أنظمة الحكم في دول الأمة , منهج حكمها أنها تبدد طاقات الشعوب المتسلطة عليها , وذلك بالإجتهاد في إبداع الملهيات اللازمة لإشغالها بهموم يومية قاهرة , تمنعها من التأمل والتفكر بحقوقها وما تقوم به الكراسي من مفاسد وإستحواذ على الثروات الوطنية.
فالشعب مشغول ببعضه , وبئن من القوانين المفروضة عليه , القاضية بالقبض على مصيره , وتحجيم دوره , وتحويله إلى موجود بلا قيمة أو معنى.
فالشعوب أرقام في عيون الحكام!!
ووفقا لهذا المنطلق الأثيم , يتحقق إنهاك الشعوب وتفريغها من طاقاتها الإيجابية , وتأجيج الطاقات السلبية فيها , اللازمة لتأمين الإنشغال والتفاعل التصارعي بين أبناء الوطن الواحد.
ومن أفظع أساليب الإلهاء والإستهتار بالوجود الإنساني للشعوب , إستعمال الدين كوسيلة للتدمير الذاتي والموضوعي , والعمل بموجب معطيات الطائفية والمذهبية المقيتة , وإيهام الناس بأن الصراع ديني ومن ضرورات التقرب إلى الرب المعبود , وفي جوهره صراع سياسي , وتقاتل على الكراسي والمناصب والأطماع , والقدرة على الإستحواذ الأكبر.
لا يوجد صراع ديني بين أبناء الشعب الواحد , بل يتم توريط الدين كقناع لتمرير نوازع وتطلعات النفس الأمارة بالسوء الفاعلة في الذين دينهم هواهم.
وهكذا صارت التحزبات ذات طابع ديني , والنشاطات القائمة في المجتمع ذات توجهات مذهبية , وآليات تبعية وتقليد للذين يطمعون في البلاد والعباد , ويضعون مصالحهم فوق كل شيئ.
ويبقى المسخرون لتمرير أجندات الطامعين , يتحركون على إيقاع أوهامهم , وتصوراتهم التضليلية , وهم كالمنومين السكارى بالبهتان لحد الثمالة والغثيان.
فمتى سيستيقظ أبناء الوطن المبتلى بالمأجورين , والمنفذين لأوامر الآخرين؟
“تنبهوا واستفيقوا أيها العرب … فقد طمى الخطب حتى غاصت الركبُ
…
ألفتم الهون حتى صار عندكم…طبعا وبعض طباع المرء مكتسبُ
…
وما دماؤكم أغلى إذا سفكت…من ماء وجهٍ لهم في الفحش ينسكبُ”!!