خاص: قراءة- سماح عادل
رواية “الطابق الألف” للكاتبة الأمريكية “كاثرين ماكفي” تحكي عن المستقبل في حكاية لطيفة وجذابة، ورغم أنها تعكس فوارق طبقية كبيرة إلا أنها تركز علي العلاقات الإنسانية.
الشخصيات..
إيفيري: شابة جميلة، تعمد والداها أن يجعلاها فائقة الجمال، بالاتفاق مع الأطباء اختارا لها جينات وتكوينات جسدية رائعة الجمال، عكس ما يملكه الوالد والوالدة من ملامح وصفات شخصية، ووالداها من أغني أغنياء نيويورك حتى أنهما استطاعا أن يسكنا الطابق الألف.
أطلس: أخو “ايفيري” بالتبني، تبناه والداها فقط ليجلب لها أخا ليسليها لكنها مع الوقت تعلقت به وأصبحت تحبه كرجل وهذا ما عذبها كثيرا.
كورد: شاب من الأغنياء، فقد والده ووالدته، ودوما ما يحن لهما، ويشاهد صورهما ومقاطع الفيديو خاصتهما، لديه علاقات نسائية كثيرة ولا يهتم بأحد لكنه عندما التقى “رايلين” الفتاة فقيرة أحبها.
واط: شاب ينتمي إلي الطبقة الفقيرة، يعيش مع عائلته المهاجرة، يعمل لكي يكمل تعليمه، متفوق في التكنولوجيا ويستطيع أن يعمل بالمخالفة للقوانين السائدة ويساعد الناس في جلب المعلومات عن الناس، يقع في غرام “ايفيري”.
ايريس: فتاة كانت تنتمي للطبقة الغنية، وتعيش هي ووالدتها عارضة الأزياء ووالدها رجل الأعمال، لكنها تكتشف وبشكل درامي أن والدها ليس هو الأب البيولوجي لها، مما يجعل حياتها تهتز وتنقلب رأسا علي عقب، وتسكن في منطقة الفقراء في الطوابق السفلية.
ليدا: فتاة مضطربة نفسيا، رغم أنها تحب “أطلس” وتقربت منه بالفعل لكنه هجرها، تحاول استعادته والتقرب منه مرة أخري بطرق مخالفة للقانون، حيث تتجسس علي معلوماته الشخصية بمساعدة “واط”، وتتحين الفرص لكل من حولها وفي النهاية تتسبب في جريمة قتل بشعة.
رايلين: فتاة فقيرة تسكن في الطوابق السلفية، ماتت والدتها التي كانت تعمل في الخدمة المنزلية، تضطر إلي ترك دراستها لتعيل أختها الأصغر منها، وتحتفظ بها في شقتهما المؤجرة، وتحب شاب يعمل في تجارة المخدرات لكنها تقع في غرام “كورد” في النهاية.
ماريال: فتاة من الطبقات السفلية تتقابل معها “ايريس” وتخفف عنها مأساتها، وتتقرب إليها وتحدث بينهما علاقة حب مثلية.
الراوي..
الراوي هو راو عليم، يحكي الحكاية وينقل مشاعر الشخصيات الداخلية وما يشعرون به ولا يعلم بها أحد غيرهم، ينقل تقلباتهم النفسية ومشاعرهم ويحكي الأحداث ويرسم عالم متكامل مبني علي خيال ثري.
السرد..
تقع الرواية في حوالي 554 صفحة من القطع المتوسط، وتبدأ من نهايتها، ويعرف القارئ من النهاية المفتوحة أنها ولابد لها أجزاء أخري ستكملها الكاتبة، تبدأ الرواية بداية صادمة ومفجعة ثم تحكي الحكاية من زمن قبل تلك النهاية المفجعة، وتنتهي نهاية مفتوحة دون أن نعرف مصير الشخصيات.
المستقبل..
تصورت الكاتبة المستقبل بشكل خيالي بديع، حيث تخيلت أن تستمر الفوارق الطبقية في المستقبل في أمريكا وبالتحديد في مدينة نيويورك، حيث يصل الأمر إلي بناء طابق ضخم مكون من ألف طابق بعد حوالي 100 عام، وتحديدا في عام 2118 حيث الأغنياء بشكل فاحش يتمتعون بمميزات هائلة، يرتدون عدسات لاصقة موصولة بشبكة الانترنت وبكمبيوتر فائق الذكاء، حيث يتلقون بريدهم الالكتروني ويتواصلون افتراضيا من خلال عيونهم. ويخدمهم روبوتات مجهزة وشبكة متكاملة تقوم علي التكنولوجيا المتطورة، لدرجة أن الكمبيوتر الرئيسي في البيت يتابع الأفراد الذين يعيشون فيه، يتابع إشارات جسدهم الحيوية ويخدمهم دون طلب.
