بمناسبة عيد المرأة العالمي في الثامن من مارس الماضي، شهدت تظاهرات باريس المنظمة من قبل حزب فرنسا الابية وجها فلسطينيا معروفا يتوسط قائمة النواب المرشحين لخوض الانتخابات الاوربية في التاسع من حزيران القادم، انها المحامية الشابة ريما حسن التي استقبلت استقبالا حارا من جموع المتظاهرين ومن المواطنين على طول طريق التظاهرة وسط العاصمة الفرنسية. وتناوب على الكلام في هذه المسيرة جان لوك ميلينشون المرشح الرئاسي السابق لرئاسة الجمهورية الذي طالب بوقف فوري لأطلاق النار في غزة وإيقاف تزويد دولة الاحتلال بالسلاح والمال ومقاطعة تصدير السلاح الفرنسي كما دعا الى توحيد الصفوف والوحدة لمواجهة من يريد الحروب والابادة لتأخذ من بعده الكلام ريما حسن لتقول: نعرف ان فرنسا هي بلد اعلان حقوق الانسان، نحن هنا اليوم للدعوة لان تكون فرنسا أيضا البلد المدافع عن حقوق الانسان وعن حقوق المرأة. قبل أشهر وكمواطنة التحقت بكل التظاهرات التي خرجت لدعم غزة واليوم انا سعيدة بأن اواصل ذلك مع عائلة وحركة سياسية هي حزب فرنسا الابية، حركة لم تتوقف عن الدعوة للالتزام بالقانون الدولي لوقف إطلاق النار الفوري والدعوة لسلام دائم الفلسطينيين والإسرائيليين، ان مسؤوليتنا السياسية هي ذاتها بخصوص القضايا الأخرى، تحويل الغضب الى أمل.
اختار حزب فرنسا الابية ريما حسن لتكون المرشحة السابعة على قائمة ترشيحات الحزب للانتخابات الاوربية اذ من المتوقع ان يحقق فوزا يرسل بها مجموعة من افضل نوابه الى البرلمان الأوربي ليواصلوا العمل فيه والتأثير على البرلمانيين الاوربيين لانتزاع قرارات للدفاع عن حقوق ومطالب شعوب بلدانهم وعن حقوق الانسان والعدالة في قرارات الاتحاد الأوربي أزاء دول العالم وخاصة الدفاع عن الشعب الفلسطيني الذي يعيش حرب إبادة منذ ستة اشهر؛ فقد نجحت كتلة حزب فرنسا الابية التي ترأسها “مانو اوبري” قبل أسابيع في من انتزاع قرار من الاتحاد الأوربي لوقف اطلاق النار وكان واضحا ان عمل الحزب ونوابه في الاتحاد الأوربي هو احد أسباب تطور مواقف الحكومة الفرنسية وبعض الدول الاوربية الأخرى حول حرب الإبادة في غزة. وقد تم ذلكرغم تمتع الكيان الصهيوني بمكانة خاصة في غض النظر عن خروقاته لشروط احترام حقوق الانسان المفروضة في تعامل الاتحاد الأوربي مع الدول. وقد أثار ترشح المحامية الفلسطينية حملة إعلامية واسعة في فرنسا ما تزال قائمة شنتها ابواق الاعلام المهيمن والمتملق لحكومة مجرم الحرب نتانياهو لكونها فلسطينية رغم جنسيتها الفرنسية ومحامية متخصصة في القانون الدولي، مؤسٌسة مرصد مخيمات اللاجئين ومجموعة عمل فلسطين