ومن قصيد للدكتور اغستينو نيتو ( سوف نعود )
إلى انهارنا، إلى بحيراتنا، إلى الجبال، إلى الغابات سوف نعود
سوف نعود إلى مناجمنا حيث الماس و الذهب و النحاس و النفط سوف نعود
إلى الوطن الانغولي الجميل أرضنا أمنا سوف نعود
إلى أنغولا المحررة أنغولا المستقلة ٠
الدكتور اغستينو نيتو اول رئيس لجمهورية انغولا الشعبية بعد الاستقلال ، وهو طبيب وشاعر ٠
في الستينات و السبعينات من القرن المنصرم و بتأثير من الأفكار التي جاء بها بلد لينين في ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى ، الاتحاد السوفيتي و كذلك منظومة البلدان الاشتراكية ، برزت حركة التحرر الوطني في القارة الأفريقية بحركات منظمة ضد الاستعمار البلجيكي و البرتغالي و البريطاني و نشأت حركات مسلحة ، قادها و لعب دورا هاما وبارزا فيها ، أميلكار كابرال في حركة تحرير غينيا بيساو ، وكذلك اغستينو نيتو قاد الحركة الشعبية لتحرير انغولا من المستعمر البرتغالي و ظهور القائد باتريس لومومبا في الكونغو في تحريرها من الاستعمار البلجيكي ، و حركة تحرير جنوب افريقيا من المستوطنيين البريطانية و حكومتهما العنصرية بقيادة نلسن ماندلا و رفاقه في حزب المؤتمر الافريقي الجنوبي ٠
واليوم أكتب عن جمهورية انغولا الشعبية بعد الاستقلال الذي قاده الدكتور اغستينو نيتو و رفاقه في الحركة الشعبية لتحرير انغولا من الاستعمار البرتغالي الذي جثم على صدر الشعب لسنوات عديدة حتى أن تحررت عام 1975 ونالت الاستقلال، و لعب دورا ببناء الدولة المستقلة أغستينو نيتو و رفاقه في حزب العمل الانغولي ، معتمدين على رفع مستوى التعليم في كل المجالات اولها البدء بمكافحة الأمية و إعداد الكوادر العلمية في مجالات متعددة، منها الطب والهندسة و العلوم وغيرها ،
و بناء الدور السكنية للشغيلة من العمال والفلاحين ٠
وفي عام 1980 قرر أتحاد الطلاب العالمي ومقره في جمهورية جيكوسلوفاكيا في العاصمة براغ ، تشكيل فصيل اممي من الأطباء لمساعدة الشعب الانغولي ، و فعلا جرى الاقتراح على المنظمات الطلابية المتواجدة في الاتحاد العالمي ، وتمت الموافقة من قبل اتحادنا ( أتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية )، و أقترح أرسال أطباء. عراقيين أنهوا دراستهم خارج العراق ، ولم يتسنى لهم العودة العراق بسبب من الاضطهاد و السجن على يد النظام الدكتاتوري القائم ، فجرت الموافقة من قبل كل من الدكتور ماجد كثير الصكر من موسكو جامعة الصداقة بين الشعوب و المسماة بأسم المناضل ( باتريس لومومبا) ، و الدكتور فاضل سعيد من بلغراد يوغسلافيا و اخته الدكتورة بخشان سعيد من موسكو و هم اخوة أبو محمود في القامشلي ( جلال الدباغ ) كان انذاك مسؤول عن أرسال الرفاق الذين يأتون من الخارج لإرسالهم إلى كردستان للالتحاق بفصائل الأنصار الشيوعيين لمقاتلة النظام ، و فاضل و بخشان من الاخوة الأكراد لكنهم لم يكملوا المشوار في العمل التطوعي ، حيث ادعى الدكتور فاضل سعيد لدية قرحة في المعدة وهو بحاجة الى السفر إلى موسكو للعلاج وأشترط أن ترافقه اخته بخشان و هذا ما تم و جهزوهم الرفاق في اتحاد الشباب الانغولي ببطاقتي سفر و فعلا جرى تسفيرهم إلى موسكو ، و من الجدير بالذكر ان الدكتور فاضل سعيد كان مسؤول منظمة الحزب في يوغسلافيا و هو حدثني عن كيفية أرساله الرفيق الطالب نشأت فرج بالذهاب الى السفارة العراقية في بلغراد لتجديد جواز سفره ودخل