9 نوفمبر، 2024 7:26 م
Search
Close this search box.

كل القلوب تهواك

1 ـــ  في كل عام تمر فيه الذكرى السنوية, لثورة الرابع عشر من تموز 1958, وبعفوية عرفت طريقها لأجمل التقاليد, مرتدية روحها اناشيدها  وكامل فرحها, شوارعها تبتسم لبعضها لساحاتها للناس فيها, والأرض السمراء لا زالت تعلن الأنجازات الوطنية التي تركتها الثورة, خضراء في الذاكرة العراقية, المواطن العراقي, الذي اخرجه الفساد والأرهاب والشعوذة الأيمانية, مذعورأ من تحت ثيابة’ عادت ذاكرته تتغرغر, بشهد النزاهة والكفاءة والعدالة والشجاعة والأيثار, التي رسختها قيادات الثورة, ثقافات وطنية وتقاليد مجتمعية, لا تسمح ذاكرة الناس بغيابها, نتذكر احيانا لنبكي, ونبكي احياناً لنتذكر, طلات الزعيم المحبوب وطلعاته وجولاته, واحاديث تركها في الذاكرة الوطنية, بغداد تستقبل تموزها صباحاً, وتودع فيه نفسها مساء, ماسكة بثوب الماضي, حتى لا يمضي, قبل  ان تستيقظ احلامها, على عودة الزعيم من تموز, او تموز من تشرين.

2 ــ عبد الكريم قاسم زعيم وانسان, في ذاكرة شعب يتذكر, ثورة تعد لحظة انفجار غضبها, في قلوب العراقيين, ويبقى الأنتظار يزفر النفس الطويل, “قتلوا الزعيم, وغداً سيقتلون الله يا ولدي”, قالتها أمي, “قوليها لأحفادك يا أمي”, انا محاصر بهم وعلي ان اهرب, بعد ثلاثون عاماً توفت الوالدة وصدقت نبؤتها, وها هو الله محاصر ايضاً, بين مطرقة التشيع وسندان التسنن, الأرض تبكي الأنسان, والأنسان يبكي الأرض, وحرائق الفتنة, جعلت دين الله مختنقاً بعلامات الشك, والحقيقة عمياء في زاوية الضؤ, ولم يبق سوى, المفخخات واللاسقات والمتفجرات والعبوات الناسفة والمسيلات للدموع المقدسة, لصب الزيت على نشيد “الله أكبر فوق كيد المعتدي” الذي لا زالت دماء العراقيين والشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم, لم تجف على حروف ونقاط, نشيد الفتوحات والهزائم القومية والأسلامية, دماء الزعييم الوطني, رضا الله عنه وسلم, تنبع من دماء بنات وابناء العراق, وقد كرمه الله ولم يكرم غيره, ان يكون قبره في مياه دجلة الخير, كي ترضعه الأجيال, مع حليب الأمهات.

3 ــ نكهة الأرض في الأنسان, ونكهة الأنسان في ارضه, لغة لا يمكن للتاريخ, ان ينقش حقائقه إلا بمدادها, فالحقيقة العراقية, لا يمكن لها أن تكون, الا من الأرض والأنسان, فمن يبحث عن ذاته, فلن يجدها الا في وطن كان له, لهذا فالأصابات في اعراض الخيانة والعمالة, لا يمكن ان  تظهر, الا على المصابين اصلاً, بفقر الأنتماء والولاء الوطني, فغزارة الولائيين في العراق, أصبحت ظاهره, تتوارثها احزاب وتيارات عن غيرها, وقد سقطت جميعها, في مستنقعات الأفلاس, مذاهب ومراجع  بكاملها, تلوثت بدسم الفساد والرذائل, ناهيك عن كوارث السقوط, التي تتعرض لها الحكومة والدولة معاً, كما يحدث في العراق الآن, وليس مزحة, عندما يتندر اغلب العراقيين ” نحن من العراق الأيراني”, غداً ستشرق الأيام الحلوة, وغداً ستحترق مزابل القوميين, احفاد الأناشيد الدموية, ومعها مزابل المذاهب الميتة.

4 ــ نكهة الزعيم لا زالت قابعة, بين ضلاع الجنوب والوسط, وتحت جلد المجتمع العراقي, نزاهة وكفاءة وعدل و حكمة وشجاعة وصبر وتحمل, عبد الكريم, شخصية استثنائية غير مسبوقة, قد لا تتكرر, وقد تتكرر غداً, او ربما يحاول تجار المعجزات المستخرفة, القفز على الحقيقة, لكنها ستصطدم, في منحدرات البالوعات التاريخية, وتبقى النكهة الوطنية للزعيم الخالد, عبد الكريم قاسم, تحمل وعبر الأجيال, حقيقة الأرض والله والأنسان, غداً سيحتفل العراقيون, وسينشد صمتهم الجهوري, كل الأغاني السمراء, التي تنشدها الأرض, قبل كل لحظة ينفجر فيها غضب الناس والله والعراق, ويضيء في الأفق زعيم كريم, لا خرافة تشوب واقعيته, وتزهر الأرض إنساناً في دمه وطن, ينشد في صباح تموزي “عبد الكريم كل القلوب تهواك”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات