فجرٌ أطلّ على رباك فهلّلي// فرحاً لميلاد الوصي الأكمل
هذا الامام المجتبى وقد انجلى/ ليل الضلال عن الزمان المثقل
هبّت على الدنيا مكارم فضله/فسمت على أوج السّماك الأعزل
في مولد الحسن الذي آلاؤه/ كالشمس عن كبد السما لم تأفل
عمّت بشائره بزمزمَ والصفا // ومِنى وناحية الحطيم الأمثل
وغدت به الارجاء تفخر بعدما/ كانت عن المجد الأثيل بمعزل
وخبت به نار الجهالة مذ رأت /نور الإمامة في العوالم ينجلي
بسم الله الرحمن الرحيم
{ إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ }
أطل على العالم الإسلامي نور الإمامة من بيت أذن الله أن يرفع ، ويذكر فيه اسمه ، انبثق من دوحة النبوّة والإمامة فرع طيب زاك رفع الله به كيان الإسلام ، وأشاد به صروح الإيمان ،حيث استقبل النبي (ص) وابن عمه علي بن ابي طالب{ع} سبطه الأكبر سيد شباب أهل الجنّة في شهر هو أبرك الشهور وأفضلها حتّى سمّي شهر الله ، وهو شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، ولد الليلة اول نبع من الكوثر لمحمد وعلي عليهما السلام ذلك في السنة الثانية ، أو الثالثة من الهجرة وقد شوهدت في طلعة الوليد الشبه العظيم بجده رسول الله{ص}.. وقد عرف عن الامام الحسن {ع} انه يشبه طلعة الرسول (ص) فهو من جمعت فيه شمائل النبوة ومحاسن الإمامة. ولما أذيع نبأ ولادة الصديقة الطاهرة بالمولود المبارك غمرت موجات من السرور والفرح قلب النبيّ (ص) فسارع إلى بيت ابنته ـ أعزّ الباقين ، والباقيات عليه من أبنائه ـ ليهنئها بمولودها الجديد ويبارك لأخيه أمير المؤمنين ، ويفيض على المولود شيئاً من كرامات النبوة من نفسه التواقه ان يحمل وليدا من صلبه وابناءه في يديه .. فاطبق على ولده يلثمه ويقبله .. ونفسه تعانقه .
بعد ان دخل الدار وصل قريبا من غرفة فاطمة فسمع النساء يدارين فاطمة وهن مبشرات فرحات :فاراد ان يشارك الجميع الفرحة فنادى.« يا أسماء : هاتيني ابني » ولا ادري كيف خرجت الكلمة من شفتيه .. لا اعرف مدى العاطفة التي كانت في صدره تلك اللحظة يوم اقبلت به اسماء .. وكيف اصور اللحظات التي كان ينظر فيها لوليده الذي سيكون سيدا لاهل الجنة فانبرت أسماء ، ودفعته إليه في خرقة صفراء فرمى بها.وقال :« ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء ؟ » فاخذه وقبله واذن في اذنيه وألباه بريقه وضمّه إلى صدره ، ورفع يديه بالدعاء له.قائلا:« اللهم : إني أعيذه بك ، وذريّته من الشيطان الرجيم »..
سنن الولادة :واخذ (ص) بإجراء مراسيم الولادة وسننها على مولوده لمبارك وهي :١ ـ الأذان والإقامة :أذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى وفي الخبر « ان ذلك عصمة للمولود من الشيطان الرجيم ». فأيّ بداية منح بها الإنسان أفضل من هذه البداية التي منح بها السبط الأكبر ؟! فان أوّل صوت قرع سمعه هو صوت جدّه الرسول (ص) علّة الموجودات ، وسيّد الكائنات ، وأنشودة ذلك الصوت.« الله أكبر لا إله إلا الله » بهذه الكلمات المنطوية على الإيمان بكلّ ماله من معنى يستقبل بها الرسول (ص) سبطه فيغرسها في أعماق نفسه ، ويغذي بها مشاعره ، وعواطفه لتكون انشودته في بحر هذه الحياة. ثم جاءت بعدها السنن التي اوصى بها امته ليجروها على ابناءهم . وهي :
٢ ـ التسمية :والتفت (ص) إلى أمير المؤمنين ، وقد أترعت نفسه العظيمة بالغبطة والمسرات فقال له :« هل سمّيت الوليد المبارك ؟ » فأجابه الإمام :« ما كنت لاسبقك يا رسول الله »وانطلق النبي (ص) فقال له :« ما كنت لأسبق ربّي .. »وما هي الّا لحظات وإذا بالوحي يناجى الرسول ، ويحمل له « التسمية » من الحقّ تعالى يقول له جبرئيل : « سمّه حسنا » حقّاً إنّه اسم من أحسن الأسماء وكفى به جمالاً وحسنا أن الخالق الحكيم هو الذي اختاره ليدلّ جمال لفظه على جمال المعنى وحسنه.
