أي مراقب لتطورات الاحداث السياسية الاخيرة في العراق لابد له أن يأخذ في الحسبان الدور المتعاظم لميليشيا تنظيم عصائب أهل الحق،بعد أن تناقلت أوساط إعلامية أخبارا تشير إلى مشاركتها العسكرية الفاعلة إلى جانب قوات الجيش الحكومية في عدد من المناطق داخل العراق ضد عناصر مسلحة،هذا إضافة الى مشاركتها الكبيرة في سوريا إلى جانب قوات النظام البعثي .
لم يكن هذا الدور كما يبدو واضحاً ضد إرادة التحالف الوطني الحاكم بل كان منسجما معه،وإنْ لم يباركه بشكل رسمي،لكن وقائع كثيرة تناولتها صحف ووكالات أنباء خلال شهر نيسان الحالي 2014 أشارت فيها إلى لقاءات قد تمت مابين قيادة التنظيم وعناصر قيادية في التحالف الوطني تتولى مناصب ومسؤوليات كبيرة في حكومة المالكي.من هنا يرى المتابع للمشهد السياسي العراقي أن تنظيم العصائب سيكون لاعباً رئيسياً في انتخابات 30 نيسان 2014 وفي تحديد صورة الحاكم القادم.
وفيما لوجاءت نتائج الانتخابات القادمةمنسجمة مع سياق هذا التحليل،لكم أن تتخيلوا كيف سيكون شكل الديموقراطية في العراق؟ وماهي مساحة الحرية والتعبير؟ وماهو شكل العلاقة التي ستقيمهاالحكومة الجديدة مع الطائفة السنية والكورد بأعتبارهما ابرز الاطراف في اللعبة السياسية بعد الشيعة ؟
لست منفصلا عن الواقع لكي أرى الصورة بهذا الشكل الفنتازي كما قد يراني البعض..إنما يدفعني إلى ذلك،ماأجده واضحاً في المشاركة الشعبية الواسعة التي
يحظى بها التنظيم في بغداد ومدن الوسط والجنوب اثناء تشييع قتلاه الذين يسقطون في سوريا وهم يقاتلون إلى جانب قوات الأسد،هذا اضافة الى المشاركة الرسمية لاعضاء من الحكومة والبرلمان في استعراضات التنظيم العسكرية التي يقيميها علناً وتحت حراسة قوات أمنية حكومية تستلم أوامراها بطبيعة الحال من المالكي شخصياً بأعتباره القائد العام للقوات المسلحة !؟
ايضا ينبغي أن لاننسى صمت الحكومة وتجاهلها التام لكل الشبهات التي أثيرت حول الدور الذي يمكن أن لعبه ألتنظيم في المذبحة التي شهدتها ناحية بهرز في شهر اذار الماضي !؟ . . وكان يتوجب على الحكومة أن تجرى تحقيقات جديّة لمعرفة مدى صحتها، حتى تضع الأمور في نصابها القانوني،لكنها بدلاً من ذلك التزمت الصمت ولم تفعل شيئا،مما عمق هذه الشبهات بدلا من اسقاطها.
أيضا هنالك عدد من الاسئلة التي تفرض نفسها في إطار هذا الموضوع :-هل يحق لتنظيم سياسي يملك ميليشيا مسلحة أن يشارك في عملية انتخابية ديموقراطية ويكون له ممثلون في البرلمان ؟ هل يستقيم هذا مع العمل الديموقراطي ؟ ولماذا يحق للعصائب مالايحق لغيرها من التنظيمات المسلحة خاصة السنية منها ؟ وإذا كان التنظيم لم يلق بسلاحه وهو خارج السلطة،فهل من المنطقي أن يلقي بسلاحه بعد أن تصبح السلطة ملك يديه؟ . و`إذا كانت حركته الآن على سطح الارض تتم بحرية مطلقة وهو يمارس دورا ً قتاليا مُلتبساً داخل وخارج العراق بمعزل عن سلطة الدولة ومؤسساتها دون رقيب ولاحسيب،فكيف ستكون قوته وسلطته بعد أن يصبح قوة رئيسة شرعية في السلطة إنْ لم يكن هو السلطة كلها ؟
فهل ستمنح الحكومة القادمة لعصائب أهل الحق دورا ً رسمياً في المعارك الدائرة في الانبار وديالى وحزام بغداد ثمنا لماقدمه التنظيم من دعم لها في الانتخابات ؟ .
هذا إضافة إلى أنها سوف تستثمر خبرته القتالية التي اكتسبها وهو يقاتل الى جانب قوات النظام في سوريا .
ألاتكفي هذه المؤشرات لكي تدفعنا إلى مثل هذا التصور ؟ أم انني أتخيّل مشهداً سينمائيا يمكن أن يتحقق على الشاشة فقط لكثرة مشاهدتي للأفلام الاميركية ؟
من هنا أجد ضرورياً أن نضع في الحسبان هذه الأسئلة بكل احتمالات أجوبتها،ولنا أن نذهب بعيداً بخيالنا،لنتصور مايمكن أن يكون عليه العراق بعد شهر من الآن،أي بعد حسم الانتخابات وفق ماتصورناه من نتائج محتملة،وينبغي هنا أن نضع في الأعتبار ماهو مُعتمٌ منها قبل أي صورة أخرى متفائلة،خاصة فيما يتعلق بقضايا معقدة وحساسة،مثل قضية الانباربعد أن فشل الخيار العسكري الذي لجأت إليه الحكومة في أيجاد مخرج واقعي لها،بل زداها تعقيداً ودماراً.