قد يبدو العنوان غربياً لمتابعينا وقرائنا الاكارم , لكن بحسابات بسيطة لمبلغ ال”300″ الف دينار منحة الفنانين والادباء والصحفيين , فإذا قسمنا المبلغ على أشهر السنة فيكون المبلغ الشهري لتلك المنحة هو “25” الف دينار , واذا قسمنا هذا المبلغ على عدد ايام الشهر, نخرج بنتيجة حسابية تقد بـ ” 800″ دينار عراقي لليوم الواحد , اي باقل من الاف دينار , وهي لا تساوي قنينة ببسي كولا او قنينة ماء في المطاعم والفنادق والمقاهي ,وحتى ابن الانسان الفقير لا يقبل بمبلغ الاف دينار, وبحسابات أخرى ذات فكاهة وسخرية ونقد لاذع , هو ان المنحة وما تسمى بالمكرمة الأبوية هي لا تكفي بحد ذاتها لدجاجة واحدة يمكن تربيتها في اي بيت وشراء الحنطة او الشعير او اي نوع آخر من الاعلاف لها على مدار الشهر, ولم يؤخذ بعين الاعتبار لما تقدمه تلك الشرائح في دروس الانسانية والتثقيف والمعرفة التي تتمتع بها في كل الدوافع النبيلة والانسانية , لشرائح الفنانين والادباء والصحفيين المغلوب على امرهم والمنسيين من كبار مسؤولي الدولة , رغم الفائض المالي الكبير جراء واردات النفط التي تتزايد ارباحها كل يوم , فهل تفكر الدولة بمراعات تلك الشرائع وتخصص من ميزانيتها المتلاطمة بالأموال , بمنح هؤلاء المبدعين مبالغ ذات جدوى اقتصادية ومنفعة مالية مجزية , لاستمرار هؤلاء المنكوبين من بث عطاءاتهم في الابداع والانتاج الفني والثقافي والاعلامي , وهم ذاكرة حيّة للأمة ومصدر إشعاع وتنوير للأجيال, وإن من بين أهدافها نشر الوعي الثقافي ونبذ الروح الطائفية والعنصرية والعشائرية وترسيخ السلم الأهلي بالمجتمع العراقي في اشد الظروف الحالكة , وترسيخ الوحدة الوطنية والمصالحة لبناء دولة المؤسسات العراقية وفق منظورات تراث وحضارة وادي الرافدين , لذا يتوجب على الحكومة العراقية ان تتمتع بسجية الكرم من باب اولى لتلك الشرائح المغبونة , حيث تأتي اشكال الكرم في الكلمة الطيبة صدقة ومن هذه الكلمة هي تخصيص الحوافز المادية والمنحة او المكافئة التشجيعية جبراً للخواطر ورفع المعنويات والغبن المجحف على طول تلك السنين العجاف بحقهم , لعلنا نجداً مثالاً طيباً في اغلب الدول العربية والعالمية لما تلقيه تلك الفئات المبدعة من رعاية وتكريم تصل في اقلها الى توفير السكن الرغيد للمبدعين والعيش بسخاء ورفاهية بسبب ما تقدمه تلك الفئات من عكس حضارة وثقافة وتطور بلدانها , فعندما تبحث عن حضارة تلك البلدان تجد فيها الصحفي والفنان والاديب هم سفراء فوق العادة لتمثيل بلدانهم في المحافل الفنية والثقافية والاعلامية على وجه الخصوص لا الحصر ,وكما يقول الشاعر : إنما الأمم الأخلاق ما بقيت …فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا, أيتها الحكومة المحترمة : كوني كريمة ومنصفة وعادلة مع هؤلاء المبدعين مثلما الانفاق الوفير على بعض مفاصل المجتمع والرواتب المهولة لبعض الفئات والطبقات التي تتنعم بها داخل وخارج العراق في شراء الفلل والعقارات والعيش الرغيد في السفر والتنقل واضفاء السعادة والرفاه على عوائلهم وذويهم , وعليكم المسارعة في نشر المحبة من خلال عطائكم ومكارمكم والصدقات التي ستعود عليكم بالحسنات, لان الفن والادب والصحافة هم الثالوث المقدس لكل مجتمعات الارض بكل ما تحمله خطاباتهم ورسائلهم , التي هي رسائل الامانة والصدق الوجداني والوجه الناصع للدولة في الداخل والخارج , اما الذي سمعناه وقرأناه عن بيانات واخبار اعلنت في عناوينها الرئيسة بـ ” مانشيت ” الخط الاحمر العريض عن ” بشرى سارة ” بمنح الادباء والفنانين مكافئة سنوية مجزية لتلك الشرائح المثقفة , لكن الجبل بعد مخاضه العسير ولد فأراً بثمن بخس الا وهو ال “300” الف دينار فقط, فكم اديب وفنان وصحفي رفع قيمة الدولة التي ينتمي لها عبر القنوات والشاشات وعبر المؤتمرات والندوات والورش الداخلية والخارجية , وفي وقت سابق اعلنت وزارة الثقافة بخصوص منحة 2022 ,فقد قامت وزارة المالية بتمويل وزارة الثقافة ” 6 مليارات دينار فقط “, وحجبت مبلغ ” 6 مليارات و930 مليونا” وهو المبلغ المُحوّل من هيئة السياحة لصالح وزارة المالية, حيث تم تقسيم المبلغ” 6 مليارات دينار عراقي فقط” على عدد المشمولين, والبالغ عددهم ” 18700 مشمول” , ليصبح المبلغ لكل فرد ” 317 ألف دينار” , فنقول بملء فمنا ” ما هكذا تورد الابل يا وزارة المالية ” والله من وراء القصد .