18 ديسمبر، 2024 9:11 م

أولمبياد باريس والامن العراقي

أولمبياد باريس والامن العراقي

يقول المثل الانكليزي الشهير (لو كانت أوروبا منزلا لكانت روسيا هي المكتبة، وبريطانيا هي البهو، و إيطاليا هي المطبخ، وفرنسا هي المرحاض) ليس أكثر من هذا المثل بإشارته ليكون دلالة على مكانة الانحطاط الفرنسي الذي تابعناه ومعه توقفنا على ما يحصل هناك في باريس خلف كواليس الإعلام حيث يعاني سكان الضواحي الباريسية وحتى قبيل انطلاق أولمبياد 2024 من مشقة ازدحام العاصمة وصعوبة الإجراءات الأمنية فيها على خلفية انطلاق الألعاب الرياضية لأجل توفير فرصة للوافدين على التنقل والمتابعة وإن يكن على حساب إيقاف عجلة الحياة المعتادة التي عبر عنها السكان بأن الأولمبياد أقيم وبالاً عليهم وعلى ظروف حياتهم الصعبة أصلاً فهم مطالبون بتغيير طريقة تنقلاتهم المعتادة خلال فترة الألعاب الأولمبية 2024 بسبب اكتظاظ المواصلات العامة، لا سيما مترو الأنفاق الذي يستخدمه الملايين يومياً.
لكن على الرغم من الازدحام في هذا القطاع، إلا أن عدداً كبيراً من سكان الضواحي لا يملكون خياراً آخر سوى وسائل النقل العام، ولا يحتاج الحال كثيراً من الفراسة لاكتشاف مدى التذمر الذي يعانيه الناس هناك، وفيما صُمم هذا الحدث الرياضي ليكون احتفالاً شعبياً واجتماعياً، يواجه عشرات الآلاف من العمال والكسبة والطلبة أوضاعاً محفوفة بالمخاطر وهم يعيشون حالة من حظر التجوال والمنع الذي فرضته الشرطة بتعسف قل نظيره وبتعامل أقل ما يقال عنه إنه يتسم بالعنف المفرط.
وفي الأيام الأخيرة التي سبقت انطلاق الأولمبياد، طالت عمليات الطرد الممنهجة نحو 13 ألف شخص معظمهم من المهاجرين، بزيادة قدرها 38.5% مقارنة بالفترة بين 2021 و2022، وفق تقارير نشرتها عدة جمعيات استنكرت خلالها رغبة منظمي الأولمبياد في إخفاء مظاهر الفقر.
ويبدو أن اللجنة المنظمة والسلطات الفرنسية تعطي الأولوية لصورة المدينة الزاخرة بالمثلية على حساب رفاهية مواطنيها الأكثر ضعفاً، وبينما تتزايد انتقادات رواد منصات التواصل لما وصفوه بـ”ألعاب العار”، يستمر الأولمبياد في إظهار العاصمة بأبهى حلة، ولكن بأي ثمن؟.
الحقيقة وأنا أتابع عشرات التقارير التي تتناول الأوضاع الحالية في باريس وعدة مدن فرنسية لا تقوى على تحمل بضعة آلاف من الرياضيين والوافدين إليها وبحجم الإنذارات والترقب الحذر الذي لا سابق له، كنت أقارن الحال مع ما يحصل لدينا وحصل من استيعاب ملايين الزائرين الذي يفوق العشرين مليوناً في الزيارة الأربعينية وكيف يتم احتواء الجميع بأريحية وحالة من المرونة التي توفرها قواتنا الأمنية البطلة للجميع بطيب خاطر ونكران ذات مع كل ما نعانيه من ظروف صعبة تخص الطرق والبنى التحتية، لكن الأمور تسير على خير ما يرام بأكبر توجه مليوني عرفه العالم وأكبر عمليات وخطط أمنية مدروسة تؤمن هذه الأعداد الهائلة بكل احتراف ومهنية.
أعتقد أن على منظمي الأولمبياد والمؤتمرات العالمية أن يرفعوا القبعات لأبطال العراق وآلية عملهم الرصينة التي تقدم الى العالم دروساً مجانية في علم الاحتواء والتعامل العسكري الأمني المدروس مع الأعداد الهائلة من الوافدين وهو ما يحق لنا أن نفخر به وبالإمكانات والعقليات التي تديره بكل سلاسة، وهنا يكمن سر الأصالة والحضارة والكرم والشهامة المتجذرة التي تعرف الإدارة الفطرية قبل المكتسبة وتتعامل مع الواقع باقتدار وتجربة وخبرات متراكمة للجندي ورجل الأمن العراقي الذي أضحى خلال المواسم المليونية مدرساً وطبيباً وأخاً للجميع لا تشعر بحجم ما يقدمه من أول دخولك الى المراقد والمدن المقدسة وحتى لحظة إيصالك الى مناطق سكنك بسياراتهم وآلياتهم العسكرية، يطيب لي أن أعبر عن شعوري بالفخر وأنا أسير وسط هؤلاء الأبطال وأدرك تماماً حجم تضحياتهم لأرفع لهم القبعة وأقول للغير أن يتعلموا من مدرسة العراق .