التفكير الايجابي سمة ومهارة يجب أن يتقنها صاحب الفكر الإداري ، والايجابية تعني التفكير بطريقة تفاؤلية والعمل على إيجاد حلول بديلة للمشكلات التي يمكن أن تواجه الأفراد بشكل مستمر ، والايجابية تركز على النجاح والتصدي لاحتمالية الفشل من خلال العقل ، وتهدف لجعل الحياة أسعد وانفع وأسهل وهي ضرورية للأفراد والمنظمات ، والايجابية هي البوصلة لسعادة الأفراد وخلو حياتهم وتفكيرهم من القلق الذي قد يجعلهم يشعرون بالسوء والإحباط ، الايجابية إذن رؤية الجانب المشرق في معظم الأمور على الدوام ، وذلك لا يعني تجاهل التجارب السيئة أو الحالات الصعبة من الحياة وإنما التعامل معها بروح التفاؤل ، فالايجابي يتعلم منها ويصبح أقوى بسبب ما يملكه من تصور واضح اتجاه نفسه واتجاه الآخرين و الحياة ، وفي الإدارة الايجابية يركز القائد من خلالها على الاستخدام الأمثل للطاقات والتوظيف الكفء للإمكانيات المتوفرة في عناصر ومكونات المنظمة ودواخل الأفراد العاملين بها لتحقيق الأهداف المرسومة بدلا من التركيز على الأخطاء والأمور السلبية ، والنجاح الحقيقي ينبع من الإيمان والدافعية الذاتية وباستطاعته أن يحول التجارب الفاشلة لخبرات تشكل عاملا محفزا لبلوغ النجاح حين تتوفر العوامل اللازمة لبلوغه ، ومن الأساسيات الضرورية لتفعيل الإدارة الايجابية لدى الراغبين في إدارة أعمالهم بكفاءة وفاعلية عالية هو تهذيب السلوكيات والسعي للتطور والتعلم من التجارب السابقة الفاشلة والناجحة على حد سواء ، فالتجارب الفاشلة لا تشكل خسارة في كل الأحوال والحالات حين يمكن تحويلها لنجاحات ، ويتطلب ذلك التكيف مع الضغوطات التي تقابلهم في بيئة العمل وعدم الخضوع لتأثيرها السلبي ، فالهروب من الفشل قد لا يكون مكلف لأنه قد يشكل هدرا في فرص مثمرة لو استخدمت بشكلها صحيح ، ويتطلب ذلك ( وضع الأهداف وكيفية تحقيقها ، التحسين المستمر في التفكير الايجابي ، اتخاذ القرارات الحاسمة لتقوية القدرات في إدارة الأولويات وقبل ذلك العزم والإرادة ومراعاة احتياجات الآخرين ) .
ولان الإدارة هي ألأساس لأي عمل أو نشاط ناجح داخل الفرد او في المجتمع ، فإنها مسؤولة عن التغيير الايجابي والايجابية تعني تنمية او تحديث او إضافة استخدام جديد للمورد الموجود او ما يمكن إضافته في حدود التكاليف ، ويبدأ ذلك من خلال اختيار النشاط وتوجيهه وإرشاده إلى الطريق الصحيح لإشباع حاجات ورغبات الناس ، والمنظمات التي تعمل في مجال الخدمة الاجتماعية هي نتاج مجتمعي وتمثل استجابة لحاجة او تحقيق هدف وبالتالي هي جزء من المجتمع ككل ، فالمؤسسة لا تقوم ولا تنشأ لمجرد الوجود فقط وإنما لممارسة دورها المؤثر كأداة للمجتمع في تحقيق الأهداف التي تهم الأفراد والمجموعات ، وهي بذلك مسؤولة عن تأثيرات وآثار قراراتها بحسابات التنبؤ الواقعي وانعكاسه على المستقبل والاحتمالات المقدرة ومن ثم النتائج التي تظهر بالشكل المرغوب وتضييق حجم غير المرغوب فيها بما تنتجه من مشكلات وحلول جمعية ، لذلك فإن واحدة من أهم وظائف الإدارة التجديد فعلى الإدارة أن تعمق بصيرتها وتؤمن بالتغيير لأنه بدون تطور الإدارة ومراجعة أساليبها وأدواتها المختلفة فإنها لا تضمن تحقيق أهداف المنظمة التي وجدت من اجلها ، وينبغي على الإدارة ريادة آفاقا جديدة والعمل على خلق توقعات مستقبلية لإشباع احتياجات جديدة ، لذا فمن الضروري يقظة الإدارة ورفع قدرتها في استيعاب متطلبات التكنولوجيا واتجاهاتها والاستعداد للاستفادة ما قد يحدثه النمو المعرفي و التطبيقي لتحقيق تغيير ايجابي حقيقي ، سواء في مجالات العلوم و المعارف والتطبيق أو في أساليب الاتصال والقِيَم التنظيمية أو تقنيات التخطيط وحساب ما قد يحدثه هذا النمو من تغيرات محتملة في المجتمع من مزايا او مضار ، اخذين بالحسبان تقدير حجم ونوعية تلك الاستجابات بأعلى درجة ممكنة من الوضوح والدقة دون هدر في الموارد واتخاذ إجراءات وقائية وداعمة لمنع الفساد بأي شكل من الأشكال .
وللإدارة دور شرعي وأخلاقي في نهضة الأمة ، وهذا الدور لا يقتصر على مجال محدد بل يمتد إلى مجالات عديدة في المجتمع بما في ذلك الجوانب التنظيمية والسياسية والاقتصادية والثقافية ، ويتطلب العمل على إيجاد القيم الجوهرية وتوظيفها في المجتمع بالأفعال وتوجيه الأفراد نحوها لتحقيق نهضة حقيقية من خلال تفعيل التضامن والمشاركة بين الإدارة والأفراد والمجتمعات للحد من عدم المساواة او الظلم الاجتماعي وتوفير التنمية المستدامة للمجتمع وضمان صحة المجتمعات ورفاهيتها وخلق السلام والتخلص من العوز والفقر ودعم شريحة الشباب الواعي واستثمار طاقاتهم وإبداعاتهم وأفكارهم في نهضة المجتمع ، فهم الركيزة الأساسية والعمود الفقري في بناء المجتمعات ، والشباب لا يتوقف دورهم في العمل و بناء المجتمعات فحسب ، فهم يشكلون قوة وطاقة وحيوية لكل مجتمع وهم الأساس لزيادة القوة الإنتاجية في كل القطاعات ، وشريحة الشباب تشكل علميا واقتصاديا أساس التغيير داخل المجتمعات ، لذا تلجأ اغلب البلدان لاستغلال طاقاتهم كموارد نادرة عند استخدام سلطتها في القطاعات الحكومية والخاصة ، فالشباب لهم قوة كامنة واستعداد للتطور والتغيير والتعلم من أشخاص أكثر خبرة ، كما أن لديهم الدافعية والرغبة في الإبداع والتميز في مختلف المجالات ، وهذا هو أساس التغيير والتقدم الذي يجب اعتماده منهجا لمن يدعون الصدق والاخلاص ، وحكمة الدول والمنظمات تكمن في تمكين قدراتها باستثمار الطاقات الشابة بأعلى الدرجات ، فتعطيلها وزجها للإرضاء او لإشغال الفراغات بالتعيينات في غير محلها الصحيح يعد مخالفة للعقل والمنطق ولأخلاقيات الإدارة في أداء واجباتها اتجاه الله والناس الضمير .