خاص: إعداد- سماح عادل
“لجينة الأصيل” كاتبة ورسامة وفنانة تشكيلية سورية تعمل في الرسوم والإشراف الفني بمجلات وكتب الأطفال السورية والعربية.
التعريف بها..
ولدت في دمشق عام 1946، تخرجت عام 1969 من كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق بدرجة البكالوريوس تخصص اتصالات بصرية وعمارة داخلية. عملت بتدريس رسوم كتب الأطفال والعمارة الداخلية في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق، وقدمت المحاضرات في مجالها وأشرفت على العديد من ورشات العمل برسوم كتب الأطفال داخل سوريا وخارجها مثل إيطاليا والكويت والإمارات وتونس ولبنان.
وفي مجال التصميم، صمّمت العديد من الحملات الإعلانية والديكور والشخصيات المسرحية وعرائس للأطفال، ورسوم عشرة أفلام كرتون، ونصوص ورسوم 26 حلقة تلفزيونية للأطفال، بالإضافة إلى كتابة العديد من نصوص السيناريوهات لمجلات الأطفال وتصميم ورسم أكثر من 70 كتابا للأطفال صدرت في سوريا ولبنان والأردن ومصر والإمارات، واعتمدت خبيرة فنية لكتب الأطفال في وزارة الثقافة السورية.
تملك أكثر من 200 لوحة مقتناة من قبل المتاحف، وأقامت عدة معارض فردية للرسم والتصوير في كل من سوريا والأردن وفرنسا وإيطاليا، كما شاركت في معارض ثنائية وجماعية عربية ودولية عديدة. وفي مجال رسوم كتب الأطفال، فقد شاركت في معارض في سلوفاكيا واليابان وإيران وفرنسا وإيطاليا وصربيا وألمانيا وتونس والولايات المتحدة.
الجوائز ..
- الجائزة الأولى لتصميم ملصق جداري لمهرجان السينما العربية في فاميك، فرنسا، 1995، ميدالية المجلس العربي للطفولة والتنمية، تصميم شخصية كرتونية للطفل العربي، القاهرة، 1996
- ضيفة شرف في معرض بولونيا الدولي لكتب الأطفال، إيطاليا، 2001
- كرّمتها وزارة الثقافة في سوريا لعطائها بمجال كتب وصحافة الطفل عام 2002، وعام 2003 لعطائها في مجال اللوحة التشكيلية
- ميدالية المسابقة الدولية لرسوم كتب الأطفال، اليابان، 2006
- جائزة أفضل كتاب للأطفال، معرض بيروت الدولي للكتاب، 2008
- جائزة أفضل كتاب قصصي لذوي الاحتياجات الخاصة، لبنان، 2011
- جائزة محمود كحيل لإنجازات العمر، الجامعة الامريكية في بيروت، 2016
- تكريم وزارة الثقافة لإنجازات العمر، سوريا، 2017.
- جائزة بام، الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، بلغراد، صربيا، 2019.
طفلة..
في مقال بعنوان (لجينة الأصيل: الطفلة التي قرّرت ألّا تكبر)
كتبت “رباب هلال”: “التقيتُ بها للمرّة الأولى عام 2008، في بداية تكليفي برئاسة تحرير مجلّة “أسامة” للطفل العربيّ التابعة لوزارة الثقافة بدمشق. كنتُ في طور تشكيل فريق عمل لتطوير المجلّة والارتقاء بها. وكنتُ مسوّرة بالقلق. إذ لن يكتمل الفريق إن لم تشرف الفنّانة لجينة الأصيل على المجلّة. وهذه مجلّة “أسامة” العريقة ذات المكانة الخاصّة المحفورة في الوجدان السوريّ منذ نشأتها عام 1969، وهو، للمصادفة، العام الذي تخرّجت فيه الأصيل من كلّيّة الفنون الجميلة بدمشق، بإجازة اتصالات بصريّة وعمارة داخليّة، لتبدأ مشوارها الفنّيّ رسّامة في المجلّة، وفي وقت متأخّر مشرفة فنّيّة عليها.
انطلقت لجينة بخفّة المرأة الشجاعة الحالمة، غير عابئة بالدروب الذكوريّة المخصّصة للأنثى. ترسم، وتكتب، وتدرّس في كلّيّة الفنون الجميلة بدمشق، وتحاضر وتشرف على رسومات المجلّات والكتب المصوّرة، وعلى ورشات تدريب للرسامين والهواة أينما كانوا في سوريا والعالم العربي بشكل خاص. تقيم معارض فنيّة إفراديّة وجماعيّة، وتنجز كثيرًا في مجال تخصّصها في شتّى الاتجاهات الإعلاميّة، إلى أن ذاع صيتها في العالم العربيّ ودول أجنبيّة عدّة كفرنسا وإيطاليا وصربيا وإيران، حيث نالت جوائز عديدة. كانت لجينة عضوة في المنظّمة الدوليّة لكتب الأطفال بسويسرا، وفي اتحاد “بي أي بي” لرسّاميّ كتب الأطفال بسلوفاكيا، إضافة إلى عضويّتها في اتحاد الفنّانين التشكيليّين السوريّين.
بعد اتصالات عديدة، وافقت على لقائي، بثقة متزعزعة. إذ كانت قد قاطعت المجلّة لسنوات لأسباب إداريّة. في ذلك الصباح، حدّثتني عن علاقتها الأثيرة بالمجلّة، وعن قلقها وافتخارها بحضورها المتواضع آنذاك بين عتاة الرسّامين، على رأسهم الراحليْن ممتاز البحرة ونذير نبعة، وبرفقة أوّل رئيس تحرير للمجلّة، المسرحيّ الراحل سعد الله ونّوس، وأخبرتني عن مرافقتها رئيسَ التحرير الأديب زكريّا تامر، أمدّ الله في عمره، خلال المرحلة الذهبيّة للمجلّة في السبعينيات”.
الحكايات والرسوم..
في حوار معها أجرته “فاتن دعبول” تقول “لجينة الأًصيل” الرسم: “بدأت الرسم قبل أعرف الكتابة، وأحببت الحكايات والرسوم ما دفعني وأنا في عمر العاشرة لإصدار مجلتي الخاصة، وقد لازمني هذا الشغف بالأدب والفن حتى المرحلة الإعدادية، حين بدأ الفن يحظى باهتمامي ويأخذ حيزاً كبيراً من وقتي، لذلك كانت كلية الفنون الجميلة هي الملاذ والهدف، فانتسبت إليها باختصاص» عمارة داخلية»، وكان همي الأول بعد التخرج العمل في الديكور المسرحي، لأنه يجمع بين الفن والأدب.
ومن هنا بدأت الرحلة، وصرت أتردد على مقر مديرية المسارح والموسيقا للعمل في المسرح، وهو المقر الذي يضم أيضاً» مجلة أسامة» وأثناء ذلك التقيت برئيس تحرير المجلة السابق الأديب عادل أبو شنب، الذي عرض علي أن أرسم في المجلة، ومن باب الفضول قبلت، دون أن أعلم أن هذه الرسوم ستكون نقطة تحول في حياتي.
كانت فرحتي لا توصف حين رأيت رسوماتي ولأول مرة على صفحات مجلة أسامة، تلك المجلة التي نشأت بيني وبينها علاقة حب، وعلى صفحاتها تدربت، فكانت كالأم التي تتحمل عثراتي وتبارك نجاحي وتشجعني، وعن طريقها عرفني الأطفال، ليس في سورية وحسب، بل في الوطن العربي جميعه”.
وعن رسوم الأطفال تواصل: “في السنوات العشرين الأخيرة انصب اهتمامي على البحث في مدى تأثير رسوم كتب الأطفال على تكوين شخصية الطفل وكيفية تطوير الكتاب فنياً ليحترم عقله ويواكب تطلعاته، وبدأت بمشروع “لوحة في كتاب الطفل” وإقامة الورشات للفنانين الشباب بهدف تعريفهم برسوم كتب الأطفال، وورشات أخرى للأطفال، ورأيت أن أهم العوامل التي يجب أن تتوفر في الكتاب لكي يصل للطفل بنجاح، أن تكون الرسوم قادرة على تركيز المفاهيم الأساسية والصحيحة في عقله ووجدانه من خلال القراءة البصرية، وضرورة أن تغذي هذه الرسوم غريزة حب الاستطلاع لدى الطفل بتراثه وحضارته.
