وانا اطالع لافتة كبيرة منتشر أمثالها في الطرقات الخارجية، تتحدث ان (عام المنجزات) للحكومة، تذكرت تصريحا
لوزير الصحة صالح الحسناوي مقيمات أداء وزارته بحكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بقوله “انه تم إنجاز 89 بالمئة من البرنامج الحكومي للوزارة” ، وهو تصريح فضفاض وغريب ولاينم عن معرفة وخبره سياسية ومهنية للرجل فضلا عن تعود العراقيين على أمثاله منذ نحو عقدين من التغيير الذي شهده العراق.
ولم يكن صعود شياع السوداني من الصف الثاني إلى رئاسة الوزراء مطرّزاً “بالإسفلت فقط” حسب وصف احد الزملاء ، فالسوداني حسب الصورة الذهنية التي روجتها ماكنته الإعلامية، “أول رئيس وزراء بعد 2003 من الداخل” لذا هو بالضرورة يعرف ما يريده الناس على حد قول الدعاية، مع ذلك لا يبدو أسلوب نشر أعمال “التبليط ” على الشوارع الطينية جديداً، فعند كل انتخابات يقدم المرشحون أوراق اعتمادهم للناخبين بصيغ وأشكال مختلفة، أبرزها الإسفلت، خصوصاً في تلك المناطق النائية والتي غالباً ما تقترن بتجمعات قبلية.
كما أن اسلوب فتح أبواب الرواتب لفئات عدّة من قبل الأحزاب الداعمة للسوداني، كالسجناء السياسيين وشيوخ العشائر وغيرهم، تعيد هذه الفئات انتخابهم رداً لجميلهم الريعي على حساب الحكومة .
فالاقتراب من المواطنين وكسب أصواتهم من أولويات السوداني وهذا يظهر في إقدامه على إقالة عدد كبير من المديرين العامين.
حكومة السوداني تضمن برنامجها الحكومي 23 مادة، واطلقت على نفسها “حكومة خدمات” وتم التصويت عليها من قبل أكثر من 184 نائباً، لكن الى هذه اللحظة ورغم الجهود الكبيرة التي يقدمها رئيس مجلس الوزراء، لم نر شيء واقعي الا الشيء القليل جدا بعد نحو أكثر من عام على عمر الحكومة.
فمعظم القطاعات لازال العمل فيها يسير بذات الوتيرةمن البطئ وانتشار الفساد والمحسوبية الحزبية.
جزءاً من الاحزاب السياسية تحاول إلى اليوم ان تستولي على أموال الموازنة الثلاثية الضخمة خارج البرنامج الحكومي .
هيئة الحكومية نشرت نتائج استطلاع بينت نتائجها أن ثمانية وسبعين في المئة من الشعب يثقون بحكومة محمد شياع السوداني، وإن بشكل متفاوته، ربما تكون نتائجها مريحة للجهة التي قامت به، ذاك ان من قام بهذا الاستطلاع هي هيئة المستشارين في رئاسة الوزراء ، مما يعني أنها ليست مؤسسة محايدة، وبهذه المعلومة فهمت أن الاستطلاع ليس سوى تلميع لصورة الحكومة.
الماكينات الإعلامية التي تحيط بالسوداني تركز على الرافعات الأكثر فاعلية، لتصوره حاملاً عصا سحرية ستطرد الفقر وتقدم الخدمات، على الرغم من إمكانية تضارب الملفات التي تخص الخدمات.
فمعالجة أزمة الكهرباء وزيادة ساعات تجهيز المواطنين وحماية الفئات الفقيرة من المجتمع، فضلا عن مكافحة البطالة وتوفير فرص العمل وتفعيل دور هيئات الاستثمار والنهوض بالصناعة، أضف إليها الإسراع في إعمار المناطق المحررة والانتهاء من ملف النازحين امور من صميم البرنامج الحكومي التي مازالت بلا تحرك حقيقي لتحريكها من قبل الجهاز الحكومي.
ويبدو ان المحيطين بالسوداني مركزين على التبليط وإنشاء مجسرات صغيرة في بغداد والمحافظات لفك الزحامات كونها منجزات سريعة ومرئية امام اعين الناس أكثر من إنجازات تاخذ أعواما رغم أنها حيوية أكثر للشعب.
ومع كل ماتقدم بذل السوداني جهودا مضنية في قطاع تحسين معيشة الطبقات الفقيرة من خلال الإعانة الاجتماعية لابد من الاشادة بها لكنها تبقى محدودة في ظل الحجم الهائل من المشكلات التي تحيط بالبلد.
المواطن يشعر بالمنجزات حقيقة عندما يجد ان بلده مستقرا يعمه الرخاء ولامجال للفاسدين بحكمه ونهبه وتقديم التبليط على انه منجزا عظيما!.