18 ديسمبر، 2024 10:07 م

العدل في منظور الطغيان وصدى صرخة مانديلا

العدل في منظور الطغيان وصدى صرخة مانديلا

نموذج حي من الإيمان بالعدالة

قال رئيس جنوب إفريقيا: لم أشعر بفخر كهذا من قبل، الخطوة التي اتخذناها محفوفة بالمخاطر، نحن بلد صغير ولدينا اقتصاد صغير قد يهاجموننا، لكننا لن نكون أحرارا ما لم يتحرر الشعب الفلسطيني.

المتأمل لكلام رئيس جنوب أفريقيا يجد عمق الأحاسيس التي عبر عنها بالفخر، بيد انه ليس فخرا وإنما قناعة راسخة بكرة الظلم لجنس الظلم وليس كرهه عندما يقع عليهم فقط، هذا بلد في هذا الموقف عبر عن نبع العدالة وقيمة العدل التي ينادي بها الإسلام وهو ليس بمسلم في وقت نجد التخلي عن تلك القيم عمليا وحتى بالكلام من الغالبية من المسلمين وحكامهم وهم يلوذون بالصمت وقهر الرجال الذي تتعرض له الأمة وهي عاجزة حتى عن صرخة الم أو تضامن مع قوم من جلدتها ناهيك عن معنى يكمن يبين معاناتها كأمة في عدم القدرة على قول كلمتها لنفسها والدفاع عن حريتها وكينونتها الإنسانية، ناهيك عن المشاركة الرسمية ظاهرا لدرجة الوقاحة أم باطنا أم تطوعا في دعم الظالم وحربه التي تبقي أبناء الجلدة جوعى ومرضى ومعرضين للإبادة الجماعية والتهجير وتمارس عليهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية و التي رفضها صرخة الحرية وصدى مانديلا وإيمان امه أن الظلم لابد أن يقمع وان تعلو الإنسانية.

غرور الطغيان الأخرس:

كان مشهد محامي الدفاع الصهيوني نموذجا أيضا عندما يخرس الباطل أمام الحق، وراح يقلب أوراقه ويشتكيها، الغرور الإبليسي الذي يرافق الطغيان يخرس أمام كلمة الحق المبين، هكذا حال الطغاة أينما كانوا صمتوا أم نطقوا برروا أم فاخروا قلبوا الحقائق ولووا الكلام أم لم يهمهم الأمر وتابعهم ذيولهم وذبابهم الكاذب الذي اتخذ دور جند إبليس لدرجة أن الحكام أنفسهم قد يصدقون انهم أناس طيبون.

لكن من باع البعض نفسه لشيطانه باع لمغادر مطرود وقوى آفلة وتسببوا في قهر الرجال لشعوبهم عندما يصمت الشعب ولا يبدي أي رد فعل عندها سيكون الحساب من جنس العمل.

نحن نحب الظلم:

الطاغية اعمى أسير غرائزه كاره للبشر لجنس البشر وليس لفعله، يحب الظلم ويحب أن يظلم ولكن يكره أن يمنع عن الظلم بل يعتبر منعه عن الظلم ظلما له، لهذا يجد أن من يعترض عليه مجرما ومعتديا، بل من يناصره هو مناصر للظلم الواقع عليه بمنعه من التلذذ والانتقام.

انه مرض كالطاعون بل اشد ولابد استئصاله اسمه الظالمون في الأرض

إننا ولا شك نرى في جنوب أفريقيا بزوغ شمس جديدة وذاك الصوت المنادي بالحق قد بانت ملامحه وان الفوضى في الأمم المحتضرة والمريضة تتحرك بها الفوضى وتسودها سواء فوضى الفكر أو فوضى الإدارة والسياسة أو الغياب لمعنى الحياة، انه استنتاج يؤلم الفؤاد.

الدول لا تقيمها عصابات:

إن القاتل ابسط حلوله القتل ولا يمكن أن يعيش في جو العدالة، والسارق السرقة أقرب الحلول، أما العصابات فهي بيئتها الفوضى ولا يمكن أن تصنع النظام، فلا يعيش في الجو النظيف طويلا من بيئته الأسن، من اجل هذا فلا نتوقع أن تكون هنالك دولة لمن أتى بالقتل والتهجير أو النهب والتدمير، قد يصنع مظهر دولة لكنه لا يتجاوز سلطة فارغة غير قادرة على الصمود أمام أهون التحديات لتعود إلى ممارسة القيمة المعتادة للعصابات بالقتل والتدمير والفوضى.

لقد رأينا كيانا زادت أوصافه أكثر من اللبون المدلل لكن عند المواجهة تفكك بسرعة لان الثكلى ليست كالمستأجرة ولا يستقر في نفس اللص أن يصمد في دار ينهبه.

إن أية دولة لا يمكن بناؤها بإلغاء المخالف أو على هيمنة فئة بغير حق أو عدل أو ضمانات، أو يكون للمواطن درجات، ولا يقودها عصابات في الفكرة إن لم يك بالمظهر، لقد تجمعت القوى الكبرى لحماية كيان اتضح على أصله وأسس تكوينه، وانه لا يصمد أمام صاحب الحق باندفاعه، وبانت عورته ومواطن ضعفه، فلم يك أمام العصابة إلا الإجرام.

هنالك دوما إمكانية لتفاهم الإنسان مع الإنسان إن كان جادا وصادقا في طلب الحياة، وبالإمكان تأسيس دولة يعيش بها الجميع وفق عقد اجتماعي بعيد عن الأطماع والطامعين والفساد والفاسدين وقريب من البناة الراغبين في صنع الحياة بلا أوهام أو خرافات