15 نوفمبر، 2024 5:28 م
Search
Close this search box.

“راسي براسك”!!

أدهشني تفاعلي مع عامة الناس من بلادي , إذ وجدتهم يفهمون ويعرفون وعندهم لكل سؤال جواب , وفي ذروة دهشتي , تساءلت: كيف يمكن الإجابة على أي سؤال , باسلوب العارفين , والكثير من الأسئلة لا أعرف الإجابة عليها؟!!

وكان الجواب: إذا قلنا لا نعرف ينظرون إلينا بعين الإستصغار , فعلينا أن نبدو أمام الآخرين بأننا من العارفين!!

قلت: أنا لا أعرف!!

فواجهتني نظرات العجب , وعيوني تقدح دهشة وعجبا!!

حضرني هذا المشهد الذي لا أعرف تفسيره بدقة وصوابية , وأنا أتحدث مع بعض الأصدقاء والزملاء , فوجدت سلوك ” أشتري منك وأبيع عليك” هو السائد.

وعندما سألت أحد الأخوة الباحثين ,أجابني : نخن نتصرف وفقا لمبدأ “راسي براسك” , فالسائد عندنا , أنا عارف , أنا فاهم وعندي فصل الكلام , ولو كنت من أجهل الجاهلين.

فلا يجوز لك أن تقول لأحدنا “على عينك حاجب”, وإياك أن تنتقده مهما قال وفعل , وهذا ينطبق على الجميع.

وهذه العلة السلوكية حولتنا إلى كرات بليارد تتصادم , ويلعب بها من يريد أن يصادمها ليفوز بإغتنامها , وإفتراسها , وإعلان إنتصاره بواسطتها , وهي التي تتلقى الضربات من أخواتها , فكرات البليارد متشابهات وإن إختلفت ألوانها.

قلت لصديقي: كيف نتحاور؟

قال: وهل وجدت بيننا من يتحاور أم يتصارع؟

ولهذا فأن القول بالحوار , حالة أبعد من المحال , ووفقا لذلك , الفئات السياسية بأنواعها ومسمياتها وشعاراتها قد تماحقت وإستنزفت طاقاتها في صراعات عبثية خسرانية مرعبة.

فهل نستطيع النظر إلى هذه العاهة السلوكية , ونجاهد في التحرر من سطوتها؟

هل لدينا القدرة على أن نعتصم بمصالح وطنية مشتركة تحقق سعادتنا وتؤمّن مستقبلنا.

بدلا من الإذعان للآخرين الذين يستثمرون في عاهاتنا المدمرة لوجودنا؟!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات