في كل زمان نجد طغاة ذلك الزمان، يقابلهم أناس يمثلون مصباحا يضئ للأجيال القادمة، وهذا الضياء يتجسد من دورهم البطولي، بقدر تصبرهم ووفائهم وتضحياتهم، التي بذلوها خلال هذا الطريق الأقوم للمسير إلى أعلى درجات الشهادة والفداء.
ما حظى به العراق من هكذا رجال، جعل منه بلد المقدسات والقيم الإسلامية والأخلاقية، ولو بدأنا من ثورة الحسين عليه وأله أفضل الصلوات، والتي تصدرت كل الثورات فخلدت، حتى قيل بأن “كل أرض كربلاء وكل٩ يوم عاشوراء” جعل هذه الثورة التي أعطى من أجلها الإمام الحسين، أصحابه وأخوته وأبناءه لأجل مبدء وهدف ورسالة، هي إعلاء كلمة الحق بوجه طغاة عصره، حتى خلد الهدف لكل زمن يتطلب التضحية.
وأستمرت التضحيات حتى جاء دور مرجعية النجف الأشرف في زمن السيد محسن الحكيم(قدس) الذي كان أحد قادة ثورة العشرين الخالدة، الساعية لتحرير البلاد من الحكم البريطاني، ثم جاء نظام البعث الظالم الذي حكم البلاد بقوة الحديد والنار، أمام شعب مستضعف بكل فئاته، نظام مجرم لا يفقه من الحكم سواء سلب الحريات، ويكون الشعب أمام قوته الجبروتيه، التي امتدت لتنال حتى رجال العلم والمعرفة والعلماء، ليتفنن في عمليات إبادتهم، بل وصارت جماعية كما حصل لعائلة ال حكيم، التي راح ضحيتها أكثر من ستون شهيدا، من أبناء وأحفاد السيد المرجع الكبير محسن الحكيم(قدس).
كان شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم (قدس سره ) هو القائد الروحي لثلة من العراقيين وأبا راعيا لهم، مجاهدا من أجل إنقاذ العراق من طاغية عصره ومدافعا صلبا عن حقوقهم .
كان متمسكا بالمبدأ الذي رسمه في حياته، من أجل العيش الرغيد والحرية والكرامة، وبناء حكومة سياسية جديدة موحدة في العراق لا تفرق بين طوائفهم ، يعيشون موحدين متحابين من شمال العراق إلى جنوبه.
طغى يزيد العصر في العراق فانطلقت بوجهه صرخة مدوية على لسان شهيد المحراب (قدس سره): هيهات منا الذلة لتعيد الألق لثورة الحق والعدل بوجه الظالمين والطغاة.
لقد جسدت هذه الأسرة مظلومية المؤمنين، ولاسيما الأسر العلمية منهم في أجلِّ صورها، إذ تحملت ما تحملت من المصائب والآلام، لا لشيء أو ذنب فعلته سوى انتمائها للنبي الأكرم عليه وأله أفضل الصلوات، وإيمانها بخالقها عز وجل وصبرها وصمودها بوجه الطاغية.. ولأن من رجالها أبطالاً تحملوا مسؤولية الدفاع عن الشعب العراقي المظلوم، فهتف بندائه وصرخ في وجه الطاغية بـ(لا) ذلك هو آية الله المجاهد محمد باقر الحكيم (قدس سره).