20 سبتمبر، 2024 12:29 ص
Search
Close this search box.

لماذا كل هذا العداء لثورة 14 تموز؟

لماذا كل هذا العداء لثورة 14 تموز؟

لم تكن ثورة 14 تموز عام 1958 مجرد حدث طارئ ، أو انقلاب قام به مجموعة العسكر للوصول إلى السلطة ، إنما كانت حدثا تاريخيا فرضته أساليب الحكم الملكي وجنرالاته القمعية تجاه شعب فقير ( سواده الاعظم من الفلاحين آنذاك) وتجاه قواه الوطنية التي تشكلت عبر معاناة لا نظير لها في منطقة الشرق الأوسط آنذاك ، والعارف بظروف تلك الثورة ، يعلم جييدا أنها كانت تغييرا ثوريا في هيكل الدولة وأساليب الحكم فيها ، ولم يكن النظام الجمهوري إلا تناغما مع امال المواطن الذي خرج صبيحة الثورة ليطبع عليها طابع الشعبية ، ولم يكن لها أن تنجح لولا إسهام المواطن البسيط في إلقاء القبض على رجال العهد المباد ، لذا فإن الجمهورية لم تكن إلا مطلبا شعبيا وإرادة عامة سجلناها نحن ابناء ذلك الجيل ونحن نشاهد لحظة بلحظة انهيار الظلم الذي كانت تمارسه المشيخة على الفلاح ، والجور الذي كانت تمارسه الأجهزة البوليسية السعيدية على الشباب العراقي المنتفض باستمرار على نظام جاءت به سلطات الانتداب البريطاني .
الحالة الاجتماعية قبل الثورة .
يحاول البعض وضع الحواجز بين الأجيال المتعاقبة وتاريخ بلدها الحقيقي ، وربما يحاول آخرون تشويه التاريخ بما يضمن جعل النظام الملكي في موقع من وقع عليه الظلم ، وان الثورة كانت مصدر الظلم لذلك النظام الذي كان متحالفا مع الإقطاع الذي تخلى تدريجيا عن نظام الأسرة الزراعية وأخذ منذ قيام الملكية بالاستيلاء التدريجي على الأراضي الزراعية ، وواضح يكنب حنا بطاطو في كتابه ( الطبقات الاجتماعية والحركات الثورية في العهد العثماني حتى قيام الجمهورية ص95 ) أن مزارعي مجتمع تلك الأيام العشائري . الذين كانوا يعيشون في أكواخ مزرية ويدفعون الاتاوة للشيوخ والاغوات ، إنما كانوا يدفعون بقوة عملهم لصاحب الأرض الذي استولى عليها بقوة قانون دعاوى العشائر الذي أصدره القائد العام للقوات البريطانية في العراق عام 1918 ، والذي قنن الاستغلال للفلاح قانون التسجيل العقاري رقم 50 لسنة 1932 ، الذي اعترف رسميا بملكية الاقطاعي للأراضي الزراعية التي كانت بالأساس أراضي أميرية تعود ملكيتها للدولة لا لشيوخ العشائر . وان الإقطاع كان يستولي على اكثر من 80 بالمئة من الاراضي الزراعية الصالحة للانتاج ليلة 14 تموز عام 1958 . وقد كان
الفقر مخييما على كل العراقيين في الريف والمدن ، وكانت الصرائف تملأ العاصمة بغداد ليلة الثورة وهي متناثرة بين الأحياء السكنية ، وكان الريف في العموم عبارة عن زريبة زراعية يعيش بها الإنسان كالة للانتاج الزراعي يذهب حصادها للشيخ الاقطاعي الذي كان يتجول في ملاهي بغداد ليلة الثورة . اما العمال فكانوا هم والفلاحين يعيشون بأجر الكفاف ، وكان متوسط دخل عامل الطين 450 فلس يوميا ، وكانت أجرة الخلفة 750 إلى دينار واحد في اليوم .
عوامل الثورة .
أن ثورة 14 تموز لم تكن إلا نتيجة تظافر عوامل متعددة ، كانت هي لوحدها كافية لأن تبقى الثورة الحادث الذي لا بديل تاريخي له ، من هده العوامل .
اولا …. تألف النظام الملكي والاقطاع ضد السواد الأعظم من الناس آنذاك وهم من الفلاحين ، أو تعالي الرأسمالية على العامل في الشركات الإنتاجية العراقية أو الأجنبية ، خاصة شركات النفط البريطانية واستحواذها على عائدات الخام العراقي .
ثانيا….. الاحلاف العسكرية والتبعية للتاج البريطاني ، كانت الحكومات العراقية المتعاقبة متحالفة مع السفير البريطاني ، وتأتمر. بأوامر حكومة جلالة الملك البريطاني ، وكانت تدخل العراق في الاحلاف والمعاهدات التي تعمل على التبعية وتثلم السيادة ، وكان آخرها قيام حلف المعاهدة المركزية أو حلف بغداد ، الذي كان موضع انتقاد القوى الوطنية وفي المقدمة الحزب الشيوعي العراقي . وحزب الاستقلال ، والحزب الوطني الديمقراطي.
ثالثا……القيود الاقتصادية .
كان العراق إبان الحكم الملكي جزءا من منطقة الاسترليني ، وكان العراق ممنوعا من التعامل اقتصاديا ودبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية ، وكان الإنتاج النفطي حكرا بيد الشركات الانكليزية والغربية ، وكانت حصة العراق من العائدات قليلة جدا مما دفع بالثورة لإصدار قانون رقم 80 لسنة 1961 ، الذي تم بموجبه منع الشركات من التطاول على الابار غير المستكشفة أو المستشفة غير المستغلة ،
رابعا…..القيود السياسية ،
كان العراق في عداء مستمر مع الدول العربية ، وكانت سياسته بالعموم منحازة للغرب سييما بريطانيا ، وكان ممنوعا من إقامة العلاقات مع الدول إلا بموافقة المملكة المتحدة ، وهكذا كان العراق لا يمتلك تمثيلا دبلوماسيا مع كافة دول الشرق الاشتراكي ، وكان العراق محكوما بمعاهدة عام 1932 المخلة بالسيادة والضامنة. للسيطرة العسكرية البريطانية على البلاد .
هناك عوامل كثيرة جدا لا يمكن شرحها في مقال صحفي ، تلك العوامل كانت لوحدها كفيلة بالانقلاب على الملكية وأعلان الجمهورية ، وان من يحاول تجزئة التاريخ ، هو من يكن العداء لتلك الثورة ، والسؤال ، هو لماذا كل هذا العداء لثورة تموز التي هي تمثل يوم الجمهورية ، تلك الجمهورية الخالدة كما وصفها الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم وهو يقول الجمهورية العراقية الخالدة ، أنها فعلا خالدة ما دام هناك شعب يطالب بيوم قيام الجمهورية……

 

أحدث المقالات