فرنسا، هذه الحملة بدأت مع الحرب ضد غزة اذ استخدم مقدم برامج صهيوني يدعى “ارتور” نفوذه وتأثيره، يتابعه خمس ملايين مشاهد ، ليتصل بالقناة التلفزيونية الخامسة ويهدد الإدارة ومقدم برنامج بعد استضافته ريما حسن امام الناطق باسم الجيش الإسرائيلي اوليفيه رافوفوليس، ولأنه “والاخ الأكبر” “بك بروذر“ يتابعون عن كثب الصوت الفلسطيني متابعة دقيقة وتركوا ريما حسن تستمر بالظهور عدة مرات وتدافع بطريقة لامعة عن حقوق الشعب الفلسطيني وتدين إجراءات النظام العنصري بحق الفلسطينيين فقد انقضوا على ترشيح مجلة فوربس فرع فرنسا التي اختارتها كواحدة من أربعين امرأة مؤثرة للعام 2023 وليضغط مقدم البرنامج هذا على المجلة لرفع اسمها واتهامها بالتهمة التقليدية ) معاداة السامية(التي اخذ بعض السياسيين هنا يسمونها “بالإشعاع الليزري المُشل“وبتهمة الدفاع عن هجوم حماس في السابع من أكتوبربهدف القضاء عليها اعلاميا وخنق الصوت الفلسطيني الجديد من الظهور والتأثير في المشهد الإعلامي. وأثر ذلك استلمت ريما تهديدات كثيرة بالموت والاغتصاب والشتائم، تعليقات تنفي عنها الهوية الفلسطينية بحجة لا وجود لفلسطين وأخرى تشتمها بسبب كلامها وعملها وتصفها مثلما وصف غالانت وزير الدفاع الفلسطينيين وأخرى تطالب فرنسا بإرجاعها الى بلدها! وبينما قامت الدنيا ولم تقعد في الاعلام المهيمن لتشوية المحامية الشابة في كثير من القنوات والصحف الا ان نفس هذا الاعلام العنصري لم يتكلف جهدا في سماع ما قالته في البرامج العديدة التي دعيت لها والتي تتكلم فيها كمحامية متخصصة بالقانون الدولي مرجعيتها القرارات الدولية وتوصيفات الأمم المتحدة وتعريفاتها للمقاومة وبتقارير هيئاتها والمؤسسات الدولية مثل هيومن رايتس ومنظمة العفو الدولية ليتأكد من حقيقة ما تتهم به ومن خطابها ومهنيتها التي لا غبار عليهما. تقول ريما في مقابلة لها : ان بوصلتي هي القانون وهذا ينطبق على القضية الفلسطينية كما ينطبق على باقي القضايا واذا يعتقد مقدم البرامج “ارتور” انني معادية للسامية فلماذا لا يذهب للقضاء فهذه تهمة يعاقب عليها القانون هنا في فرنسا لكنه لا يستهدف ذلك بل هدفة هو الموت المهني والاجتماعي “. ظهور ريما حسن كصوت كاريزمي لشابة فلسطينية محامية، تتكلم الفرنسية بطلاقة ورصانة، بوصلتها القانون الدولي وادواته يجذب الفرنسيين لها هو خط احمر غير مسموح وجوده في المشهد الإعلامي الفرنسي بعد سنوات من العمل لتصفية وتجريم الحاضنة الشعبية المساندة والداعمة للحق الفلسطيني من شخصيات وجوامع وجمعيات ومدارس نموذجية) ازداد عددها خلال أربعين عاما( بشكل مزعج لداعمي الاحتلال.
