الرقي والتقدم لا يتحقق بالأخلاق فقط , وإنما بالعقول المتنورة المتفاعلة المتسائلة الجريئة المغامرة التي تخوض غمار البحث في الأسرار والمعاني للوصول إلى منطلقات جديدة تساهم في تقوية الإرادة الإنسانية وزيادة مساحة الأنوار المعرفية في الحياة.
فأين العقل الفاعل في مواجهة التحديات وتلبية الحاجات؟
التقدم والرقي لا علاقة له بدين , فجميع البشر لديهم أديانهم ومن أعراق وإثنيات متنوعة , وعندما تعمل عقولها تتمازج فيما بينها , وتطلق طاقاتها الفكرية والإبتكارية وتشق دروب الصعود إلى علياء الوجود الأسمى.
حصل ذلك في اليونان عندما تمازجت الأعراق , فتنامت العقول ونثت أوارها المعرفية التي لا تزال مدوية في أرجاء الدنيا.
وحصلت في زمن الدولة العباسية عندما تمازجت الأجناس البشرية في بغداد الأنوار العلمية , فقامت الثورة الكبرى التي تواصلت في أرجاء المعمورة , وأطلقت ثمارها في مسيرات الأجيال المتفاعلة معها.
واليوم تجد الكثيرين من النابهين الحائرين يتمرغون في وحل التداعيات الظلامية , ويتحدثون عن الأخلاق والدين وهم أئمة الفاسدين والفاسقين والمتاجرين بالدين.
وتراهم على منابر الأفك يصدحون بما لا يفعلون , ويهاجمون حيتان الفساد والعدوان على البلاد والعباد , وهم بقلوبهم وجيوبهم معهم , وتلك لعبة آثمة تبين وضاعتهم وسوء خلقهم , وعظيم دجلهم , وبهتان ما يحملون من أسباب الهوان والخنوع والإذلال.
فهم تبع قبع وعلى أبناء الشعب يتأسدون وبالأفك والسلاح يحكمون ويتجبرون , ولحقوق الآخرين يصادرون , بإسم فتاوى شياطين العمامة وفقهاء الدين المستورد من أعدائهم أجمعين!!