عاش البعض عمرا طويلا تحت ظلال الشعارات العقائدية والوطنية والممارسات الدينية والانسانية , بينما عاش البعض الاخر منفيا لعقود وهو يتنقل بين المدن والبلدان ويشاهد مختلف الثقافات وينهل من شتى المعارف , وبعد سنوات طويلة من التنشئة الاجتماعية المحافظة والالتزام الديني الذي هو اقرب للتصوف والزهد … , اذ افنى هؤلاء جل اعمارهم في المحاضرات الاخلاقية والدعوات الوطنية والانسانية والممارسات الدينية والنقاشات العقائدية ؛ فضلا عن الانخراط في معارضة النظام البعثي المجرم , وانتقاد تصرفات ازلامه وسلوكيات جلاوزته والتي اتسمت بالشهوانية والعنف والحيوانية والفساد والانانية , والتنكر لكل القيم والمثل والاخلاق , ولكل ما يمت للنزاهة والشرف والوطنية بصلة … الخ … ؛ انحرفوا عن جادة الحق والصواب والوطنية , وساروا بسيرة الذين سبقوهم من البعثية والصدامية والطائفية , وانغمسوا في الشهوات والملذات الى حد الثمالة والانحطاط , وتنكروا لماضيهم وعقائدهم واهلهم وبني قومهم ؛ وقلبوا ظهر المجن لبلادهم وشعبهم , وبانت حقيقتهم وانكشف معدنهم الرديء, وسفهوا شعاراتهم القديمة وابطلوا دعواتهم السابقة , وافرغوا الطقوس والشعائر الدينية و الممارسات السياسية من محتواها الاخلاقي والقيمي والحقيقي , وحللوا الحرام , وخاضوا في الباطل والشبهات , واكلوا السحت , واباحوا اكل الدم والميتة , وتوضؤا بدموع الايتام والارامل … ؛ وامثال هؤلاء ينطبق عليهم قول فرويد : (( ان أشد الناس تحريما للشيء هم في نفس الوقت أشدهم رغبة فيه !! )) .
ولم يسيروا بسيرة الايرانيين او الاوربيين – مثلا – الذين عاشوا معهم لفترة طويلة من الزمن , فالإيراني والاوربي معروفان باعتدالهم بممارسة الجنس , وبالوفاء والاخلاص للحبيبة , ونادرا ما تجد فيهم زير نساء او رجل متعدد العلاقات , وان وجد فهو منبوذ اجتماعيا … , وكذلك لم يعملوا بأصولهم العشائرية المحافظة , ولم يتماهوا مع مجتمعاتهم الملتزمة دينيا – ولو على الصعيد الظاهري – ؛ فقد هجموا على الشهوات هجوم الهمج الرعاع على الضحية , وانقضوا على الملذات انقضاء الوحوش على الفريسة , فكانوا مصداقا لقول احد الائمة : ((الدنيا جيفة، وطلابها كلاب )) *
وكل يوم صرنا نرى الكلاب تفترس جيفة جديدة , اذ اكلت تلك الكلاب كل شيء حتى النطيحة والميتة والمتردية والهزيلة والمريضة , ولم يسلم من فتكها شيء ؛ فبدلا من الاكتفاء بعشرة الزوجة الشرعية الواحدة , او لا اقل الزواج من اكثر من واحدة وضمن حدود الشرع والقانون , او الارتباط العاطفي بامرأة مخلصة وفية تحفظ السر وتصون الكرامة … ؛ انخرطت هذه الشرذمة المنحرفة والتي شوهت سمعة الاغلبية الاصيلة والامة العراقية ؛ بإقامة العلاقات المتعددة وغير المشروعة , وبممارسة الجنس مع الكل وبلا استثناء بدء من زميلاتهم في العمل والحزب وغيرهما , مرورا بالإعلاميات والناشطات و الفاشينيستات , وصولا الى ممارسة الجنس مع السكرتيرات وارامل الشهداء وضحايا الارهاب والمطلقات ؛ وانتهاء باللواط مع الشباب والغلمان , بل وصلت الخسة والدناءة بالبعض بممارسة الجنس مع بائعات الهوى المريضات والخادمات …!! .
