كانت الدنيا تتعلم من أدب أهل الأنبار ومن مضايف شيوخهم ومجالس رموزهم وما يوعظ به علية قومهم من بلاغة وفصيح الكلام ..
وفي مضايف أهل الأنبار التي كانت عامرة بالرجال الرجال، تشعر وأنت تستمع الى حواراتهم ومناقشاتهم وآداب مجالسهم في عقود مضت ، وكأنك أمام مدرسة أخلاقية قيمية حضارية ، ترتقي الى أعلى درجات البلاغة والإحترام في لغة الحديث ، حتى يتخيل اليك أنك أمام قامات عراقية علمت الكثيرين أصول وأسس علوم الكلام ، وبقيت لسنوات طويلة هي محل إشادة الكثيرين من أعلام العراق ورموزه العشائرية والسياسية التي يشار لها بالبنان.
ولكن ما نراه في الحوارات التلفزيونية ومنذ سنوات، وحتى الى ما قبل أيام أو حتى ساعات قليلة مضت ، نرى أن لغة الخطابة لشخصيات من ألانبار تظهر على الفضائيات وبعضها رموز عشائرية، وقد أطلت علينا بلغة خطاب تنحدر الى مستوى أقل ما يقال عنه أنه ( لغة سوقية) ، ربما لاينحدر الى مستوياتها حتى الرعاع ، للأسف الشديد.
وهنا نتساءل: هل وصل بنا الحال الى أن أقطاب السياسة ومن راحوا يولجون أبوابها حديثا، قد تفشت بينهم العداوة والخصومة الى الحد الذي يشرّح كل واحد لكي يأكل لحم أخيه ميتا ، وينشر غسيله القذر على الحبال، لمجرد أن يريد الايقاع بالآخر أمام المشاهدينعلى منصب حقير لايقدم ولا يؤخر..
وللأسف الشديد يحاول كل من يظهر على الإعلام أن يوجه لخصمه الذي يتحاور معه من تفاهات التهم مايقدحبالآخر ، لكي يسيء الى سمعته بالقدر الذي يحط منه ومن سمعته لمجرد الخلاف على منصب عضو مجلس محافظة، أو منصب مدير دائرة خدمية، ويتبادلون الشتائم والسباب أمام الجمهور، في وقت يعرف الجمهور نفسه أن اغلب من هم على تلك الشاكلة مرشحون او أقرباء سياسيين يدافع كل منهم عن صاحبة بلغة تنزل الى مستويات هزيلة ، لاتليق بسمعة أهل ألانبار..
بل ينظر اليها آخرون كثيرون ، ممن يتابعون تلك الحوارات على أن لغة خطاب منحطة من هذا النوع ، هي ليست من أخلاق أهل الأنبار ، وليست من تربية مضايفهم التي تظل راياتها سارية الإعلام ، أما من لم يتربىللأسف بين تلك المضايف أو ممن ولجوا ميادين السياسة مؤخرا، نسوا أو تناسوا أن هناك أعرافا وقيما بين العشائر وعامة الشعب ومن هم من يعدون أعلاما، وإذا بالأحوال تنزل بهم الى مالا يليق بأهل الأنبار من أدب الكلام في أبسط اشكاله، وربما يتقزز من حواراتهم وحالات السب والشتائم حتى الأطفال الذين يندر أن تنزل لغة خطابهم الى تلك المستويات المسرفة في الإبتذالواللغة المنحطة للأسف الشديد.
ويبدو أن أمام شيوخ الانبار ورموزهم الكبار أن يعلنوا عن فتح دورات لرجالات السياسة الجدد أو ممن ينوي دخول أسطبلها أن يتعلموا أدب الحوار في المجالس ، وعندما يخرجون على الناس في الإعلام، لكي لايذهبوا بسمعة أهل الأنبار الى الحضيض، وحاشى أن تنزل سمعة أهل الانبار الى تلك المنازل، لكن من يسمع ما يتداوله السياسيون أو شخصيات قريبة منهم، حتى يتخيل أن الأنبار كما يبدو، قد فقدت صوابها، ولم يعد بالإمكان لجم من تخلوا عن فروسيتهم وآداب الرجولة ، ويظهرالبعض منهم على شاكلة أصحاب العصابات والجريمة ، عندما يتبادلون تراشق الإتهامات البذيئة بينهم، وكأنهم في ناد أو ملهى ليلي ، يتقاتلون به من أجل راقصة أو نادلة ليل ساقطة ، ساقتها الاقدار الى مهاوي الرذيلة..
ولو كان البعض منهم فقط من شخصيات الدرجة الثالثة أو الرابعة ، لكان الأمر مبررا بعض الشيء، بالرغم من أنه ليس بالأمر المنطقي ولا المقبول.. فحتى رعاة الأغنام وربما رعاة البقر لديهم أخلاق وسلوك كلام لاينزلون به الى مستوى من يظهرون اليوم على الفضائيات ، وبعضهم للأسف الشديد يدعون أنهم شيوخا، وهم كبار في السن، وكان الاجدر بهم أن يحترموا شيباتهم على الاقل ، عند الظهور في الفضائيات ، للأسف الشديد.
يا أهل الأنبار..أنتم من تنظر اليكم رموز العراق والعرب على أنكم من تعلمون الدنيا آداب الكلام والحوار والحديث مع الآخرين، بموازين الذهب ومثاقيله .. فليس من الصحيح أن يظهر من بينكم من (تفاهات الأقدار) ليتحدث نيابة عنكم ، ويظهر أهل الأنبار بما لايليق بهم، وهم أهل المضايف والكرم والدلال، ومن غير المقبول أن تنزل بالبعض الأحوال ، الى مالا يقبله طفل على هذا الحال، من قيل وقال..
اللهم قد بلغت.. اللهم فأشهد .. لعل هناك من ينصح ، ويحذر.. لكي لاتنزلق بنا الأقدار الى ما يلوث سمعة أهل الانبار، وهم تاج الدنيا وذهبها وكل معادنها الثمينة، وإذا بحفنة أو شراذم ، وقد أصابوا سمعتها في الصميم، فيما لايمكن أن يتقبله الأحرار لمن يظهر منهم على الإعلام، ولا يحترم أبسط أدبيات الحوار..