ما يُنشر على أنه شعر , ينطبق عليه القول : ” المعنى في قلب الشاعر” , وأي قلبٍ هذا الذي يستوعب المعاني الخفية المدغمة الغامضة , إنها ستصيبه بأمراض لا تعد ولا تحصى , سواء كان القلب في الرأس أو في الصدر.
نعم ” المعنى في قلب الشاعر” , ويُسمى الشعر شعرا عندمايتحلى بهذه السمة القديمة الحديثة , فلكي نجدد ونعاصر ونواكب , علينا أن نرفعها لافتات!!
هكذا هو مفهوم الشعر النخبوي البعيد عن الواقع , المستصغر للجماهير , والذي يأنف أن يكون مَن يقرأه من عامة الناس.
إنه الشعر المتكبر المتغطرس النرجسي المتضخم البالوني الطباع والتوجهات , فهو يُكتَب للذي يتوهم أنه يكتب شعرا , ولا يعنيه الآخرين , فيفرغ ما في حعبته الإنفعالية من نبضات مضطربة على سطور تنهكها الكلمات وتهينها العبارات , وتصيبها بصداع شديد الأحرف والنقاط والإشارات , أما الغموض فيهلكها والإدغام يكبلها بأصفاد الوجيع.
وهذا ما نقراه ولا نحفظ منه كلمة واحدة , ولا نستلهم فكرة تفيدنا وتزيد من وعينا وإدراكنا.
إنه النثر المصاب بأدواء القادم من بلاد الآخرين , والبعيد عن نبض الشارع , وصوت الإنسان المعاني فوق التراب المعفر بالدماء والدموع , والمنقطع عن الفضاء المزدحم بالآهات والحسرات.
إنه كلام فوق سطح القمر!!
وإن تساءلت أين الشعر , قالوا أنت من أبناء الماضيات , وما تساءلوا هل لما يُكتب على أنه شعر حياة؟
ألف ديوان وديوان تلفى في سلال المهملات!!
بعضهم أحصى الكتب التي رميت في سلال المهملات من معرض مجاني للكتاب , فوجدها كتب شعر , فلماذا نهين الشعر ؟!!
ولماذا نتشاعر وما نحن من أبناء الشعر؟!!
وهل كل مَن ينشر ما يسميه قصائد بشاعر؟!!
إن المسميات كيفية , وكل بما يراه سيد وأمير وسلطان زمانه , وفارس دنياه!!
وليفرح كلٌّ بليلاه , فارحموا الشعر ولا تقتلوا فحواه!!