قد يتخيل البعض ان الأسى على فقدان رمز من رموز الجيش (السابق) يصيب ضباط الجيش (السابق) فقط، وهذا خطأ كبير لأني اعرف طبيعة العلاقات التي بناها جيش العراق منذ تأسيس الفوج الأول لذلك الجيش (فوج الامام موسى الكاظم) لحد يوم حله من لدن الغازي بريمر ولذلك يمكنني الجزم بأن من خدم في ذلك الجيش من ضباط الجيش (الحالي) ليسوا اقل مني الما على فقدان ف. ر صلاح عبود طيب الله ثراه.

عرفت الفريق الركن الراحل عندما كان المدرس الاقدم لكلية الأركان التي دخلتها بصفة طالب عام 1983 وعرفت من خلاله ومن خلال معلمي الكلية معنى ان تمتزج المعرفة النظرية بالخبرة الميدانية فمن بينهم من خاض معاركا بمنصب آمر لواء ومنهم من حصل على شرف الإعاقة في الحرب.. بل ان أحد طلاب الدورة كان معاقا ويتنقل معنا بعجلته الشخصية الخاصة بالمعاقين ويحضر معنا التمارين الخارجية والمحاضرات على الكرسي المتحرك ولا زال حيا يرزق بأناقته المعهودة ومعنوياته العالية لا ينقصه الا ان الحكومات المتعاقبة وممثلي الشعب بعد 2003 حرمت معاقي الجيش (السابق) من اية امتيازات مادية ومعنوية كانوا يتمتعون بها بسبب احتياجات إنسانية كان يقصها لي المقدم الركن قاسم صياح من أهلنا في الفرات الأوسط والذي اعيق بالشلل عام 1982 وتوفاه الله قبل سنة تقريبا.. يقص لي احتياجاته من خادم وحفاظات ودهون ضد التقرحات وغير ذلك ورغم انه كان ضابط درع الا انه كان ضليعا بالموسيقى وختم حياته بقطعة موسيقية عسكرية رائعة كلفته مليون دينار اهداها لوزارة الدفاع فكرمته بأن أرسلت له نصف مليون دينار عدا ونقدا رغم انه اقدم عسكريا من كل وزراء الدفاع بعد 2003 ب(5-25)دورة كونه من الدورة 41 للكلية العسكرية والتي دخلها عام 1960.

لم اتركك سيدي الفريق الركن صلاح عبود خصوصا وأني كنت اكمل حديثي عنك من خلال توصيف الحالة العامة للمحصلة التي خرج بها الجيش (السابق) والذي يعرف ممثلو الشعب قبل الشعب ما حصل له وأنا متأكد انك لم تزعل على خروجي عن موضوعك لأن هذا هو موضوعك وليس غيره رغم اني لم اكمل حديثي عن اخلاقكم الرفيعة وهدوئكم وتعاونكم الى الحد الذي جعلنا كطلبة نفرح كثيرا بنقلكم رغم خسارتنا لكم.. لماذا؟؟ تصور سيدي لأنكم نقلتم بمنصب ضابط الركن الأول لفرقة، وكنا نعرف أنك ستتفوق وفعلا صرت رئيس اركان فرقة وقائد فرقة ورئيس اركان فيلق وقائد فيلق وغيرها من المناصب ومنها محافظا لثلاثة محافظات.

شملكم قانون حجز ومصادرة الأموال لأنه يشمل المحافظين وشملكم لأنه يشمل أعضاء الفروع في الحزب وسيستغرب حتى من يعرفوك كيف أصبحت عضو فرع وأنت عضو والجواب هو ان هناك تعليمات إدارية صدرت بأن يمنح كل محافظ درجة عضو فرع فخرية كي يكون رئيسا للجنة الأمنية للمحافظة، ولهذا السبب لم تمتلك جواز سفر ولا بطاقة موحدة ولا هوية أحوال جديدة وحرمت من ان يوارى جثمانك الثرى في مسقط رأسك او في بلدك على الأقل والادهى من ذلك انكم سيدي لم تمنحوا حتى شهادة الوفاة ولعلكم عرفتم ان ذلك شمل وسيشمل الكثير من زملائكم ، خصوصا وأن قاضي تحقيق شمل كل قادة الفيلقين الثالث والرابع منذ العام 1980 لغاية 1999

ان كنتم سيدي العزيز قد ارتكبتم جريمة حاشاكم فهي قد سقطت بموجب التوافق التام بين الإعلان العالمي لحقوق الانسان والدستور العراقي بمادته (19) والتي نصت على ((.. ولا عقوبة (الا) على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة…)) ولعل هذه المادة تسقط مشروعية حتى التحقيق بحقكم جميعا وتحكم بعدم دستورية أي حكم يصدر بحقكم، ولعلي أتذكر قولكم لي يوم اضفتني الى قروب ثقافي اجتماعي بعيد عن السياسة قبل سنين ثلاث ((انا بعيد عن السياسة ولكني اسأل: هل ان من مصلحة العراق ان يجوع رموز جيشه خارج العراق ؟؟))

نم قرير العين سيدي فأنت الآن عند الحاكم العادل وهو العليم بأنك خدمت شعبك ووطنك ولم تؤذ جرادة وسيفتح لك فسيح جناته، ولأهلكم ومحبيكم الصبر والسلوان