ان التحاق المحامية الشابة بحزب فرنسا الابية جاء في الوقت المناسب ليكون صوتا فلسطينيا متميزا إعلاميا وسياسيا وقانونيا من شأنه ان يكون عاملا لانعطاف وتطور ليس في الرأي العام الفرنسي فحسب بل على المستوى الأوربي الذي قمع صوته وقمع رأيه الحر حول القضية الفلسطينية وتمت ملاحقته وتخويفه وإصدار قوانين لإرهابه من التصريح بموقف يؤيد الحقوق الفلسطينية ويدين نظام الكيان العنصري في فلسطين وخاصة بعد طوفان الأقصى حيث تم التشديد وإصدار قانون آخر وآخر تحت مسمى مكافحة العنصرية ومعاداة السامية ليطال الفضاء الشخصي والمحادثات بين الزملاء في العمل وتم وبسرعة الحكم اليوم على نقابي فرنسي بالسجن خمس سنوات وتغريمه مبلغا كبيرا وذلك لأنه وزع منشورا باسم النقابة التي ينتمي لها فيه دعم لنضال الشعب الفلسطيني ضد جرائم حرب الإبادة التي اعتادت النقابات الفرنسية التاريخية والمعروفة مواقفها من اجل السلام توزيعها بمناسبة تحشيد التظاهرات من اجل وقف اطلاق فوري للنار في غزة. وفي افتتاح حزب فرنسا الابية قبل أيام لحملتها الانتخابية للانتخابات الاوربية، استقبلت ريما حسن بالتصفيق الذي استمر لعدة دقائق، شكرت الحضور الكبير ودعمهم للشعب الفلسطيني وكل ما يقومون به للتضامن والمساعدة المادية والمعنوية منذ سنوات وقد طلبت من الجمهور الوقوف دقيقة حداد على أرواح الشهداء الذين كما قالت ينظرون الينا وهو ما لم يتجرأ أحد لا من السياسيين ولا من الأحزاب على القيام به بعد ستة أشهر من حرب الإبادة والمجازر. وقبل ذلك قامت عضوة في حزب فرنسا الابية بتقديمها للجمهور بهذه الكلمات: انه فخر لقائمتنا ان تكوني احدى المرشحات لأنك قد نبهت كثير من الناس لما يجري في غزة وعن الوضع العام في الشرق الأوسط ونود ان نسمع منك ما تحمليه من صوت للسلام في هذه الانتخابات، قالت ريما وهي توجه كلامها للقاعة الكبرى المكتظة : حان الأوان لإنهاء التهرب من العقاب وحان الوقت من اجل العدالة ، حان الوقت ليكون الاتحاد الأوربي صوت السلام هذا وصوت العدالة لشعوب العالم والفلسطينيين لسوءالحظ كانوا لزمن طويل مبعدين من الهيئة الدولية ومن مجموعة الدول لأن بلدهم هو آخر البلدان المستعمرة وآخر صراع استعماري. علينا أولا مسؤولية إنسانية وثانيا مسؤولية كمواطنين ومواطنات لان الفلسطينيين يطالبون بشيء تملكوه أنتم جميعا، ربما في جيوبكم او حقائبكم وهو كارت الهوية، علينا مسؤولية مصيرهم “. أرسلت ريما حسن في كلمتها هذه رسائل مهمة ومستعجلة بضرورة وجود لغة القانون الدولي لتناول موضوع ثقيل فيه كثير من الاحداث المؤلمة للفلسطينيين وللإسرائيليين لوضع الاوربيين امام مسؤولياتهم، ومن ثم على اوربا ان تقوم وبعجالة بأنهاء اتفاق التعاون الأوربي الإسرائيلي لان هذا الاتفاق مشروط باحترام حقوق الانسان وحقوق الفلسطيني غير محترمة منذ 75 عاما ، كذلك من الضروري والمهم وبسرعة معاقبة سياسة الاستيطان المستمرة منذ وقت طويل ، وبدل معاقبة بضعة مستوطنين فان المطلوب هو معاقبة نظام الاستيطان المتمثل بوجود اكثر من 800 الف مستوطن في الضفة الغربية ويشكلالعقبة الوحيدة لإقامة الدولة الفلسطينية، هذه افاق للسلام لم يتطرق لها احد. وختمت ريما حسن كلامها بالطلب ممن قدم مشروع الابارتيد الى الجمعية الوطنية والذي يعتبر جريمة في القانون الدولي بالتقدم في هذا المشروع بشكل حثيث لان كل جرائمه موثقة من قبل الفلسطينيين ومن قبل مؤسسات الأمم المتحدة وحقوق الانسان وامنستي والحاجة ماسة اليوم للاعتراف بكل هذا فقد حان وقت إحقاق العدالة من اجل السلام.
يبدو انه فد حان أيضا وقت تنظيم الجاليات العربية وانخراطها في العمل السياسي بشكل اوسع وترشيح شخصيات متمكنة وواعية مثل المحامية ريما حسن ودعم الأحزاب السياسية )في كل الانتخابات اوربية ووطنية(الداعمة للحقوق العادلة للشعب الفلسطيني، والمدافعةعن مواطنة ومساواة حقوق الاوربيين العرب والمسلمين والمهاجرين والطبقات المهمشة وتحارب شيطنتهم والاسلاموفوبيا المنظمة ضدهم.