15 نوفمبر، 2024 1:57 م
Search
Close this search box.

هجمات “داعش” على الثكنات العسكرية .. هل هي مجرد عملية إرهابية أم مؤشر على العودة ؟

هجمات “داعش” على الثكنات العسكرية .. هل هي مجرد عملية إرهابية أم مؤشر على العودة ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

أثيرت العديد من المخاوف والتحذيرات مع تصاعد هجمات تنظيم (داعش) في “العراق” هذا الأسبوع، خوفًا من عودة نشاط التنظيم المتطرف الذي فقد الكثير من قوته خلال السنوات الماضية، لكنه لا يزال يمتلك بعض الأذرع والخلايا النائمة القادرة على إلحاق الأذى بالمدنيين والعسكريين على حدٍ سواء.

ويوم الإثنين؛ شهدت محافظة “صلاح الدين” شمالي “بغداد”، هجومًا وصف بأنه الأكبر منذ عام بعدما هاجم مسُّلحون من تنظيم (داعش) ثكنة عسكرية في منطقة “مطيبيجة” أسفر عن مقتل ضابط رفيع برتبة “عقيد ركن”.

وقالت “وزارة الدفاع” العراقية؛ في بيان، إن الضابط وهو آمر فوج قُتل مع: “عدد من مقاتلي الفوج” أثناء: “تصديهم لتعرض إرهابي ضمن قاطع المسؤولية”.

وبعدها بيومين قتل جندي عراقي وأصيب اثنان آخران في هجوم لمسّلحين يُشتبه في انتمائهم لتنظيم (داعش) على موقع للجيش بالقرب من مدينة “كركوك”، بحسّب ما نقلت (رويترز) عن مصدرين أمنيين.

شّن عملية عسكرية واسعة..

وإثر ذلك شّرعت قوات الأمن العراقية بتنفيذ عملية عسكرية واسعة لملاحقة المنفذين شملت ثلاث محاور، وفقًا ما أفاد به مصدر في شرطة محافظة “صلاح الدين” لـ (الحرة).

ورُغم إعلان السلطات العراقية تحقيق النصر على تنظيم (داعش)؛ في عام 2017، وطرده من المناطق التي سيّطر عليها في عام 2014، لكن عناصر التنظيم ما زالوا قادرين على شّن هجمات ونصب كمائن انطلاقًا من قواعد لهم في مناطق نائية واقع في مثُلث يمتد بين ثلاث محافظات هي: “كركوك وصلاح الدين وديالى”.

عملية إرهابية..

ويقول الناطق الإعلامي للقائد العام للقوات المسلحة؛ اللواء “يحيى رسول”، لمنصة (المشهد)، إن قضية (داعش) في “العراق” انتهت بشكلٍ كامل من الناحية العسكرية، لكن ما زال هناك بعض الفلول الإرهابية في المناطق النائية.

ويوضح “رسول” أن هذه الفلول الإرهابية تتخذ من الأحراش والوديان والمناطق الجبلية مكانًا لها، ونحن نُدرك لك، ونعمل من خلال عملياتنا النوعية المستمرة على القضاء على هذه الفلول في أوكارها.

ويؤكد “رسول” أن تنظيم (داعش) ليس لديه القدرة على السيّطرة على أي بقعة من الأرض العراقية، ولا حتى على متر واحد من هذه الأرض، لكن بإمكانه القيام ببعض المحاولات الفاشلة التي تتصدى لها القوات الأمنية العراقية.

وحول وجود أكثر من: (3000) عنصر تابع لتنظيم (داعش) في “العراق وسورية”، يقول “رسول” إن هذه المعلومات غير دقيقة، خصوصًا فيما يتعلق بأرقام عناصر التنظيم في “العراق”، لكن ربما يتواجد هذا العدد في شمال شرق “سورية”، حيث يوجد سجون خاصة بمقاتلي (داعش)، إضافة إلى مخيم (الهول)، أما بالنسبة لـ”العراق”، فلا توجد هذه الأرقام، و(داعش) عبارة عن مجموعة صغيرة تتحصن بالجبال والقرى النائية.

ويرى “رسول” أن هدف (داعش) من خلال هذا الهجوم هو التهويل الإعلامي، ومحاولة لإرسال رسالة أنه مازال موجود، لكن ذلك غير صحيح لأن الجيش العراقي يسُّيطر سيّطرة كاملة على الأرض، لكن ربما يستغل (داعش) أحيانًا ظروف معينة أو الأحوال الجوية أو ربما عدم انتباه أو تركيز ويُنفذ هجمات بسّيطة.

ويؤكد “رسول” أن عملية (داعش) الأخيرة هي عملية إرهابية، وخلال الفترة القادمة ستُّنفذ القطاعات العسكرية العراقية عمليات نوعية استباقية للقضاء على فلول (داعش) في مناطق تحصّنها.

العدو يستغل الغفلة والمعركة تكنولوجية..

وفي هذا السيّاق؛ يقول عضو “لجنة الأمن والدفاع” النيابية؛ “محمد المحمدي”، أن: “(داعش) تحولت إلى مفارز صغيرة يمكن أن تختفي في مناطق صحراوية وأودية في صلاح الدين وكركوك، على سبيل المثال في جبال حمرين ووادي الشاي، حيث إن الأخير عبارة عن أحراش يمكن أن تختفي داخلها أعدادًا كبيرة من عناصر (داعش)”.

ويُشير “المحمدي”؛ خلال حديثه لوكالة (شفق نيوز)، إلى أن: “هذه المناطق يُضعف فيها الجهد الاستخباري لأنه لم يبقَ رعاة أغنام بسبب الجفاف لذلك بدأوا بمغادرة تلك المناطق، كما لا توجد قطاعات عسكرية في الصحراء، ما يتطلب توسّع خطوط الصّد للمدن، ففي محافظة الأنبار ينبغي ضم جزء كبير من الصحراء إلى داخل سيّطرة القوات الأمنية، والعمل نفسه يُكرر في صلاح الدين، وأن انفتاح القطاعات على هذه المناطق سوف يؤمن الخطوط الخلفية للقوات الأمنية”.

مؤكدًا أن: “القوات الأمنية بحاجة إلى استخدام آليات متطورة مثل الكاميرات الحرارية والطائرات المُسيّرة في المناطق الصحراوية إلى جانب الجهد الاستخباري”.

وفي ظل المسّاعي لإنهاء “التحالف الدولي”، يقول “المحمدي”؛ إن: “إيقاف التعامل مع التحالف الدولي يكون إما عند الانتهاء من الإرهاب نهائيًا أو تكون البلاد قادرة بشكلٍ كامل في الجانب الأمني، لكن المعركة الحالية هي معركة تكنولوجيا، حيث إن العدو مخفي ويستغل الغلفة بتنفيذ هجماته، لذلك العراق بحاجة حاليًا إلى التحالف إلى أن يتم إكمال التكنولوجيا المطلوبة في مراقبة المناطق البعيدة عن السكان”.

وكان رئيس مجلس الوزراء؛ “محمد شيّاع السوداني”، قد اعتبر في 19 نيسان/إبريل 2024، مبررات وجود “التحالف الدولي” المناهض لتنظيم (داعش) بقيادة “الولايات المتحدة” في “العراق”: “قد انتهت”، لافتًا إلى أن: “العمل جارٍ على الانتقال بالعلاقة مع دول التحالف إلى محطات متعددة أوسع من التعاون الأمني”.

التهديد لا يزال قائم..

ومن جهته؛ اعتبر السفير البريطاني في العراق؛ “ستيفن هيتشن”، أن هجوم تنظيم (داعش) الإرهابي على “صلاح الدين”، الإثنين الماضي، لا يوقف تقدم “العراق” لكنه يذكر أن التهديد لا يزال قائمًا.

وقال “هيتشن” في تغريدة، الثلاثاء الماضي؛ إنه: “كل يوم تتّعزز أسس الاستقرار في العراق، أن الهجوم الذي شّنه تنظيم (داعش) في صلاح الدين بالأمس؛ لن يوقف هذا التقدم”، مسّتدركًا: “لكنه بمثابة تذكير بأن التهديد لا يزال قائمًا”.

مازال قادر على كسر الحدود..

وهذا ما يؤكد عليه الخبير الأمني والاستراتيجي؛ “د. أحمد الشريفي”، أيضًا، بأن: “تهديد (داعش) لا يزال قائمًا وأن قدرة التنظيم على المشاغلة والتعرض لا تزال ممكنة، بل أبعد من ذلك، حيث إن التنظيم اعتمد في البداية على فلسفة كسر الحدود، ولا يزال قادرًا على كسر الحدود عبر عمليات التسلل واستثمار الأراضي التي تُصنف أنها رخوة وتحديدًا السلسلة الجبلية التي تمتد من خط التماس الحدودي (السوري-التركي) وصولاً إلى ديالى وحدود مشارف بغداد”.

اختلاف الردع الأمني عن الوضع العسكري..

أما مسألة الحاجة إلى “التحالف الدولي” و”الولايات المتحدة”، يوضح “الشريفي” خلال حديثه لوكالة (شفق نيوز)، أن: “استراتيجيات الردع الأمني تختلف عن الردع العسكري في كونها تعتمد على الجهد التقني في المواجهة والاشتباك”.

وينوّه إلى أهمية التميّيز بين الجهد الاستخباري البشري والتقني: “حيث إن الجهد الاستخباري البشري يُضعف في الحزام الأخضر الذي تظهر فيه (داعش)، نظرًا لعدم وجود تأمين رؤية ولا الرصد البشري المجرد يستطيع أن يؤمن إنذاراً مبكرًا للقطاعات الأمنية، لذلك لا بد من استخدام الجهد التقني من الحرب الإلكترونية والكاميرات الحرارية وما إلى ذلك”.

الحاجة إلى “التحالف الدولي”..