ان لم تكونوا صالحين وملتزمين دينيا , وان لم تتحلوا بالشرف والغيرة العراقية الاصيلة ؛ فلا اقل كونوا من الاشخاص النظيفين والذين يتمتعون بصحة جيدة والذين يخافون على سمعتهم الاجتماعية ومناصبهم الحكومية … ؛ اذ بينت الدراسات والابحاث ان هذه الظاهرة السلبية قد تتسبب بالعديد من الامراض ؛ فمن الواضح ان الشخص متعدد العلاقات اكثر عرضة للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا كالإيدز وغيره … ؛ فضلا عن النتائج السلبية الاخرى كالطلاق ؛ فقد وجدت دراسة منشورة عام ٢٠١٠ في مجلة الزواج والعائلة أن هناك ترابط بين تعدد الشركاء الجنسيين قبل الزواج وارتفاع معدلات الطلاق؛ فقد وجدت الدراسة التي أجراها ( جي تيشمان ) أن النساء اللواتي كان لهن ١٦ شريكًا جنسيًا أو أكثر قبل الزواج كان معدل الطلاق لهن ٨٠%… ؛ وأكدت دراسات علمية دولية، أن ممارسة الجنس مع أكثر من شريك لفترة طويلة تضاعف كثيرا من خطر الإصابة بأمراض السرطان… ؛ كما أفاد موقع “ميديكال اكسبراس” بأن هذا الأمر اكتشف لدى الرجال والنساء على حد سواء.
واغلب المجتمعات البشرية تستنكر ظاهرة تعدد الشركاء الجنسيين، وتأمل من معظم أفرادها أن يقيموا علاقات طويلة الأمد مع شريك واحد لا غير , و من اسباب هذه الظاهرة الشبق الجنسي والشهوانية المفرطة , والحرمان العاطفي , واضطراب الشخصية , بالإضافة الى النرجسية والانانية , فارتكاب الخيانة بالنسبة للشخص الاناني أمر في غاية البساطة , و من اسبابها ايضا بعض الامراض النفسية والعصبية , وقد أكد بعض استشاريين الطب النفسي : أن الشخص متعدد العلاقات له عدة أسباب تجعله كذلك مثل إدمان العلاقات المتعددة أو رغبة في الاشباع الجنسي أو هواية التلاعب بمشاعر الفتيات لتلبية رغبته في الاحساس بذاته وشخصيته التي قد تكون ناقصة ولا يكملها غير شعوره بالرغبة بشكل دائم … ؛ فالبعض تعتريه مشاعر النقص ؛ اذ ان هناك بعض الرجال الذين لا يتمتعون بثقة بالذات ويشعرون أنهم أقل من أقرانهم، مما يدفعهم للدخول في العديد من العلاقات النسائية للإثبات لنفسهم أو لمحيطهم الاجتماعي أنهم مرغوبين من النساء … .
صفات الرجل متعدد العلاقات
هناك العديد من الصفات السلبية التي ترافق الرجل ذو العلاقات المتعددة -المتزامنة أو المتتالية- والتي تجعل من الارتباط به بالزواج صعباً أو حتى ضرباً من الجنون لأنه من الصعب تغيير طبعه هذا، وأهم صفات الرجل متعدد العلاقات :
· الخداع والكذب: غالباً ما يتصف الرجل المتعدد العلاقات بالكذب وذلك لأنه يكون قد اعتاد على هذا الطبع في علاقته العاطفية المتعددة مع النساء، فهو يستخدم الكذب لجعل شخصيته تتلاءم مع شخصية كل فتاة يقابلها بحيث يجعلها تعجب به وتقع في شباكه.
· الخيانة: من الطبيعي أن يوصف الرجل متعدد العلاقات بالخيانة بحيث لا يكتفي بامرأة واحدة، فلا يحفظ العهد ويجعل مشاعره تنتقل من فتاة لأخرى.
· انعدام المسؤولية: الرجل متعدد العلاقات هو رجل غير مسؤول، ينحصر تفكيره في لفت نظر النساء والإيقاع بأكبر عدد منهن، فلا يفكر في تأسيس حياته وغالباً لا يستطيع الاستمرار في مهنة أو عمل ما فهو لا يصلح لأن يكون زوجاً مسؤولاً.
· الاستهتار واللامبالاة: وهو أحد عيوب الرجل متعدد العلاقات فهو لا يحترم سنه ولا يحترم سمعته أو سمعة عائلته، ويضيع وقته في اللهو مع الفتيات دون توقف.
