17 نوفمبر، 2024 2:28 م
Search
Close this search box.

جدلية صراع الوعي والجهل في مجتمعنا

جدلية صراع الوعي والجهل في مجتمعنا

المنظومة المعرفية:
تتوارث كثير من الأعمدة المهمة لبناء المجتمع كانطباعات باعتبارها مهمة ومقدسة، وغالبا ما تكون هذه نتيجة النقل بأفهام محددة متعرضة للتشوه وتصور الناقل تماما كتجربة الأخبار باللمس في رتل ليتحول الموضوع إلى وصف لا يمت للأصل بصلة، ولعلنا من خلال هذا التقديس للهالات وتقدم الزمن حدث انفصال بين ما جعلناه مقدسا انه التصور الحقيقي لحياتنا وعقائدنا وهو امر لا يمس فنقول لا تدخل الإسلام في السياسة أو تشريع الدولة فالسياسة قذرة وهذا دين وكتاب مقدس، وهذا يأتي من انطباع عن معنى المقدس المنقول بواسطة التعليم إلى بلداننا مع الاحتلال الغربي وتهيئته لكادر موالي وظيفي تكنوقراط، يتعامل مع التدين الغريزي وليس كمضمون، واحترام غريب من نوعه، لدرجة عندما يرغب الطفل في جيلنا أن يقترب من القرآن المعلق على الحائط وفي (كنفه) تحذره امه فقد فهمت التقديس والمطهرون بطريق يمنع التفاعل بين الأطفال والقرآن، انه كفن شنق فيه منهج أمة على جدار.
هذا الخلل أوجد نوعا من الهالات (لرجال الدين) ولا رجال للدين في الإسلام، بل علماء وهو ليس تخصصا ولا احتكارا وهي حقيقة للأسف ستزعج هؤلاء العلماء وهم يعلمون أنها صحيحة، فرسخوا الانطباعات، فمن ثار عليها متصورا أنها حقيقة الدين انحرف للإلحاد ومن حاول أن يتعامل معها بجزئية خرج متمردا مشوها بفكره، وكم من ازدواج وانحراف عندما يتلاعب هؤلاء ويلوون المعنى وفق الظرف والمصلحة وفق اعتقادهم أو لرغباتهم أنفسهم، فيصبح الدين ضعيفا في النفوس ويبقى متعلقا في النفس غريزة، وهذا ليس فهما ولا يصنع حياة.
مخاض صعب وانتقال إلى الغربة:
الظرف التحديات، انحدار الأمة الحضاري تخلفها المدني المعاناة من الظلم وغياب القناعة ومعاني الحياة، كلها عوامل تثير تفكير المثقف والحصيف، فيتعرض إلى ومضات مبهرة وفهم لوقائع كانت راسخة عنده بشكل آخر تماما فيقاومها إلى أن تستقر فارضة نفسها أنها أصل الفكرة وليس صورة من الذي يتصور انه الأصل عندما يتعمق في الفهم وتبدأ الإجابة عنده واضحة وتقل التساؤلات لتصبح أسئلة عن الآليات والعمل، وهنا يتفاعل مع مجتمع وجهاز معرفي انطباعي لا يقبل التغيير يدعم كفاءة منظومة تنمية التخلف بانحدارها الفكري وتخلفها المدني بان تكون عنصر استهلاكي كما صممت عليه زمن احتلال لم تتحرر منه مادامت الأفكار التي وضعها في التعليم مازالت تحكم القرار والمنظومة.
الناس لن تنظر إلى المثقف أو المفكر انه توصل لما لا يعرفوه وان اتباعه سيكون إنقاذهم من التخلف، فهم يظنون انهم وصلوا قمة المعرفة ونجحوا في تحليل المتوارث من أفكار بالشروح والتوضيح غير مدركين انهم يركبون عجلات تدور في قفص السيرك، نعم هنالك حركة، هنالك إنتاج، ولكن في دوار السيرك، فكل فكر وفكرة في صندوق والحكم على الصندوق جاهز، حتى التفاح في الصندوق الواحد مختلف، لكن النظرة بجهاز معرفي متخلف ليست كذلك، فهو غريب والغريب من جُهلت حقيقته حتى وان كان بين أهله وأولاده، عندما يتبحر بالعلم سيظنون انه جنوح في نظرته للأمور، وانه سيصحو لاحقا ليتبين له الحق (وهو ما يرون طبعا) فان ذهب بعيدا في تفنيد أفكارهم عندها هو مسكين فقد العقل او منحرف، أو مزايدا، فان عجزوا منه، فهو إما مطرود أو قتيل.
هذه قصة تتكرر مع الأجيال ولا يفترض أن تتكرر مع الإسلام، لكنها تتكرر وبقوة بل يغادر المصلحون الحياة وهم متهمون ويضيع من الشباب عمرا قبل أن ينفض هؤلاء الشباب السلبية عن طروحات عقلانية ربما لم يبق من صلاحيتها إلا منهج البحث لتتكرر المأساة، ذاك أن هنالك مصالحا ذاتية تنمو بجهل الناس.
خلاصة:
إننا نتعرض كأمة لسوء الفهم، فواجبنا ليس التقديس للتعاليم بل فهمها وتفعيلها وهذا التفعيل غير ممكن بتقديمها جامدة، فهي أتت لتفكر بها وتفاعلها مع أسئلة الواقع لتحلها فالحكمة هي خيرا كثيرا.
أما المقدس فهو الأساس والإنسان، فأما الأساس فهو بأمر الخالق مثاني قابلة لإنتاج الجديد، وأما الإنسان فهو إرادة الله أن يكون في الأرض ليكون الإعمار وفاعلية السلالة، لكن قفل التفكير سواء من المسلمين أو غيرهم من الرأسماليين أو الاشتراكيين سيان الملحدين الذين تحولت ثورتهم على جمود المؤسسة الدينية -(البدعة اصلا وهي تعتبر التجديد بدعة)- إلى دين ضد الدين، كذلك المؤمنين باديان أخرى، كل جمد على انه الحقيقة وعطل فاعلية التعارف من اجل البناء.

 

أحدث المقالات