الديمقراطية تعني الوحدة والإنسجام الوطني الفعال , فيكون الوطن بموجبها بودقة لتذويب ومزج الأعراق والعناصر البشرية , ولهذا تجد الدول الديمقراطية ترحب بالبشر من كافة أصقاع الدنيا بما يحملونه من ثقافات وتوجهات , وتوفر لهم الظروف المناسبة للتفاعل الإمتزاجي في المجتمع الجديد.
والديمقراطية القادمة بالقوة والنار من بلاد الآخرين , عملت على تفتيت مجتمعات المنطقة , وتقطيع أوصالها بموجب إدعاءات وتوصيفات فرضتها على الواقع الذي تعبث فيه.
فالقوى الكبرى بأنواعها غايتها التفتيت والتحصيص والتعصيص , لكي يتلهى الناس ببعضهم فيصفو لها الجو لتمرير برامجها ومشاريعها والفوز بأطماعها.
الديمقراطية المستوردة جعلت أمة الدين بلا دين , وحولت الدين إلى قوة قاهرة لوجودها وعامل فرقة وصراع شديد.
فهل وجدتم ديمقراطية تفتت المجتمعات , وتهين الأوطان وتجردها من سيادتها , وتهجّر أبناءها , وتفرض الخراب والهوان والتبعية والإمتهان؟
إنها ديمقراطيات مجتمعاتنا التي غزت الدول المنكوبة بها , فتأملوها في العراق ولبنان وليبيا وغيرها من البلدان , التي آمنت بديمقراطية الحديد والنار , والخنوع للطامعين بالبلدان.
هذه ألعاب تفتيت وتمزيق لوجود الأمة , ومحق لعلاماتها الفارقة , ومميزاتها الحضارية والإنسانية , التي جعلتها تبدو بأعين الآخرين على أنها محض هراء.
ومن عناصرها تقديم الصور القبيحة المتناقضة مع جوهر القيم والمبادئ التي تؤمن بها , وتنادي بها معتقداتها المتوارثة عبر الأجيال.
إذا وجدت عندنا ديمقراطية , فعلينا أن نرى البناء العمراني , والأمان وصون حقوق الإنسان , وتوفير حاجاته الضرورية , وبناء القوة العسكرية والإقتصادية اللازمة للحياة الحرة الكريمة.
أما إذا إنتفت هذه المرتكزات وأخواتها , فالواقع تفتيتي وتمزيقي ويستثمر بتأمين الأسباب الكفيلة بديمومة الصراع المبيد.
فهل لنا العمل من أجل مصالحنا المشتركة , ووطننا الأبي العزيز؟!!