22 ديسمبر، 2024 7:11 ص

الحركة في ماهية الخلق:
من يدرس الكون سيجد انه في حركة وبأنواعها وهي حركة إهليجية سريعة وفق المعايير والقياسات البشرية، حتى الشمس التي تدور حولها كواكب المجرة تتحرك أيضا وكلها متجهة الى حيث أراد الله لها مستقر والمستقر هو نهاية حياتها ورحلتها، بل المجرة كلها تدور وكل بحركته يشكل جانبا من الظاهر وديمومة الحياة والتعاقب الزمني والمعايير والقياسات والجاذبية وتغيير الفصول وبالحركة توسع للكون وثبات، الماء المتحرك الجاري لا يتأسن فان ركد تأسن مع الوقت وبتتابع التقادم كما يشير الإحساس الذي تكونه كلمة (يتأسن وتقادم) لان البكتريا والحشرات وما يسبب اسنه يكون فاعلا عند الركود.
التأسيس والإنبات:
الحركة أنواع وتسمياتها عدة تصف السير ورد الفعل، فان أتينا للحركة في الحياة المدنية وما يتعلق بها من سياسة واقتصاد وأمن، وهذه أيضا مسارات فهي مسارات إنتاجية أو مخرجات لكل منظومة في الواقع، وهذا ما يحتاج الى تأسيس وتخطيط أو مسارات إصلاح أو صيانة لأمور ومنتجات تحتاج إلى صيانة وهذه تلزمها المتابعة والا تهدمت واندثرت ولمّا تنتهي مهمتها زمنيا.
والتأسيس يحتاج إعداد وإرساء الجذور للثبات وليس الإنبات لان العواصف والرفض والتحديات كثيرة في تغيير وإصلاح الحياة، ومالم يك التأسيس جيدا والتجذير والارتكاز ثابتا فستنكسر المنظومة.
لننظر الى أشجار الخيزران تطرح البذور وتسقيها لسنين لا ترى إلا برعما ثابتا لا يكاد يرى بينما تمتد الجذور على رقتها لتؤسس لنمو الخيزران فبعد الصبر لخمس سنين تبدأ الحركة والنمو في الساق لترتفع مترا في اليوم أو اقل من هذا لتصل الى ثلاثين مترا ومائة مترا وهي تقاوم الريح وتصمد لتحصد وتقام عليها الصناعات.
العمل المدني والفكري الحضاري كالخيزران لا يأت عشوائيا أبدا؛ وإنما تنشأ له مراكز دراسات تسقى بالطاقات وتتغذى بالدعم المالي والفكري وتضع الخطط وتتعلم وتعلم وتقيم الدورات والندوات وتثقف الكوادر المعدة للبناء ثم يمارسون القيادة للفكر والعمل لكن لا ينفصلون عن هذه المراكز التي تصوّب في الخطط وما يوجب التغيير أو الإصلاح وكيف تتغير المسارات وما هي الحلول عند الأزمات والمنعطفات.
معنى النجاح:
الأغلبية من الناس تقيم النجاح على مخرجات الإنسان وليس على تفاعلها مع البيئة وما أفادت منظومته أو منظومة المجتمع ككل، بل هنالك مقاومة وتسفيه وتجاهل واستخفاف بالمنظومات البشرية المنتجة للفكر أو التي تدل الآخرين على طريق الرشاد، لأنها منظومات تدعو الى تشغيل وحركة وجهد للإنجاز والتغيير وليس لديها قوة إلا قوتها في الفكرة والعزيمة، وإرادتها مقيدة بفهم المجتمع وجهوزيته للنهضة لهذا نجد أن من يهرب من هذه الطاقات من منظومة مجتمعه الى مجتمع حاضن تبدو كفاءته واضحة وفاعليته متعاظمة فيكتفي مجتمع كمجتمعنا الجغرافي بالتباهي بالمنجزات وربما لومه لما قدم في بلد آخر ولم يستفد منه بلده، والحقيقة أن هذا النوع من المتكلمين هم احد أسباب تعطيل الطاقات لأنها تتصور نفسها تفكر وتعمل بينما الحقيقة أنها مريضة بالتكديس وليس الإبداع.
الجدل العقيم والنجاح:
من معالم الأمم المتخلفة هو الجدل العقيم وعبادة الأشخاص وتقديسهم وهم ليسوا أنبياء، وحتى الأنبياء يصوب الله أفعالهم وكلامهم بالوحي والقرآن زاخر بهذه التصويبات للأنبياء، فتقديس الناس من معالم التخلف وفشل للمنظومة العقلية، فانت أمام الله فردا تلك فكرة النهاية والرقابة والحساب، وأنت في الحياة ضمن مجتمع لابد أن تبنيه بالصواب واتباعه وليس بجدل عقيم لا فائدة منه ولا مخرجات ويضيع الهمم والقدرة على تحويل المعطيات الى عمل منظم.
الجدل مفيد في مراحل تكوينية عندما تناقش الفكرة قبل إنضاجها لمعرفة سبل تأثيرها وأين ستؤثر وما هي فوائدها الجانبية وأضرارها العرضية المتوقعة وكيفيه معالجة أو الاستفادة من كل هذا كفكرة أولية انتظارا لظرف العمل والتكتيك أو التخطيط المرحلي في إعادة النظر بالفكرة الموضوعة في الموازنة العامة لأي عمل فالموازنة هي مخرجات التخطيط في نواحي عدة والتخطيط في امر جزء من الموازنة، فهنالك التخطيط في المال والتخطيط في الفكر وتوجهاته وكيفية طرحه بالعموم، وهنالك التصاميم في موازنة المشاريع وبحوث العمليات في التنفيد والتي تعدل أثناء التنفيد وفق مستجدات المعطيات، وهذا نظريا شامل للحراك البشري.
الجدل العقيم عند ركود الفكر عند ظن الاكتفاء والعالم يسير ويتحرك، تثبيت فكرتك مثلا عن فعل شخص عمره في العشرين، ثم تأتي بذات نظرتك ومصر عليها وهو في الخمسين، ملغيا الزمن، كذلك خطابك لامة في القرن الواحد والعشرين بعقلية القرن الثامن أو العاشر الميلادي، أنت تخاطب نفسك ولا تخاطب الناس، بدون أن تدرس وتعيد النظر والتخطيط فلا نجاح، النتيجة من كان متدينا فانه سيكفر الآخرين ويعتبرهم خارج الطاعة دون أن ينظر الى أن خطابه ليس مناسبا.
ومن كان علمانيا ومن أحزابها أو فكرها فسيُخَوّن الأمة أو أي شخص يناقضه أو يطرح سلبية لقائد حركة يقدسه وكان الباطل لا يأتيه من خلفه أو بين يديه فهذا بسبب الركود عند زمان ومكان وفكرة ولم يتطور في ذهنه واقتنع انه سيقاتل من ساتره العالم الذي يتغير بدل إصلاحه أو مراجعة فكره أن كانت الغاية مما يحمل مصلحة بلده فليعلم أين المصلحة، أن العبودية للأشخاص بتنزيههم كالآلهة وعبادتهم بهذا التنزيه رغم أنك تسجد لله في ظنك، وان البحث عن الفكرة الصواب هي حقيقة سلامة المنظومة العقلية وصحتها ونفعها للبشرية؛ أن العالم يتغير وهندسة الخليقة تنبهنا لهذا، فالكون قيامته بتوقف حركته فينهار كل شيء.