الرفيق نشأت فرج الى السفارة و مهمة الدكتور فاضل ان يراقب الموقف من خلال زرف في الكنيسة المجاوررة للسفارة العراقية و اعتقل الرفيق نشأت و سفر بطريقة وحشية الى بغداد ولم يطلق سراحه الابعد الاحتلال عام 2003 ، و انا كاتب هذه السطور محمد جواد فارس من مدينة كرسندار في روسيا الاتحادية ، سبق و كانوا معنا أطباء من الهند و أيرلندا وصحفي من جيكوسلوفاكيا يغطي نشاطات الفصيل إعلاميا، بدئنا في دراسة اللغة البرتغالية ، لكي يتم التفاهم مع المرضى و مع الناس ، وهي لغة الدولة الرسمية ، و تم تنسيبنا إلى مستوصفات في العاصمة لوندا الجميلة والواقعة على ساحل المحيط الأطلسي وكان نصيبي مستوصف تعمل به اخت خالد الذكر اغستينو نيتو وهي صيدلانية فيه ومسؤلة المستوصف ، و تعرفنا على السفير الفلسطيني أبو فهد وهو من مدينة سلوان الفلسطينية ، و في سفارتهم اثنان ، سائق السفير و كذلك مدير مكتبه ، و السفارة كانت سفارة الكيان الصهيوني ايام المستعمر البرتغالي ، وبعد الاستقلال تم طرد السفير الاسرائيلي وطاقم السفارة ، و أعطيت البناية إلى سفارة فلسطين و للعلم انها اول سفارة تفتح في جمهورية انغولا الشعبية بعد الاستقلال عام 1975 ، وليس كما يقال ان اول سفارة لفلسطين فتحت في طهران بعد الثورة ، و هذا غير صحيح تاريخيا ٠ و قد ساعدت الأخوة الفلسطنيين في انشاء مكتبة، فيها من الكتب السياسية والثقافية العربية و البرتغالية ، و السفير أبو فهد كان يشاركنا احتفالاتنا بمناسبات عديدة ومنها عيد ميلاد الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار و يلقي كلمة و هو يتحدث أضافة للعربية اللغة الأم البرتغالية و الانكليزية وبطلاقة، وقدم لنا الكثير كلما طلبنا منه ومثال على ذلك قضية سفينة الرزازة العراقية للصيد الأسماك ، التي اخترقت المياه الإقليمية لسواحل انغولا للصيد السمك فيها معمل لتعليب الاسماك و بيعها الى دول قريبة مثل الكاميرون ، وشارك في إطلاق السفينة لأنها ملك للشعب العراقي ، و بفضله تم اطلاق السفينة بعد أن سدد العراق ضريبة تواجدها في الميناء الانغولي ، و طلب من الرفاق الانغول عدم تسليم المناضل عوني القلمجي إلى نظام بغداد ، وكان عوني مدعو للمشاركة في مؤتمر يعقد في لوندا للتضامن مع الشعب الانغولي ، وحدثت اشكالات في تمثيله كعراقي وهو يحمل جواز سفر سوري ٠ و قضية زوجتي د٠ رحيمة السلطاني التي جاءت لزيارتي و ليس لديها تأشيرة دخول ذهب لاستقبالها في المطار وهو يحمل علم فلسطين ٠ وشكرنا جهوده لتعاونه معنا ٠
و تابعنا عملنا في لوندا حتى كلفنا بعد فترة في السفر إلى مدينة أخرى، في الشمال تسمى ب أيويج عملنا في مستشفاها مع زملائنا من الأطباء الكوبين ، ومن خلال عملنا اكتسبنا خبرات جيدة في الأمراض المتوطنة و التي درسناها في بلد السوفيت ، ولكن دون مشاهدة لمرضى، كما هي داء الفيل ، و ليبرا و الملاريا وغيرها من الأمراض ( أمراض المناطق الحارة و شبة الحارة ) ٠
