ، وسيكون لها يدا طويلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، اضافة الى عودة الغاز الرخيص إلى أوربا الغربية……