· النرجسية الغرور: يتصف الرجل متعدد العلاقات بالغرور وذلك نتيجة التفاف الفتيات والنساء حوله مما يجعله يشعر بأنه شخصية مهمة وبأنه( دونجوان ) ويستطيع الحصول على أي فتاة يريدها فوراً دون جهد.
· الاتصاف بالأنانية: الرجل متعدد العلاقات هو شخصية أنانية، فهو لا يفكر إلا بنفسه وبرغباته ولا يفكر بمشاعر النساء التي يقوم باللهو بهن، فهو يعتبر أنهن مجرد ألعاب بين يديه يستخدمهن لإشباع رغباته فقط.
وبسبب الثراء الفاحش والاموال الطائلة والرواتب العالية والامتيازات التي حصل عليها البعض من دون وجه حق , ولان المال مادة الشهوات كما قال الامام علي , اضطربت سلوكياتهم , وتغيرت اخلاقهم وانكشفت اوراقهم , و وقعوا في فخ المومسات والمأبونين بكل سهولة , واضحوا أضحوكة لهن ولهم , اذ ظن هؤلاء الاوباش وانصاف القادة والرجال والمتعلمين وعديمي الشرف والمبدأ والوعي , ان تقرب النساء لهم وتغزلهن بهم ؛ بسبب سماتهم الجسمانية وصفاتهم الاخلاقية وشخصياتهم القوية ؛ ولا يعلم هؤلاء الحمقى ان النساء ولاسيما بائعات الهوى والرخيصات بطبعهن يعشقن الرجل الثري وصاحب النفوذ , وعليه تحاول المرأة اللعوب شد انتباه الرجل( الدمج والدبج والدوني ) بشتى الوسائل والاغراءات ؛ مما يجعل الرجل يشعر بالأهمية ويدخل في علاقات مع هذا النوع من النساء، كما يحاول فيما بعد أن يصطاد الفتيات التي لا تهتم لحالته المادية فيشكل له ذلك تحدياً للحصول على هذا النوع من الفتيات الشريفات والقويات بكافة الطرق، مع التنويه إلى أن ليس كل رجل ثري يميل لأن يكون متعدد العلاقات ولكن الحالة المادية تسهل هذا التعدد لمن كان عنده هذه العقدة… ؛ وبعد هذه الرحلة الجنسية الحيوانية المضنية والتجارب العاطفية والعلاقات النسائية الكثيرة ؛ يدبّ الملل والضجر اليه ؛ فيبحث عن صيد جديد ؛ واذا به يدخل عالم اللواط , وبعد ان تنهك قواه مع الغلمان والشباب الاقوياء ؛ يصل الى مرحلة اسفل السافلين ويدخل ضمن زمرة المأبونين , وبعدها يمارس كل المحرمات والممنوعات وبشتى الحجج والاعذار … ؛ لأنه اصبح رجلا خالي الوفاض من العبادات والمجاهدات والرياضات الروحية التي كان يدعيها سابقا ؛ او القيم والمثل والشعارات التي كان يختبئ خلفها ؛ او لأنه اصبح شخصا لا يستحي من نفسه ولا اهله ولا يخجل من ضميره ولا يخاف الله في خلقه , او لأنه ليس لديه شيء يقدمه لنفسه وللمجتمع ولوظيفته , او لأنه رجل عاش بالدجل والرياء والنفاق واكتشف انه مجرد امعة بلا مبادئ سامية ولا قيم ومثل حقيقية , وانه اشبه بالظاهرة الصوتية الفارغة …الخ .
وانني لأعجب لحالات تكاد تتفطر لها القلوب وتدمع العيون ؛ ومنها : اقتران رجل بلغ من الكبر عتيا بصبية بعمر الورود , اصغر سنا من حفيداته , واغلبنا سمع بهذا السياسي الشيخ او ذاك الاعلامي المسن الذي مارس الجنس مع موظفات وفتيات بينه وبينهن بعد المشرقين , او ذلك الوغد الذي لا يخاف الله في استغلال الارامل جنسيا , او الدكتور الذي لا يراعي حرمة مريضه , والاستاذ الذي يستغل الحرم الجامعي لممارسة الموبقات ؛ او ذلك الكهل الذي يلوط بغلام بعمر اطفاله الصغار , او رجل الامن والقانون الذي يقايض النساء على شرفهن … !! .
……………………………………………
* ويقصد الامام بالدنيا هنا ؛ دنيا الحرام والفساد والموبقات والجرائم والمثالب والعار .