18 ديسمبر، 2024 10:16 م

الأمة تعوِّق أفذاذها!!

الأمة تعوِّق أفذاذها!!

العلاقة طردية بين البشر والنوابغ منهم , أي كلما زاد عدد البشر زاد عدد النوابغ , وإذا إفترضنا ولادة نابغة واحد من بين عشرة آلاف شخص , فأن هناك مئة منهم في كل مليون , فالبلد الذي تعداد سكانه مئة مليون من الممكن أن يكون فيه عشرة آلاف نابغة , وهؤلاء هم الذين يتوجب عليهم قيادة المجتمع ورسم خارطة مسيرته في الحاضر والمستقبل.

النابغة: مبرز في علمه , مبدع , موهوب

والفرق بين المجتمعات يتمثل في توفير آليات رعاية نوابغها وتوفير الفرص اللازمة لتفتحهم , ولهذا تجد أعدادهم تتزايد في المجتمعات الحرة وعطاءاتهم الأصيلة تتحقق , وبسببهم وصلت البشرية إلى ما هي عليه اليوم.

ومجتمعاتنا فيها نسبة عالية من النوابغ المولودين في بيئات تقهرهم وتعوقهم وتمنعهم من التفتح الإزدهار , مما تسبب بخسائر حضارية هائلة أصابت اجيال الأمة بمقتل.

فمسيرة الأمة لا تخلو من النوابغ , ومن الملاحظ أن بيئاتنا تساهم في تفتح نوابغ في الدين والأدب , وتأبى أن ترعى نوابغ العلم وأصحاب الأفكار الجادة القادرة على التغيير والإقتدار , بل وتدفعهم للهجرة أو تودعهم المعتقلات والسجون بأعذار شتى.

فعقول أبناء الأمة كأي العقول في الدنيا , بحاجة لتربة صالحة للعطاء والإبداع , وعندما تصبح التربة في دول الأمة سبخاء لا تنبت زرعا , فماذا يُرتجى من الأجيال التي تسير على الملح.

وعلة الأمة أنها لا تولي أمرها للأذكياء , بل لديها عدوانية صارخة ضدهم , فتأتي بمن يعادونهم , ويشردونهم , لتهنأ بمن ينوِّمون الناس ويجهلونهم , ويستعبدونهم بدين جعلوه طلاسم يمتلكون مفاتيحها , لتدوم تجاراتهم وتزداد ربحا على حساب ويلات القطيع المرهون بإرادة السمع والطاعة.

فالأمة لن تضع خطواتها على السكة الحضارية الصاعدة وتشارك الدنيا من مواطنها بإمداداتها الإبداعية الإبتكارية , إن لم تعيد النظر في حساباتها السلوكية , وتعبِّد السبل أمام الأذكياء والنوابغ من أبنائها , وتجعل مسيرة الإبداع الحضاري ميسَّرة وآمنة وذات محفزات لا حدود لها.

فدعوا زهور الأمة تتفتح , وعندها ستعرفون حجم طاقاتها الكامنة فيها , والتائقة للإنبثاق الدفاق.

فهل سيكون نوابغ الأمة في مقدمة ركبها؟!!