لايختلف اثنين من المنصفين على ان السيد محمد صادق الصدر كان تجربة نادرة في التاريخ الاسلامي الحوزوي .. وكان وحده ظاهرة مستقلة لم تستطع كل الدراسات ان تعطيه حقه في البحث والتحليل المعمقتين
وأنا لاابالغ ان قلت انه كان التجربة الوحيدة في التاريخ الشيعي عمليا ونظريا وعلميا التي لاتقل عن تجربتي جمال الدين الافغاني والسيد الخميني..
ولكي لايعنتني احد بالمبالغة .. فذلك لأنه لم يعطي نفسه فرصة للتأمل بالمعاني الكبيرة لتجربة السيد الصدر الذي ظهر في زمن هو الاكثر تعقيدا وفي ظرف هو الاكثر صعوبة وفي وسط هو الاكثر جمودا .. وقاد تجربة هي الاكثر بساطة .. فكان الجميع قلقين منه يعتبرونه لغزا أو عدوا ..
صلاة الجمعة كانت ميدان السيد الصدر لإخراج الشيعة من من حيرتها وضلالها ..هكذا هو صرح ..وكان هذا التصريح كبير وصريح وواضح
لأنه كان من المفترض ان يمثل الشيعة نخبة واعية ثائرة داخل امة الاسلامية تستمد حياتها من رجالها ومواقفهم .. فمنها الامام علي (ع) ومنها الحسين (ع) وكلاهما ثورة وصرخة ضد الجمود والتدجين والتمييع الفري والاجتماعي
لهذا كانت الجمعة وسيلة محمد الصدر لتحقيق هذا الهدف … حيث واجه الشهيد مرجعيتين الاولى تمثل السكون والجمود المنتجة للحيرة ومرجعية العصرنه والحداثة والعولمة والتمييع للدين المنتجة للضلال
ولكن محاربته لهاتين المرجعيتين لايشغله عن عدوه الاساس وهو النظام الجائم على صدور العراقيين لثلاث عقود من الزمن يمثل الفكر الغربي الضال بكل تفاصيله وأهدافه ..
لهذا كانت الجمعة ليس مشروعا سياسي او اجتماعي دنيوي بل كان صاحب مشروع ديني توخى الاصلاح للفكر الديني لاصلاح البشرية …. وتكفلت الجمعة مهمة اصلاح المجتمع العراقي والعمل على بناء قاعدة اسلامية تستطيع النهوض بهذه المهمة ليس في وقت اقامة الجمعة فحسب بل في المستقبل
كان محمد الصدر والجمعة حالة تكوينية لم يستوعبها المجتمع .. وهزت ار كان النظام البعثي من الاعماق وجعلته يتخبط بقرارته بل اسقط محمد الصدر نظرية الدين والدولة التي تباناها النظام بالمؤتمرات الحزبية .. واسقط اكذوبته المسماة الحملة الايمانية من خلال التصدي للجمعة وائمتها ومريديها .. بل وغلق المساجد التي تقام بها وقطع الشوارع المؤدية اليها .. بل مراقبة كل من يرتاد اليها من المنطقة التي ينطلق منها
كانت الجمعة نظرية ميدانية متحركة غذت الشارع العراقي بروح التحدي والمقاومة وخلعت ثوب الخوف والتردد .. وألبسته ثوب التحدي والوقوف بوجه اجهزته القمعية
كانت الجمعة ثورة على الجمود الفكري وفتحت الباب واسعا للنقاشات الفكرية .. وأصبحت كاسيتات المواعظ والخطب الخاصة بالسيد الشهيد تتداول بين الناس في كل مكان ..
الجمعة زرعت امل التحرير من ربقة المد السياسي الغربي حيث انتجت مرجعية سياسية ميدانية تغير شكل الواقع وأحدثت انقلاب في التفكير وإعادة رسم الخارطة السياسية والاجتماعية والدينية وانقلبت على الموروث السائد وتجتهد بشكل حقيقي لتطوير الفكر الديني وتقود قوافل الشهداء والثائرين للوصول الى العزة والكرامة للإنسان والدين وهي التي تحكم بالنهاية على كل المتقاعسين والمثبطين .. انها مرجعية العفة الثورية والإباء الانساني والجود التضحوي والشرف الديني
انها مرجعيات لايمكن لنا سوى ان نكرر اسمها دائما وننتمي لها لأنها تاريخنا ومرجعيتنا .. هذه المرجعيات هي مرجعيات ال الصدر .. محمد باقر الصدر ومحمد صادق الصدر
لهذا كانت الجمعة الميدان الذي انزل فيه السيد محمد صادق الصدر مشروعة السياسي والاجتماعي التغييري الذي استطاع ان يهزم الفكر الغربي الذي تبناه النظام الصدامي .. وهزمه في ساحة حمراء في مسجد الكوفة الذي يسيكون فب المستقبل عاصمة الدولة الالهية العادلة ..