٣ ـ العقيقة : ومضت الايام سريعة والطفل ينتقل بين حجر فاطمة الى حظن رسول الله الى يدين سيد الاوصياء وانطوت سبعة أيّام على ولادة حفيد الرسول (ص) فاتّجه (ص) إلى بيت الإمام (ع) ليقوم ببعض التكريم والاحتفاء فجاء بأقصى ما عنده من البرّ والتوسعة فعق عنه بكبش واحد واعطى القابلة منه الفخذ وصار فعله هذا سنة لأمّته من بعده.
٤ ـ حلق رأسه : وحلق (ص) رأس حفيده بيده المباركة ، وتصدق بزنته فضة على المساكين وطلى رأسه بالخلوق حقا لم نر حناناً مثل هذا الحنان ، ولا عطفاً يضارع هذا العطف. والخلوق هو” طِيْب يُتَّخَذ من الزَّعْفران وغيره من أنواع الطِّيب.” يعمل وطلى به راس الطفل . ثم جاء . ثم الختان : اجرى (ص) عليه الختان في اليوم السابع من ولادته لأن ختان الطفل في ذلك الوقت أطيب له وأطهر. ثم جاءت كنيته .
واخيرات كنيته : كناه النبي (ص) أبا محمّد ولا كنية له غيرها ،بهذا انتهت مراسيم الولادة التي قام النبيّ (ص) بها لسبطه الأكبر.اما ألقابه : لقب (ع) بالسبط ، والزكي ، والمجتبى ، والسيّد ، والتقي.
نعود الى سورة الكوثر وما علاقتها بالنبي وفاطمة وعلي عليهم ازكى سلام . اراء في السورة: قال ابن عباس : نزلت في العاص بن وائل أنه رأى رسول الله [ص] يخرج من المسجد الكعبة بينما هو يدخل ، فالتقيا عند باب بني يسمى باب سهم ، وقف امامه وحدثه وكان صناديد قريش في المسجد جلوس جالسون ولكن ما يسمعون الحوار بينهم ، فلما دخل العاص قالوا له : من الذي كنت تحدث به محمدا ؟ قال : ذاك الأبتر ، يعني النبي توفي قبل مدة اباه وليس له اخ ولا اخت . وكان من خديجة انها لم تنجب بعد فاطمة الزهراء وكان يتمنى ان يكون له ذرية . وكانوا العرب يسمون من ليس له ذرية : أبتر ، فأنزل الله تعالى هذه السورة …. وفي تاريخ محمد بن اسحاق: قال : كان العاص بن وائل السهمي إذا ذكر رسول الله [ص] في أي محفل وهو موجود يقول: دعوه [إنما هو رجل أبتر لا عقب له ، لو هلك انقطع ذكره واسترحتم منه] ، فأنزل الله تعالى في ذلك : ( إنا أعطيناك الكوثر) وتمادى هذا اللعين بحقده وحربه للنبي {ص}حتى وصلت الحال انه حين يمر به يقول : إني لأشنؤك وإنك لأبتر من الرجال ، فأنزل الله تعالى : ( إن شانئك ) الشَّنَاءَة : أشدُّ البُغْض، بغض مع عداوة وسوء خُلُق وهذه كلها جمعت في اعداء محمد وال محمد{ص} . فنزلت السورة في مكة تطمئنه ان عدوه العاص بن وائل سيكون ابتر اما انت فقد وهبك الله الكوثر . وعبقت قريحة السيد رضا الهندي بقصيدة الكوثرية.
أَمُفَلَّجُ ثغرك أم جوهر /// ورحيقُ رضابك أم سُكَّر // قد قال لثغرك صانعه إنَّا أعطيناك الكوثر // والخال بخدِّك أم مسك //نقطت به الورد الأحمر//
أم ذاك الخال بذاك الخدِ // فتيتُ الندِّ على مجمر //عجباً من جمرته تذكو بها // لا يحترق العنبر //يا مَن تبدو ليَ وفرتُه// في صبح محياه الأزهر فأُجَنُّ به بالليل إذا يغشى والصبح إذا أَسفر ///أسرفت وما أسلفت لنفسي// ما فيه أُعذَر //سَوَّدت صحيفة أعمالي // ووكلت الأمر الى حيدر // هو كهفي من نوب الدنيا //وشفيعي في يوم المحشر //قد تَمَّت لي بولايته// نعمٌ جَمَّت أن تشكر // لأصيب بها الحظّ الاوفىا // واخصص بالسهم الأوفر // بالحفظ من النار الكبرى //والأمن من الفزع الأكبر// هل يمنعني وهو الساقي //أن أشرب من حوض الكوثر .
