22 نوفمبر، 2024 8:21 م
Search
Close this search box.

أمة الخرافة !!

الخرافة: الحديث المستملح المكذوب , الكلام الذي لا صحة له.

ما أكثر الخزعبلات (أحاديث باطلة) , التي تواجهك وأنت تتصفح ما حوته بطون الكتب بأنواعها , وتتعجب من ترسخها والعمل بموجبها , بسبب التكرار المتواتر , والعمل المثابر.

وجهات نظر تحولت بمرور الزمن إلى مسلمات وثوابت أحيطت بهالات التقديس والتنزيه من السوء , وهي منبع السوء ومنطلق للبغضاء والعدوان على ما هو طيب وجميل.

ويبدو أن النفس البشرية ميالة نحو الوهم , وتتأبط سرابات الرؤى وتتفاعل مع اللامرئي لأنه يمنحها حرية التصور ومطلق الخيال , فتتشبث بالغيبيات , وتتيقن بما تمليه عليها رغباتها , وما فيها من مطمور النزعات.

فالخرافة ما ترعرعت وتطورت وتسيدت لولا توفر البيئة الحاضنة لها , ولهذا تجد أصحاب الخرافات يتمكنون من الناس ويهيمنون على مصيرهم , ويقضون على وجودهم , لأنهم يترعونهم بمعطيات غيبية لا يمكن الوصول إليها , وإنما تخيلها وإعتبارها يقينيات فاعلة في الحياة.

فالسلوك البشري ربما يذعن للخرافة أكثر من الواقع والحقيقة , فالمتصور عنده أكثر وقعا وتأثيرا من القائم أمامه والمؤثر في أيامه.

وهي على منوال ” أعلل النفس بالآمال أرقبها…ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل” , فالخرافة فيها دفق آمال تنعش النفوس وتشدها للتواصل مع تحديات الحياة.

ولا يخلو دين من الخرافات المؤسطرة المهيمنة على وعي المنتمين إليه, وتتحكم برؤاهم وتصوراتهم , وتأخذهم إلى حيث تريد , ولا يمكنهم أن يسائلوها أو يتحاورون حولها , لأن ذلك كفر وإثم وخروج عن الملة , فالمطلوب أن تتبع وتخنع , وترفع راية السمع والطاعة , وتتعبد في محراب الخرافة التي تدغدغ مشاعر وأحاسيس المعتقدين بها , والذين تؤججهم وتعزز تواصلهم معها , منابر مرتزقة مرائية تتاجر بالدين , وتحسب نفسها ممثلة لرب العالمين.

وبسبب العامل الزمني والثقل التراكمي للخرافات في معظم الأديان , يكون من العسير التقرب منها وزعزعة أركانها , لأن ذلك السلوك سيتسبب بإثارة زوبعة إنفعالية عدوانية شديدة التأثير على الطرفين , وتكون خسائرها فادحة.

وقد لعبت الخرافات دورها التدميري الواضح في بعض المجتمعات , وتسببت بإنهيارات متنوعة وعلى كافة المستويات , وأصابت الدين وأهله بمقاتل وخيمة.

والمشكلة الكبرى أن الخرافة تعطل العقل , وتوهمه بأنها فوق قدراته , وعليه أن لا يقترب منها , بل ليجتهد في تبريرها وتعزيزها , وتثبيت أركانها.

وهكذا النفوس سجرّت والعقول لجمت , والخرافة هيمنت!!

أحدث المقالات