نحن الان على اعتاب الحملة الانتخابية الدعائية لاكثر من 9 الاف مرشح ومرشحة لخوض الانتخابات في الثلاثين من نيسان القادم. هؤلاء الالاف التسعة يتنافسون على 328 مقعدا في مجلس النواب بدورته الثالثة (2014 ـ 2018). وبالعودة الى البرلمان الحالي الذي توشك ولايته على الانتهاء فانه ولكي تتضح صورة المستقبل امامنا لابد ان نناقش واقع حال البرلمان الحالي من زاويا لا اعتقد ان هناك من انتبه لها لهذا السبب او ذاك, بقصد او بدون قصد. ولعل المقولة الاكثر تداولا الان هي من كان قد وصل الى العتبة الانتخابية من النواب الحاليين وعددهم 325 نائب. الاحصائيات تقول ان عدد من بلغ العتبة الانتخابية لم يتعد الـ 18 نائبا. هؤلاء وفقا لهذا المعيار فان كل الاخرين صعدوا اما باصوات كتلهم وفقا للقانون الانتخابي السابق الذي كان لصالح الكبار دون الدخول في تفاصيله او باصوات زعماء كتلهم ممن انتخبهم الناس لاسباب وعوامل وخلفيات طائفية وعرقية ومذهبية ومناطقية وعشائرية. واذا اردنا عمل جردة حساب بين ما حصل عليه نواب في البرلمان من امثال السادة نوري المالكي وطارق الهاشمي واسامة النجيفي بالقياس الى ما حصل عليه السيد عزة الشابندر فان المقارنة تميل بلا شك من حيث كمية الاصوات وليس عددها لاننا نجد انفسنا مضطرين للحديث هنا لا عن اصوات واعية بقدر ما نتحدث عن كم خاطئ من الاصوات اعطيت لهؤلاء دون وجه حق ولاسباب معروفة وواضحة وجلية وغير قابلة للنقاش. وينطبق هذا التوصيف الكمي للاصوات وليس العددي على نواب لايصلح بعضهم حتى لحمل لقب الشيخ الذي لايزال يتمتع به واضاف له من باب الديكور لقب “السيد النائب” ظلما وعدوانا صريحا على حق المواطن في الاختيار. فالعشيرة او الطائفة هي التي تريد أن يصعد فلان وعلان لكي يقال ان لدى عشيرتنا كذا نائب ونائبة يحملون لقب العشيرة داخل البرلمان ويقطنون المنطقة الخضراء بينما ابناء عشائرهم عرضة لكل انواع الارهاب والمفخات والعبوات والقتل والتهجير والنزوح فضلا عن الفقر والمعاناة. واذا كان العراقيون اليوم بدأوا يعضون اصابع الندم على ما اقترفته اصابعهم البنفسجية من اخطاء كارثية خلال الانتخابات الماضية التي افرزت لنا هذا المجلس الذي لم يفلح لا نوابه المنتخبين بموجب العتبة وعددهم 18 نائبا عن عمل شئ “بيه خير” ولا باقي النواب ممن صعد باصوات الكتلة او الزعيم الا من رحم ربي. اقول اذا كان العراقيون قد عضوا اصابع الندم على ذلك فانه من باب اولى ان يعضوا حتى اصابع جيرانهم على ما اقترفوه من “جرائم” بانتخاب الثلاثة الكبار “المالكي والنجيفي والهاشمي” ممن حصدوا مئات الاف الاصوات وهنا لابد لي ان اضيف لهم الدكتور اياد علاوي ولكن بتوصيف مختلف سوف نوضحه في ثنايا المقال. فطارق الهاشمي الذي نال مئات الاف الاصوات .. اين هو الان؟ الم يحكم غيايبا عدة مرات بالارهاب؟ اين ذهبت اصوات من انتخبه؟ الاجابة ربما لن تكون عند احد ولكن على من منحه اصواته ان يدقق في خياراته في الثلاثين من نيسان المقبل. والامر نفسه ينطبق على المالكي رئيس الوزراء الذي يفتخر بانه حاز على اكبر عدد من اصوات اهالي بغداد بل و”تفرعن” باصوات البغداديين وهو ابن جناجة من طويريج مثلما “تفرعن” صدام حسين على بغداد وهو ابن العوجة في تكريت حين سولت له نفسه انه صاحب فضل على جانبي الكرخ والرصافة. وبسبب تلك الفرعنة دفع العراقيون طوال ثلاثة عقود ملايين القتلى والمعاقين والارامل والايتام. واليوم يكرر المالكي نفس الفرعنة حيث دفع العراقيون في ولايته الثانية مئات الاف القتلى والمعاقين والارامل والايتام فضلا عن بقاء العراق وبغداده في اسفل قائمة الفشل عالميا. اما اسامة النجيفي رئيس الوزراء الذي حصد اصوات الموصليين مذا فعل لهم؟ اختزل القصة كلها في البرلمان وتحول الى رجل ازمة مع المالكي تاركا نصف الموصل بيد الدواعش ومن لف لفهم. وفيما “قشمر” الموصليين قوميا وذلك بان حصد اصواتهم تحت ذريعة الخطر الكردي فانه اليوم يريد ان يقفز نحو منصب رئيس الجمهورية بتحالفات جديدة من بينها التحالف مع العدو والخصم اللدود المالكي. لاتنسوا ياعراقيين ان هؤلاء الهاشمي الذي يحكمنا من تركيا والمالكي والنجيفي اللذين “يتباوسا” كل ستة شهور مرة في مسلسل بائس من الضحك على الذقون يريدون ثانية وثالثة وعاشرة ان ياخذوا اصواتكم في الثلاثين من نيسان المقبل. وبالعودة الى العتبة الانتخابية فانني اتساءل .. من يقول ان بلوغ العتبة هو التعبير الصحيح عن البرلماني الجيد؟ الامثلة امامكم سواء من ذكرنا من نماذج ومن لم نذكر من اعضاء في مجلس النواب صعدوا وفق العتبة الانتخابية تنطبق عليهم المقولة المشهورة “ان حضر لايعد وان غاب لا يذكر”. ما اريد ان اقوله هنا ان هناك نوابا قد تكون ظلمتهم العتبة الانتخابية لانهم ليسوا طائفيين ولم يتبنوا الطرح العشائري في الوصول الى البرلمان ويؤمنون بدولة المواطنة والخدمات. واذا كان هناك اكثر من نموذج يستحق الاشارة اليه الا انني ارى ان السيد عزة الشابندر يقف في المقدمة ليس على سبيل انتخابه نائبا في البرلمان بل حتى تسلمه احد المواقع السيادية العليا في البلد بدء من منصب رئاسة الوزراء. فمن تابع طروحات الشابندر طوال السنوات الاربع الماضية يلاحظ ان رؤيته واضحة بل شديدة الوضوح لكيفية بناء الدولة وتجنب المزالق التي تقع فيها الحكومة. واذا كان دائما يرفض اللقب الذي كان يحمله “كبير مفاوضي المالكي” فان هذا اللقب يليق به تماما. لان الرجل ناجح في اطلاق المبادرات وكيفية التعامل مع الخصوم بل وحتى الاعداء والسبب في ذلك انه صاحب فكر ورؤية واضحة ومنهج سليم. هناك من يسميه رجل صفقات وربما ينطلق هذا البعض من باب الادانة دون ان يعرفوا ان الصفقات ليست سهلة وتحتاج الى قدرات وامكانيات هائلة. والاهم ان الشابندر لايبرم صفقة الا من اجل الوطن وبناء التجربة وتهيئة الارضية لممارسة سياسية سليمة. لهذه الاسباب واخرى غائبة في سياق ما قدمنا من امثلة ونماذج فان الشابندر هو الاصلح في تمثيل العراقيين في برلمانهم القادم في حال ارادوا تخطي دولة المكونات والمذاهب والقائمة على نظرية “جاك الواوي .. جاك الذيب”. وقبل ان اختم كلامي بودي ان اعرج على الدكتور اياد علاوي الذي كان يمثل مشروع امل وطني واذا به يخفق في اول تجربة عندما لم يصبح رئيسا للوزراء. وعلاوي هوالاخر حصل على كم كبير من الاصوات التي لم يعرف كيف يتعامل معها حين خذلها جميعا بفقدانه منصب رئاسة الوزراء بينما هي اليوم ربما تشعر بالخذلان وهي تعيد حساباتها عند الاقتراب من صناديق الاقتراع. لذلك اقول ان الشابندر وامثاله من النواب الاقوياء ممن مثلوا بلدهم خلال السنوات الماضية خير تمثيل هم من يستحقوا ان لانضيع اصواتنا بين من لايحسنون سوى صناعة الازمات او تلاحقهم احكام الاعدام غيابيا.