كما يجب أن تحمل هذه الرسوم هموم وجمال بيئته، وهذا يعني أن يتحلى الفنان برصيد كاف عن بيئته، بحيث يستطيع أن ينقل هذا المخزون بفنية وأمانة للطفل دون تكلف وضمن قالب فني يحترم عقل الطفل وينمي ذائقته الفنية، فالرسوم ذات المستوى الفني المتميز لها دور هام في تنمية هذه الذائقة، خاصة وأن نمو الحس الجمالي لا يأتي بالفطرة، بل يتطلب تدريباً وجهداً كبيرين، وهذا يؤكد ضرورة أن يكون الفنان المتوجه للطفل متمكناً فنياً ليستطيع تحقيق هذا الهدف”.
الأهل..
وعن دور الأهل في تنمية مواهب الصغار تقول: “دور الكبار يأتي بأن يقدموا للأطفال الأعمال الجيدة، ليستطيع الطفل تمييز الجيد من الغث، وليكتسب سوية بصرية سليمة، وتوجيهه بشكل منهجي بترك الحرية الكاملة كي يتخيل، وفي الآن نفسه يجب تحريض هذا الخيال منذ الطفولة المبكرة كي يستطيع أن يخترع أساليب جديدة في مجالات الحياة منذ سنواته الأولى”.
مرآة صادقة..
في مقالة بعنوان (لجينة الأصيل فنها مرآة صادقة لذاتها) كتب “علي اليوسف” : “الفنانة لجينة الأصيل التي رحلت عن عالمنا منذ أيام، حضورها في الساحة التشكيلية عبر مخاطبتها الطفل في لوحاتها، ففي رصيدها الفني أكثر من 200 لوحة فنية و80 كتاباً للأطفال، و7 أفلام رسوم متحركة. أقامت العديد من المعارض في سورية ولبنان والأردن وفرنسا وإيطاليا، وحصلت على جوائز عديدة.
معرضها الفردي الأول كان بعنوان: “البحث عن الذات” ومنذ عامين أقامت معرضاً بعنوان: “العودة إلى الذات” وعن الفترة الزمنية التي عاشتها الفنانة الأصيل بين هذين المعرضين تقول: “كل ما تم كان ضمن محاولة لفهم الإنسان أكثر من خلال العالم المحيط به، والأصوات التي يسمعها، أصوات الموسيقا والعصافير والريح، من خلال الألوان التي يراها، وكذلك من خلال غضب الطبيعة المشابه جداً للحالات الإنسانية، فهذا كله بحث، ولكن في البداية كان بحثاً عن الذات في أعماقي أنا، لأنه عندما يريد المرء أن يفهم أي شيء من حوله يجب أن يفهم نفسه أولاً وقبل كل شيء، وأنا لا أدعي أنني فهمت نفسي بشكل كامل، لأن هناك أشياء يبقى الإنسان يبحث عنها وهو يشعر أنه لم يصل إلا لجزء صغير من اللغز الغامض الذي هو العالم من حوله، والعالم في داخله، فاللوحة تفسير لأشياء أجهلها شخصياً، فيها محاولة كشف علاقتي مع الداخل والخارج، وبالنسبة لي أحب رسم الأطفال وأمارسه بشغف وصدق، وهذا المطلوب من رسام الأطفال، وباعتقادي أن النقلة التي حاولت أن أضيفها إلى رسوم الأطفال هي أن تصبح لوحة فنية حقيقية تحمل إضافة إلى التكوين حساً وعاطفة تميز اللوحة عن أي عمل آخر فهي جزء من الفنان.
كما تنظر للعلاقة بين الفنان وعمله ككلّ لا يمكن تجزيئه مهما كان نوع هذا العمل، وكلما ازداد عشق الفنان وشغفه بلوحته، كلما استطاع أن يعيش حالة فصل تام عن المحيط الخارجي تؤهله للتوغل في أعماق الذات لتصبح اللوحة مرآة صادقة تعكس أحاسيسه وأحلامه، ثقافته وطموحاته، وكلما قويت هذه العلاقة بات العمل أمتن وذا حضور أقوى، وبالمقابل إذا لم تنشأ هذه العلاقة الوجدانية فمن الصعب أن يصل الفنان للحالة الإبداعية المثلى التي تحرره وتحرّض مكامن الإبداع لديه، وتذلل الصعوبات التي يمكن أن يمر بها العمل الفني”.”.
الوفاة..
توفيت ” لجينة الأصيل” في 29 فبراير 2024.