العلة الفاعلة في أجيال الأمة يمكن إختصارها بغياب الرؤية الإقتصادية والقيادية , فهذان العاملان لهما دورهما الأكبر في صناعة التداعيات وتبديد الطاقات والقدرات.
ومن المعروف أن أساس النشاطات البشرية إقتصادي بحت , وإن ظهرت بغير ذلك , فالعقائد بأنواعها ذات هدف إقتصادي , وإن لم تكن نشاطاتها مربحة وذات إستثمارت إيجابية لإنهارت.
وتأريخ الكنائس يشير إلى ذلك بوضوح , وكذلك معابد الديانات الأخرى ومنطلقاتها وعقائدها , والأحزاب بأنواعها وفرق الأديان ومذاهبها , فكلها ذات مغزى إقتصادي ربحي ولو أنها تخسر لما تواصلت.
أنظروا في أي مذهب فستجدون عائداته هائلة من إدعاءاته بالدين وفقا لما يضمن ربحا أكبر.
فجوهر النشاطات الدينية إقتصادية , إتفقتم مع ذلك أم لم تتفقوا , فأنها حقيقة ننكرها جميعنا ونوهم أنفسنا بغيرها.
وما دامت التفاعلات الدينية ذات مكاسب إقتصادية مربحة , فأنها ستتطور وتتعزز ولا يمكن التحرر من قبضتها إلا بإنشاء المشاريع الإقتصادية القادرة على تحقيق ربحية أعلى منها , ولهذا تجد المتاجرين بالدين يعادون كل نشاط علمي صناعي تجاري ينافسهم في المردود المالي لأنه سيقضي على وجودهم.
وترى المجتمعات التي تنشط فيها الأحزاب المؤدينة والجماعات المدعية بدين خاوية على عروشها , ولا يسمح لتفتح وتطور الحياة , ولا يجوز للبشر أن يكون حرا ومفعّلا لعقله , لأن في ذلك عدوان على بضاعة الدين وتدمير لأسواقها التي تروّج فيها , والعامل الآخر الكبير التأثير في العالم العربي , هو دفع الأغبياء وذوي العاهات النفسية والسلوكية , إلى مراكز القيادة وهم المعطلون عقليا والمنشطون عاطفيا وإنفعاليا والقادرون على تدمير البلاد والعباد , لأنهم مندحرون في مواقعهم , ولا يعنيهم إلا الإمعان بأوهامهم العدوانية على شعوبهم , وإستحواذهم على ثرواتهم وممتلكاتهم , وفقا لذلك يكون الحكم بالحرمان من أبسط الحاجات وبالقهر والظلم والفساد وسفك الدماء.
وهكذا تجد في بعض المجتمعات أن الكهرباء أزمة مزمنة لن تجد حلا على مدى عقود , لأنها الوسيلة المثلى للحكم والسيطرة على البشر ولوي أعناقهم وإستعبادهم.
وقس على ذلك العديد من أساليب الحرمان والإمتهان.
وبعد هذا , يأتي من يتمنطق بهذيانات لا رصيد لها من الواقع , ويدّعي ما يدعيه , والمجتمع في لعبة جر الحبل بين هاتين القوتين الغاشمتين , وهما الكرسي والدين!!
د-صادق السامرائي