بلدُ يَحتَلْ مَرتَبة يُحَسَد عليها، لكنها في الوقت نَفسِه وِبالُ عَليه، كَونَ الثروة تُبَدَدْ بَينَ مَشاريع وَهميّة، وَسَرقاتٍ بالجملة، وَسياسيّون لا يَفقهون مِن السياسةِ الاقتصادية والمالية شَيء، لأنهم دَخلوا العملية السياسية، وُفق الاِتفاقياتِ المشبوهةِ، وَالتي أوهمت الشعب العراقي، بأنهم أبطال مُضحين وَمؤمنين بِالعملية السياسيةِ، لكنهم عَكسَ ذَلك!
البطالة أخذت تَفتِكُ بالمجتمع العراقي، والنسب المعلنة لا يمكن الاستهانة بها، والمشكلة أن تِعدادُ العراق، وَربطِهِ بقيمة المردود المالي الذي يَدخُل للخِزانة، لا يُمكن أنْ يَتَطابق! كَون الفارق شاسعُ جِداً، وَهذا بالطَبعِ ناتجُ مِنْ سُوءِ الإدارة، إذْ تَحَولَ البَلَدُ مِن مُنتِجِ وَمُصدّرِ، إلى عاطلِ ومُستهلِك، وفي الأمس القريب، خَرَجَ أحدُ النوابِ، وَعَلى الفضائيات يُنكِر وجودَ الفقر! وَيَقُول لا يوجَدْ احدُ في العراق، يَنامُ وهَوَ جوعان، وكأن الفقرَ مُقتَصِرُ على الطعام، وَنَسِيَ هذا النائب المتطلبات الضرورية، والتي تدخل تدخلاً مباشراً في حياةِ المواطنِ العراقيّ، وَمُتناسِياً الوَضعُ الأمنيّ الرَكِيكْ والهزيل، والفساُد المُستَشري، وَالتعليمُ الذي لا يَرقى إلى الدول التي فيها مَجاهل، بل أسوأ من ذي قبل، حيث التجأ الكثير من الآباء المترفين، بنقل أبنائهم للمدارس الأهلية!خوفا عليهم من الفشل بالدراسة، ولازلنا نرى المدارس الطينية موجودة على الخارطة، وطِلابُها يفتَرِشُونَ الأرضَ، لعدم وجود رَحلاتٍ يَجلِسوُنَ عَليها، وَلو وُجِدَتْ تِلكَ الرحلاتْ! فَكُلُ اِثنانْ يَجلِسوُنَ على واحدة، وهي مُصَمّمَة لِشخص واحد، وَنَسِيَ أيضا، المَسكَن الذي يأويه، وَنسيَ البُيوتِ العشوائية، التي غَزَت معظم المناطق في بغداد والمحافظات، والتي شوهت المنظر لتلك المناطق، ونسي أيضا، طوابير العاطلين عن العمل، واكتظاظ المقاهي بهم، ليقضوا وقتا يقتلون الفراغ فيه
تَفكيُر ضَيّق وَيَحتاجُ لِتَفسير مِنهُ، كَونَهُ يَجهَل الأمور الحياتية، وَيَحصِرُها بِزاويةِ الجوع، بِمَفهومه الأخص، لكن الأعم يختلف اختلافا جذريا، لان متطلبات العيش الكريم، تُحَسَبْ معاييرها وُفقَ المردود المادي للعائلة والفرد.
الفقر بنظر البرلمانيين البعيدين عن شعبهم، يتمثل بالجوع بمفهومه، والتناسي بان الجوع هو إحدى مفردات الفقر، وليس الكل كما بتصور البعض، ومقولة أميرُ البلاغةِ (تُجهَلْ النِعَمْ ما أقامَتْ )، هم بعيدين عنها كل البعد، والمتطلبات البسيطة والغير متوفرة، في كل البلدان الغنية بثرواتها النفطية مجابة، ولا يعانون منها إلا في بلدي، والذي صار البرلمانيون وأصحاب الدرجات الخاصة، نقمة، وليس نعمة، بل يستنزفون أموالنا على ملذاتهم وراحتهم وامتيازاتهم، وفق معايير خاصة بهم، والفقير يُعاني الحِرمان بِكُلِ أشكالِهِ.
الانتخاباتُ قادمة، والتغيير لابُد أن يَحصَل، لأننا مللنا مِن الوعودِ التي لم تَتَحقّق، وَمَن يَكون صاحب المشروع الوطني سَيكونَ هو الناجح فيها، من خلال التجربة، والأيام التي مضت، أثبتت للعالم اجمع، من كان مع المواطن، ومن كان يعمل لمصلحته وحزبه وفئته، وان احتلالنا الرقم ،132 من أصل 168، رقم مخجل جدا، فأين الأموال من المردود النفطي! أين ذهبت؟ وعلى ماذا صرفت؟ ومن هو المنتفع الأول منها؟ ولماذا لم تصرف على المواطن ورفاهيته؟ وبناء مساكن تليق به وبكرامته! أليس من الأجدر أن تتعاقد الحكومة مع الشركات ذوات السمعة الدولية الناصعة! وتتحمل الجزء الأكبر لنكون ضمن مصاف الدول المتقدمة! الكل عليه مراجعة نفسه هل عَمِلَ بِما أقسَمَ عَليه أو عمل لمصلحته شخصيا! ….. سلام