تقوم التكنولوجيا بتوفير الرفاهية الفائقة لهؤلاء الأغنياء، وهناك أماكن للترفيه داخل هذا البرج الخرافي، وهو مقام علي مساحة هائلة من الأرض، ويتم التنقل فيه عبر وسائل نقل متطورة، ورقم الطابق الذي يسكن فيه المرء يعكس مدي ثراءه ومكانته داخل طبقته الاجتماعية.
في حين يعيش الفقراء في الطبقات السفلي حيث تقل الخدمات وتسوء أحوالها، مثل أي مجتمع فاحش الاختلاف ما بين الطبقات. “رايلين” تضطر إلي العمل ساعات طويلة ولا يكفيها راتبها، لكي تعيل أختها وتوفر إيجار شقة متواضعة. و”واط” أيضا يعمل كثيرا ويتحايل علي القانون، فقط ليكمل تعليمه. في حين أن الأغنياء يمتلكون الأموال المكدسة.
ونشعر بهذا الفارق الكبير حين تنتقل “ايريس” من الطبقة العليا إلي الطبقة السفلي بسبب اكتشاف والدها أنه خدع، وأنها ليست ابنته البيولوجية ويصاب بالصدمة، فترحل أمها عارضة الأزياء وتقرر أن تعيش وفق إمكانيتها، ولا تطلب من زوجها شيئا، وهذا يضع “ايريس” في شقة متواضعة في الطبقات السفلي وتشعر بالفارق الكبير بين الواقع الذي كانت تعيشه والواقع الفقير الذي أصبح واقعها، ويخفف عنها وجود فتاة جارة لها تحاول تسليتها والتقرب منها وتنشأ بينهما علاقة محبة.
برعت الكاتبة في تصور التفاصيل الخيالية للمستقبل وأتصور أنها ستكمل تلك التفاصيل في جزء ثان، وربما أجزاء أخري لأن الخيال اعتمد علي قماشة واسعة للاستمرار.
علاقات إنسانية متشابكة..
رغم أن الرواية نسجت حكاية خيالية تعتمد علي تصور مستقبل مخالف تماما للواقع، إلا أنها اهتمت بالأساس بشبكة من العلاقات الإنسانية، وكانت حكاية المستقبل في الخلفية من ذلك، والعلاقات الإنسانية دارت بين مجموعة من الشباب المراهق الذين ينتمون إلي الطبقة الغنية، ودخل فيها ثلاثة من الشباب الذين ينتمون إلي الطبقة الفقيرة “واط ورايلين وماريال”، وقد صورت مشاعر هؤلاء الشباب.
“ايفيري” التي وقعت في غرام أخيها بالتبني وتتعذب من ذلك ولا تلفت لشاب غيره رغم جمالها الفائق، و”أطلس” الذي وقع هو أيضا في غرامها واضطر إلي السفر الطويل ليتجنب الاستسلام لمشاعره نحو أخته بالتبني، وفي النهاية اعترف كل منهما بالحب وقررا الهروب ليعيشا سويا. وحب “واط” ل”ايفيري” وحب “ليدا” ل”أطلس” ومحاولتها المستميتة أن تتحصل عليه.
والعلاقة التي كانت في الماضي والتي أثرت علي حياة “ايريس”، علاقة والدة “ايريس” بوالد “ليدا” والتي تنتهي بمأساة موت “ايريس”، وأيضا علاقة الحب التي تجمع الفقيرة مع الغني والتي لا تهتم بتلك الفواق الطبقية الهائلة والكبيرة.
الرواية تحو علي قدر كبير من المتعة نابع من تناول العلاقات الإنسانية والشخصيات المختلفة وصراعاتها النفسية وأيضا من تصور حكاية خيالية محببة.
الكاتبة..
“كاثرين هوب ماكفي” ممثلة ومغنية وكاتبة أغاني أمريكية، مواليد 25 مارس 1984، اكتسبت شهرة في مايو 2006 بعد أن حلّت في مركز الوصيف في الموسم الخامس من برنامج أمريكان آيدول.