المشهد الاول
خرجت مع ابني الصغير ذو الاعوام الخمسة لشراء دجاجة مشوية من المطعم القريب من بيتي وبينما كان العامل يحضر الطلب بادرني ابني بسؤال اخرسني عن الكلام (( بابا ..هل يمكن تفخيخ هذه الدجاجة؟؟؟)) وقفت مذهولا من سؤال طفل بهذا العمر لا استطيع الرد حتى أخرجني البائع من ذهولي حين قال (( تفضل أستاذ هذه دجاجتك جاهزة…خمسة ألاف دينار فقط)), وبعد أشهر من هذا المشهد وإذا بخبر عاجل على شاشة العراقية ((مقتل مجموعة من زائري مرقد الامام الحسين عليه السلام في منطقة المسيب اثناء توجههم الى كربلاء لأحياء اربعينية الامام بعد انفجار دجاجة مشوية فخخها و قدمها لهم ارهابيون على انها في ثواب ابي عبد الله الحسين عليه السلام))؟
المشهد الثاني
كنت متوجها الى قاعة المحاضرة لإلقاء محاضرتي وبينما أنا سائر بين جموع الطلبة فإذا بطالب يخاطب زميلته بنبرة حادة وبعصبية واضحة (( سوف افجر أهلك اذا رفضوا))؟؟؟ فوقفت وصحت به (( انت..ياهذا… تعال هنا)) , ما الذي دفعك لقول ذلك لزميلتك ؟؟ فأجاب الطالب بكل ثقة نعم يا دكتور لأني أحبها وهي تبادلني نفس الشعور لكن أهلها مصرين على تزويجها لأبن عمها وأنا على استعداد لتفجيرهم وقتلهم على أن أسمح لهم بذلك , فسألت حالي وأنا صامت أمام الرد (( إن كان الشباب في عراقنا الجديد يبدأون حياتهم الزوجية بتفجير أهل العروس فماذا سيكون حال حياتهم الزوجية ….حرب النجوم))؟
المشهد الثالث
دعاني صديقي لمرافقته الى إحدى المقاهي لمشاهدة المباراة النهائية لكأس امم اسيا بين العراق والسعودية وعند بدأ المباراة بدأت تصريحات رواد المقهى (( فجروهم …. لو كنت ألان بالملعب لفجرتهم جميعهم…..لو ان هناك قنبلة تفجر السعودية لأرتحنا منهم و……)) وعند كل هجمة من فريقنا او فريق السعودية يقفز هذا ليصيح يالله ياسفاح دمرهم, وذاك يقول (( آخ لو بيدي لقتلت الحكم)) وكأن الحرب ستقوم, وعند انتهاء المباراة وفوز منتخبنا أخرج هذا مسدسا من حزامه ليرمي الرصاص الى سقف المقهى مبتهجا واخرج ذاك رشاشا اليا ليخرج ويرمي في الجو حتى افرغ مخزن رشاشه؟.؟ اما الشارع فقد احترق برصاص المحتفلين وكأن الحرب قد قامت فعلا وفجأة دوى صوت انفجار اشبه بصوت القنبلة فالتفت صاحبي ضاحكا ليقول لا تقلق هذا احدهم فجر سيارة ابتهاجا بفوز منتخبنا الوطني؟؟؟؟؟
المشهد الرابع
كعادة الفضائيات العراقية والعربية عند تقديم نشرات الاخبار أن تضمن أخبارها مختلف العبارات المأساوية (( قتل وجرح واستشهد وفجر وعبوة و…….)) والتي لا بد أن ترافق كل نشرة اخبارية وكأنها التوابل التي لا يخلو منها ((قدر البرياني)) وبينما أنا مستلق على الأريكة واقلب تلفازي بحثا عن فضائيتي المفضلة ((ناشيونال جيوغرافك ابوظبي)) وقع المؤشر على فضائية العراقية وإذا بخبر هزني هز السعفة في يوم عاصف…. المذيع يقول (( النائبة عالية نصيف تفجر قنبلة في البرلمان برمي حذائها على نائب لكتلة أخرى)) لم اسمع سوى نصف الجملة؟؟؟؟ وراح فكري بعيدا وتمثلت في ذهني صورة البرلمان الإيراني الذي نسف في ثمانينات القرن الماضي وتصورت المشهد وكيف قتل معظم اعضاء البرلمان وكيف بعمال الانقاذ وهم يخرجون القتلى من تحت الانقاض حتى كسر خيالي مشهدا للنائبة وهي ترمي حذائها على احد النواب بعد مشادة كلامية تخللتها اقوى الاسلحة الكلامية من مفردات ذات صدى اقوى من صدى المدافع ليدمر حذاءها جدار كبرياء النائب ولتصل شظاياه الى عمق الحصانة البرلمانية ؟؟؟؟
المشهد الاخر وليس الاخير
احضرت زوجتي كعادتها في كل سبت إبريق الشاي وبعض الحلويات المنزلية ((الكليجة)) وصحن المكسرات لتجتمع العائلة لمشاهدة برنامج ((ذا فويس)) وكان الجميع يطرح رأيه في من سيفوز باللقب فزوجتي تقول سيمور وابني يقول هالة والاخر يقول وهم والصغير يقول ستار صحت ((ياستار…ياستار)) صمت الجميع وبحلقوا في متعجبين لما قلت ذلك , حتى سألني إبني الصغير لماذا يا أبي لا تحب ستار ؟؟ فعدت مستدركا وقلت عذرا لم أقصد ستار لكني سمعت كلمات كاظم الساهر حين سألته مقدمة البرنامج عن رأيه في مرشحه ستار سعد واداءه اثناء البروفات التحضيرية لنهائي المسابقة فقال (( اليوم رعب)) وتبعها قائلا (( سنفجر قنبلة على المسرح))؟؟؟؟ ثم سألت مقدمة البرنامج الشاب ستار سعد ذو الضحكة البريئة والأداء الجميل عن توقعه فقال ((سنفجر المسرح))؟؟؟ لقد تحول المشهد الجميل في نظري الى مشهد دموي كتلك المشاهد التي تعقب كل أنفجار وبدا لي المسرح ممتلئ بجثث القتلى والجرحى والاشلاء الممزقة والدخان يملأ المكان و تحول فستان شيرين الابيض الى أحمر والضوضاء تعج بالمكان وإظلمت الدنيا في نظري بعد أن تحول كل شيء في خيالي الى لوحة حمراء؟؟ حتى إنني تركتهم وخلدت إلى سريري لأنام علني أحلم بحلم أبيض وكعادتي فتحت الراديو لأسمع منه حتى أغفو وإذا بي أسمع أغنية كاظم الساهر ((هدد حطم كسر دمر))؟؟؟…..وتستمر المشاهد الحمراء على مسرح العراق الجديد.