ومن خلال علاقتنا مع شبيبة اغستنو نيتو حدثونا عن البناء الاشتراكي و تطور القوى المنتجة و إعداد الكوادر العلمية في مختلف التخصصات و تحريك الصناعات منها استخراج النفط من منطقة كابندا في الشمال على المحيط الأطلسي، و كذلك المعادن المستخدمة، و الاهتمام بزراعةالقهوة و الكاكو و جوز الهند ، علما أن هناك كانت تدار حرب أهلية بعد التحرير ، حيث انشق عن السلطة جانوس سفمبي زعيم يونتا زعيم الاتحاد الوطني للاستقلال انغولا و شكل قوات في جنوب انغولا مدعومة من الامبريالية و المعادين للنظام نيتو و أصبح يقوم بعرقلة أمن الدولة و المواطنين ، و كذلك في شمال انغولا ظهرت قوات معادية للتوجهات سلطة حزب العمل الانغولي ، بقيادة روبرت هولدن، ورغم ذلك كانت كوبا تقف إلى جانب بناء انغولا الشعبية في مساعدتها صحيا وتعلميا اقتصاديا ، و لايمكن نسيان دور المناضل الأممي ارنستو تشي جيفارا المشارك في حرب التحرير مع القائد اغستينوا نيتو ، حتى أن الفلاحين يتذكرونه في الريف الانغولي عندما كان يحمل بندقيه الكلاشنكوف ويعالج الفلاحين ، علمنا أنه كان يعاني من نوبات ربو قصبي شديدة الحدة ، كان جيفارا يشارك في التخطيط وادارة المعارك ضد المستعمر البرتغالي . وعندما استلم الرئيس خوسي ادواردو دوس سانتوس وهوخريج بلد الاشتراكية الأول من جمهورية اذربيجان في معهد النفط المسمى بأسم عزيز بيكوف و المعروف دوليا بدراسته في مجال النفط تعقيبا و أستخرجا، و تخريج عدد كبير من الطلاب الأجانب من الدو ل النامية التي يتواجد فيها النفط ، وطلاب من جمهوريات الاتحاد السوفيتي ، استفاد سانتش ، أضافة لتخصصه العلمي ، في دراسة الماركسية ، في الفلسفة و الاقتصاد السياسي وكذلك الاشتراكية العلمية ، وعندما شغل مركزه الأول في الحزب و رئاسة الدولة مستفيدا من التجربة الاشتراكية في بناء الدولة ، و ضع الخطط السنوية من أجل البناء في مجالات متعدد منها تطوير التعليم والصحة و الاهتمام في الزراعة و الصناعة و الاستفادة من ثروات البلد من النفط و القهوة و الكاكو و جوز الهند وغيرها ٠و سخرت ثروات البلد من أجل بناء انغولا الحديثة والمتطورة حيث جرى الاهتمام بتطوير الإنشاءات الصحية في المدينة والريف و كذلك التعليم الاولي و العالي بعد القضاء على الأمية، و إعداد الكوادر في المجالات المطلوبة لمتابعة تطور البلد وفق متطلبات العصر ، و اليوم انغولا تسير وفق البرامج التي وضعها أوغستينو نيتو و من بعده أدوار دوس سانتوس و قيادة حزب العمل الانغولي و نفذت العديد منها و كان لاتحاد الشباب الانغولي دورا هاما في عملية البناء ٠
و في القرن الواحد والعشرين و بعد انتهاء مرحلة الاستعمار و ولوج الامبريالية وهيمنتها على اقتصاد الدول في بيع منتجاتها بما فيها الاسلحة الفتاكة و تدخلها السافر في إنهاء الأنظمة التقدمية وذلك بإستخدام جهاز المخابرات الأمريكية للتأمر على الشعوب و الأنظمة بالتعاون مع العملاء و المرتزقه ، أصبح من الضرورة بمكان التخلص من هذه الهيمنة ، و حتمت الضرورة أيجاد تعددية الاقطاب ، بدلا من هيمنة القطب الواحد ، و ظهرت منظمة البريكست التي ضمت في صفوفها كل من الصين الشعبية وروسيا الاتحادية و جمهورية الهند و كذلك جمهورية أفريقيا الجنوبية و البرازيل ، و اليوم تتوسع بطلب العديد من الدول العربية والافريقية ، و بالتالي سوف تنهي هيمنة الدولار الأمريكي على الإقتصاد العالمي ٠ و اليوم أفريقيا بعد أحداث انقلاب النيجر و طرد فرنسا المستعمرة للبلد و التي استغلت النيجر في سرقة اليورانيوم و ارساله إلى فرنسا من أجل توليد الطاقة الكهربائية لفرنسا ، وجدت النيجر في روسيا الاتحادية عون لها في التشدد بموقفها اتجاه طرد السفير الفرنسي ، و سوف تحذوا دول أفريقية في إنهاء الاستعمار و اللجوء إلى دول البريكست ٠
أنغولا الشعبية سوف تستمر في برنامجها الاقتصادي و السياسي ، لبناء مجتمع أشتراكي ٠