جاء في تفسير الصافي في تفسير كلام الله الوافي ان معنى قوله تعالى في السورة { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } تعني الخير المفرط الكثير وفسّر براي اخر ان الكوثر هو [العلم والعمل والنبوّة والكتاب]وفيه ان الله شرفه {بشرف الدّارين وبالذرّية الطيّبة}. الصادق عليه السلام انه الشفاعة .وعنه عليه السلام قال هو نهر في الجنّة اعطاه الله نبيّه عوضاً من ابنه ابراهيم .
في الامالي عن ابن عبّاس قال لمّا نزل على رسول الله {ص}انّا اعطيناك الكوثر قال له عليّ بن ابي طالب{ع} ما الكوثر يا رسول الله قال نهر اكرمني الله به قال عليّ عليه السلام ان هذا النهر شريف فانعته لنا يا رسول الله قال نعم يا عليّ الكوثر نهر يجري تحت عرش الله تعالى ماؤه اشدّ بياضاً من اللّبن واحلى من العسل والين من الزّبد حصاه الزّبرجد والياقوت والمرجان حشيشه الزّعفران ترابه المسك الاذفر قواعده تحت عرش الله عزّ وجلّ ثم ضرب رسول الله {ص} على جنب امير المؤمنين عليه السلام وقال يا عليّ هذا النّهر لي ولك ولمحبّينك من بعدي. وفي مصادر اخرى عن النبيّ {ص}انّه سئل عنه حين نزلت السورة فقال نهر وعدنيه ربّي عليه خير كثير هو حوضي ترد عليه امّتي يوم القيامة انيته عدد النجوم السّماء فيختلج القرن منهم فأقول يا ربّ انّهم من امّتي فيقال انّك لا تدري ما احدثوا بعدك.وفي الخصال عن امير المؤمنين{ع} قال انا مع رسول الله{ص}وآله ومع عترتي على الحوض فمن ارادنا فليأخذ بقولنا وليعمل عملنا فانّ لكل أهل نجيباً ولنا نجيب ولنا شفاعة ولأهل مودّتنا شفاعة فتنافسوا في لقائنا على الحوض فانّا نذود عنه اعدائنا ونسقي منه احبّائنا واوليائنا من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها ابداً حوضنا فيه مشعّبان ينصبّان من الجنّة احدهما من تسنيم والآخر من معين على حافتيه الزّعفران وحصاه اللّؤلؤ وهو الكوثر.
الحسن في روايات مع رسول الله{ص}: عن ابن عبّاس قال : « كان رسول الله{ص} حامل الحسن بن علي على عاتقه فقال رجل : نعم المركب ركبت يا غلام ، فقال النبي{ص} ونعم الراكب هو » . ما رواه جابر :قال : قال رسول الله{ص}« من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة فلينظر إلى الحسن ». وقال {ص} في اكثر من موضع : « الحسن سيّد شباب أهل الجنّة » وروت عائشة زوج النبي كثيرا {ص} « أنّ النبي{ص} كان يأخذ حسناً فيضمّه إليه ، ثمّ يقول : اللهم انّ هذا ابني وأنا أحبّه فأحبّه وأحبّ من يحبّه ».
فيكم سمت راية الأسلام خافقة /أنتم مـداد العلى والدين والطنبُ
وأنت بالحق والقرآن مقتضبٌ/رغم البغاة وذو الأعـداء تضطربُ
في صلبكم أودع الرحمن قـائمكمْ/ يا حجة الله يا تاريخنـا اـرحبُ
أبا محمد فقت الـصبر محتسبا /فمن محمـد فيك العـز مكتسبُ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لعلع بباب علي ايها الذهب/ واخطف بابصار من سروا ومن غضبوا
وقـل لِمَن كان قد أقصاكَ عن يده/عفواً إذا جئتُ منك اليوم اقتربُ
لعل بادرة تبدو لحيدرة ///*////// ان ترتضيك بها الابواب والقبب
فقد عَهدناهُ والصفراءُ منكرةٌ// لِعَينِه وسَواها عندهُ لَهبُ
مــا قيمـةُ الذّهب الوّهُاج عنَد يدٍ ///على السواءِ لديها التِبرُ والترُبُ
بَلّغْ معاوية عنّي مُغلغلة////وقـل لهُ وأخـو التبليغ ينتدبُ
قُــم وأنظر العدلَ قد شيدَتْ عِمارتُهُ///والجـورُ عندَك خزيٌ بيتُهُ خَرِبُ
الشيخ عبد الحافظ البغدادي