كما يرى “سرمد البياتي”، حول مسألة الحاجة إلى “التحالف الدولي”: “في فرض السيّادة الجوية على العراق وفي مراقبة (داعش) من الجو وفي الاستخبارات الجوية، لكن لا حاجة منه على الأرض، فلدى العراق أعداد كافية من المقاتلين ويتمتعون بتدريبات عالية”.

ويؤكد “البياتي” أن: “هناك حاجة إلى وجود استخبارات على الأرض وكاميرات حرارية ومُسيّرات، وإجراء عمليات تفتيش راجلاً في المناطق المقيّدة، أي التي لا يمكن وصول عجلات القوات الأمنية إليها، ولهذا يستغلها (داعش) بالاختباء فيها”.

خلل أمني..

يقول الخبير الأمني والاستراتيجي؛ “مخلد حازم”، إن: “ما جرى في مطيبيجة يعتبر بالعرف العسكري خرقًا أمنيًا كبيرًا لأنه تسبب بمقتل آمر لواء برتبة عقيد ركن وهو هدف نوعي”.

ويُضيف “حازم”؛ في حديث لموقع (الحرة)، أن: “(داعش) نفذ العملية بعد القيام باستطلاع المنطقة ونصب مفخخات من دون علم الجهة الماسّكة للأرض، وهذا خلل واضح”.

ويرى “حازم” أن: “هناك خللاً أمنيًا في هذه المنطقة.. في علوم الحرب الأهم من النصر هو كيفية المحافظة عليه؛ والأهم من التحرير هو كيف تنُجز عمليات التطهير على الأرض”.

في تقرير نُشر في كانون ثان/يناير الماضي، قالت “الأمم المتحدة” إن تقديراتها تُفيد بأنّ التنظيم المتطرف لا يزال لديه: “ما بين (3000) و(5000) مقاتل” في “العراق وسورية”.

استغلال التوترات..

ويُشير الخبير المختص في شؤون الجماعات الراديكالية؛ “حسن أبو هنية”، إلى أن (داعش)؛ ومنذ خسارته في “الباغوز” في 2019، وقبلها بعامين في “العراق” لم يُعد يمتلك أي سيّطرة مكانية، لكنه عاد للعمل كمنظمة كما كان يعمل في السابق بطريقة لا مركزية.

ويُضيف “أبو هنية” أن (داعش): “يُحافظ على نسُّق ثابت من العمليات، لكنه لم يشّن هجمات كبيرة وبالتالي يعتمد على بعض المفارز في عمليات متفرقة هنا وهناك”.

ويبُّين “أبو هنية” أن التنظيم استغل: “التوترات التي حصلت نتيجة الصراع في غزة والهجمات على القواعد الأميركية في العراق من قبل ميليشيات إيران؛ مما أثر على التنسّيق بين قوات التحالف الدولي والقوات العراقية”.

يؤكد “أبو هنية” أن هذا الأمر: “منح التنظيم راحة أكبر لتنفيذ عملياته سواء في سورية من خلال شن عمليات ضد قوات النظام وعناصر (قسد) وكذلك في العراق”.

ويتابع أن تنظيم (داعش) شّن مؤخرًا: “عمليات أكثر جرأة ومن المتوقع أن يبدأ بالظهور من جديد، وربما نشهد عمليات أوسع في العراق كما يحصل حاليًا في سورية”.

خطوة غير محسّوبة..

لكن “أبو هنية” يرى أن الحديث عن خروج قوات “التحالف” من “العراق”: “خطوة غير محسّوبة؛ وليست دقيقة”.

ويبُّين “أبو هنية” أن: “الجميع يعلم أن التنظيم وصل لأسوأ مراحل قوته قبيل انسّحاب القوات الأميركية من العراق في عام 2011، وبمجرد خروج تلك القوات من البلاد سرعان ما استعاد (داعش) قوته وتمكن من شّن عمليات نوعية انتهت بسّيطرته على الموصل وأجزاء أخرى من العراق وسورية”.

يقول “أبو هنية” إنه: “في تلك الفترة أعلنت الحكومة العراقية انتفاء الحاجة للقوات الأميركية، لكن ما حصل بعدها أثبت عدم صحة ذلك”.

ويتابع “أبو هنية” أن: “وضع التنظيم اليوم أفضل مما كان عليه في عام 2011، وبالتالي فإن أي انسّحاب للقوات الأميركية يعني عودة سريعة للتنظيم.. وستكون هذه المرة أسرع من العودة الأولى”.

ومؤخرًا قالت السفيرة الأميركية لدى بغداد؛ “ألينا رومانوفسكي”، إن: “تنظيم (داعش) لا يزال يُشّكل تهديدًا في العراق”، مضيفة أن: “عمل التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة مع العراق لهزيمة التنظيم بشكلٍ كامل، لم ينّته بعد”.

وتتطلع “بغداد” الآن إلى انسّحاب “التحالف الدولي” الذي تقوده “الولايات المتحدة”، والذي ساعد في هزيمة تنظيم (داعش)، واقتصار دوره في “العراق” على تقديم المشورة، قائلة إن قوات الأمن المحلية يمكنها مواجهة تهديدات بنفسها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة