5 نوفمبر، 2024 3:42 م
Search
Close this search box.

هل الديموقراطية لعنة ؟

هل الديموقراطية لعنة ؟

تدفع الشعوب ثمناً باهضاً وتقدم تضحياتٍ كبيرة لنيل حريتها. فتنعم بالديموقراطية والكرامة. و قدم شعبنا الكثير من هذا, دماءً وتغييب قسري  وتشريداً وحرماناً. ولكنه لم ينل مراده من الحرية, إلا بتدخل أجنبي. وكان وبالاً عليه ,وعلى المنطقة بأسرها.فلم تُحسِن دولةُ الأحتلال التصرف. فدمرت البنى التحتية للدولة ومؤسساتها ولم تفلح بإقامة نظام جديد يتصف بالعدل والتحضر والأنسانية ولم يتمتع شعبنا بحقوق الأنسان المطلوبة. فلم نحظَ بدولة مؤسسات المجتمع المدني بمفاهيمها العصرية .بل إستحوذ على السلطة من جاء مع المحتل, بكل تناقضاتهم وجهلهم وعدم خبرتهم بالحكم, وولاءاتهم لدول إقليمية ودولية .مؤدلجين بإيدلوجيات طائفية حمقاء, وعنصرية قومية ضيقة.جاءوا عطاشى للسلطة والمال والنفوذ.فنحوا منحىً طائفياً عنصرياً كتلوياً قبلياً عائلياً.وكُرِّس هذا بمبدأ المحاصصة. ووثِقَت بشكل مبطن في الدستور. الذي بات صعباً تعديله, بعد أن ثُبِّتت فيه القوى المتحكمة مادةً خطرةً تُلغي حق الأكثرية بالتعديل. وتُعطي الحق لثلثي ثلاث محافظات برفض أي تعديل, مهما كانت أسبابه. لذا فشل مجلس النواب في دورته الأخيرة في تشكيل لجنةٍ لتعديل هذا الدستور.وصُرف النظرُ عنها.  وهذا يعني إستمرار الأزمات الخطيرة التي حلت بالبلاد. فأخذت تتفجر وتتعاظم لغموض تفسير فقرات الدستور, التي تُعنى بالعلاقة بين المركزوالأقاليم والمحافظات. ففي الدستور مادة تنص على بقاء إقليم كردستان على علاقته السابقة بالمركزكما كانت قبل التغييرلحين تعديل الدستور,والتعديلُ مستحيلٌ .وهذا يعني شبه إستقلال.حيث أن العلاقة السابقة من حيث الواقع كونفيدرالية لا فيدرالية.بالأضافة الى غموض الدستور بحقوق إستخراج النفط وتسويقه وعائداته. وتشبث إقليم كردستان بتفسيرات تخالف المنطق و واقع الحال والحقيقة. .كما إن غموضاً و تداخلاً كبيراً بين صلاحيات القوات العسكرية الأتحادية وقوات الأقليم حتى في ما سموه أراضٍ متنازع عليها خارج الأقليم . فوصل الحال الى طرد الجيش العراقي الأتحادي من أراضي الأقليم ومن الأراضي المتنازع عليها.وهي خارج حدود الأقليم.
ومن الخلافات المتعاظمة, الخلاف على التقسيم الأداري والحدود بين بعض المحافظات, وبين الأقليم وباقي العراق, وما سموه إراضِ متنازع عليها حيث لم يفكر مَنْ سنَّ الدستور بالمعنى الخطير لهذه التسمية, التي كان يفترض أن تكون الأراضي المشتركة .فقد كُتبت هذه المادة بخبث ولؤمٍ مقصود شبيه لقرار مجلس الأمن الدولي 242 عقب نكسة حزيران, عندما كتب القرار بنصين. أحدهما إنكليزي يقول: تنسحب إسرائيل من أراضٍ إحتلتها في  حزيران عام 1967 ونص فرنسي يقول: تنسحب إسرائيل من الأراضي التي إحتلتها في 5حزيران عام 1967. فالنص الأنكليزي أعطى لأسرائيل الحق بإختيار الأراضي التي تريد الأنسحاب منها ولا يلزمها بالأنسحاب من كل الأراضي .أما النص الفرنسي فيلزم إسرائيل بالأنسحاب من كافة الأراضي العربية التي إحتلتها .وإسرائيل تتمسك بالنص الأنكليزي , والعرب يتمسكون بالنص الفرنسي.وقد سعىى الأنكليز في العراق  خدمة لحليفتهم إسرائيل.كما أرادت أمريكا التي إستعانت ببريطانيا ومن يسير بركابها كتابة نص- الأراضي المتنازع عليها- في الدستور العراقي.لأضعاف العراق وجعله ساحة للصراعات وتصفية الحسابات على حساب شعبه.
لقد قيل إن الدستور العراقي كتب بيد عراقية. وهذا زيفٌ فقد كتبه من جاء مع الأحتلال, وبإرادة الأحتلال. وعندما طرِح للتصويت عليه لم يكن الشعب العراقي عارفاً بتفاصيله. ولم تُعْلَن مسودته عليه. ولم يَعْطِ أهلُ العلم والخبرة رأيَهم فيه. وزُجَّ الشعب في الأستفتاء زجّاً. تحت أجواء الأرهاب والأصطفاف والشحن الطائفي والعرقي الخطير. ووضع الشعب في زاوية ضيقة بترهيبه  بالأرهاب والقتل على الهوية او القبول به على علّاته.
كما إن قانون الأنتخابات المعمول به لم يكن ديموقراطياً, ومخالفاً لكل الأعراف الديموقراطية الدولية. وقد فصل على مبدأ عندي دكمة- زرار- وأريد بدلة على مقاسه. والزراز هنا هم الساسة اللاديموقراطيون ,الذين مَكَّنهم الأحتلال من الأستيلاء على البلاد ومقاديرها ومستقبلها. وها هي نتائج الديموقراطيةٍ الزائفة .دستور يستحيل تغييره وقتل وتشريد ودفع البلاد لشفير الهاوية, وخراب عام ونهب لثروات الشعب, وصراعات على المال والسلطة, وتغييب لأرادة الشعب .فلا يمكن لقانون الأنتخابات السيء الصيت السائد أن يفرز مجلس نواب يمثل الشعب ويعمل لتحقيق الحد الأدنى من مطالب الشارع بالأصلاح والتغيير,لا الكلام الإنشائي المدعاة للسخرية.لقد نجح المتربصون والفاسدون من تحويل الديموقراطية من سعادة وكرامة للشعب الى لعنة حلت عليه. وبات يترحم على ديكتاتورية سبقت .
نحن بحاجة لديموقراطية تدريجية مدروسة موجهة , تتم عن طريق تحديث المجتمع ثقافياً, إبتداءً من التثقيف بها عائلياً. ثم في المجتمع ,في المدارس والجامعات ووسائل الأعلام, وفق مفاهيم حضارية.إننا بحاجة لتوضيح معنى الديموقراطية والتعددية والليبرالية وحرية الرأي والتبادل السلمي للسلطة للمواطن العادي, الذي بات يفهمها حرية التصرف وفق الهوى والمصلحة الذاتية, لا مصلحة الأمة.فبات القانون والنظام يعنيان له ما يحقق له المصلحة والمكسب.ولسنا بحاجة لديموقراطية وصلت لحد الصراع العائلي والأستحواذ العائلي على المناصب كما يجري في مجلس النواب عندما إستحوذت بعض العوائل على غالبة الوظائف في المجلس, وفي المفوضيات والمؤسسات التابعة له.وهنا أضاف لنا هؤلاء الساسة الكرام نوعاً جديداً من أنواع الصراع مضاف للصراع الطائفي والعنصري والقبلي وهو الصراع العائلي والنفوذ العائلي.وكأننا كما يقول المثل كأنك يا أبا زيد ما غزيت. لابارك الله بهذه الديموقراطية التي فرطت بأرض الوطن و مزقت الشعب وأسالت الدماء وزرعت الرعب والفساد وعممت الخراب.فهل الديموقراطية لعنة حلت على هذا الشعب؟
 [email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات