يبدو إن قرار مجلس المفوضين بالاستقالة ليس غريب، في ظل بلد متخم بالأزمات، والمطبات، والقرارات الطائشة؛ التي جعلتنا نسير معظم أمورنا من خلال تلك الأزمات، والتخندقات الحزبية والطائفية، ما إن تخطينا أزمة إلا ومسكنا بإطراف الأخرى؛ حتى وصل بنا الحال إلى حافة الهاوية.
في الوقت الذي نشجع على ثقافة الاستقالة، والإقالة، حين ثبوت تقصير، أو قصور في دائرة، أو وزارة ما؛ ولكن إن تكون الاستقالة نحو الأفضل، والأصلح، ولا يمكن إن تكون ضمن إطار التحزب، وانهيار المؤسسات الكبيرة والحيوية في البلد. يتطلع هذه الأيام جميع أبناء الشعب العراقي، إلى حكومة جديدة تفرزها الانتخابات القادمة، وأصابعهم البنفسجية؛ جاء هذا القرار المفاجئ من مجلس المفوضين بالاستقالة، والذي يحمل هذا القرار في طياته كثير من الأمور الضبابية، التي تجري خلف الأبواب الموصدة، وفي الغرف المظلمة.
بعد بيانات المرجعية المتتالية، والتأكيد على ضرورة المشاركة في الانتخابات المزمع إجرائها في الثلاثين من نيسان المقبل، والتي وضحت المرجعية الدينية من خلال تلك البيانات موقفها الواضح، والصريح؛ إلى أبناء الشعب، وأدلت بدلوها الأبوي، والراعي إلى وحدة الأمة؛ حيث أوجبت المشاركة الفاعلة والتغير، من اجل انتشال البلد من شبح الطائفية، والحزبية، والقومية، وسلسلة الولايات المتعاقبة، وغلقت الأبواب أمام أولئك الذي جعلوا العراق ساحة للتخندقات الطائفية، ومرتكز لتصفية الحسابات الدولية.
إن هذه الأساليب لا يمكن إن تنطلي على شعب عاش قصص الحكام، وأحزابهم، وذاق مرارة الحروب، واختلاق الأزمات منذ عقود؛ ولا يمكن لساسة اليوم إن يرمموا حطام الماضي، ويعيدوا الصور التي غادرها الشعب العراقي منذ 2003 ولا يمكن إن يبنا بلد من خلال افتعال مثل هكذا أزمات، وهكذا ظروف محتدمة.
استقالة مجلس المفوضين ما هي إلا حلقة تضاف إلى سلسلة أزمات مر بها البلد منذ 2003 بسبب الإدارة الهشة، والقرارات الغير مدروسة، والارتجالية؛ التي جعلت الشعب يئن تحت الأزمات، والمشاكل السياسية، وما إن تخطينا أزمة إلا ووقعنا في أخرى.
لابد لنا اليوم إن نغادر تلك الأزمات من خلال ما أكدت علية المرجعية الدينية في النجف الاشرف، بضرورة المشاركة في الانتخابات المزمع إجرائها في 30 نيسان المقبل، وحثت الشعب على اخذ دوره الحقيقي من اجل إن يغير نحو الأفضل، ويرتقي بالواقع الذي نعيشه اليوم…