عرضت شركة نتفليكس فلم “لا تنظروا الى السماء” . تدور احداثه حول عالمي فلك يحذران العالم من مذنب مدمر يتجه نحو الارض. ولم يلتفت اليهما احد لا من رئيسة الولايات المتحدة ولا من وسائل الاعلام المختلفة .
والفلم يعرض باسلوب اقرب الى الكوميديا تفاهة النظام العالمي بقيادة الولايات المتحدة .
وقادة العالم الذين يتخذون قراراتهم لصالح الشركات الكبرى والطبقة العليا فقط .
وان السياسيين في ملهاة عن المخاطر المحدقة بمواطنيهم ، وبالبشرية جمعاء من حروب واوبئة ومظالم ، اضافة الى الاساءة الى المناخ والتلوث البيئي .
وجاء اسم الفلم لا تنظروا الى السماء ، بمعنى ممنوع التطلع الى الاعلى ومحاولة الارتقاء بالمستوى الاجتماعي والثقافي والقيمي .
والجمهور غافل عن مصالحه الحقيقية، ويخوض في التفاهات من وسائل التواصل الاجتماعي الى الاعلام المستهلك باطروحات سطحية وثقافة مشوهة تعتمد على الفضائح والسلوكيات الضارة .
ما يميز العالم المعاصر ليست الأزمات والحروب فقط ، بل شيوع التفاهة واللامبالاة الى حد الاستخفاف بالعقل البشري الرشيد وبمستقبل الانسانية .
وأصبحت اللامبالاة مبدأً فعالاً ، وهدفًا يجب تحقيقه في إنتاج اللا تفكير ، او خواء المعنى .
وانتقلت الثقافة والفنون من العمق الى التسطيح .
اصدر الفيلسوف الكندي آلان دونو كتاب “نظام التفاهة” أوضح فيه انتشار التفاهة في المجتمعات ، فالتافهون قد أمسكوا بمفاصل السلطة، ووضعوا أيديهم على مواقع القرار، وصار لهم القول الفصلُ والكلمة الأخيرة في كل ما يتعلق بالخاص والعام .
وفي مجتمعاتنا العربية نجد انتشار رسائل الكراهية والعنصرية. والتدين الزائف والطقوس الغريبة. واجترار الماضي في اكبر عملية تجهيل .
ناهيك عن المواضيع والاطروحات الهابطة سواء في الاعلام الممنهج او في وسائل التواصل الاجتماعي.
نظرة واحدة على التك توك تجد فيديو لشخصية نرجسية تقدم نفسها على اعتبارها نجمة من نجوم المجتمع .او من يعرض افكارا ما انزل الله بها من سلطان . مع اخبارا” مضللة ومعلومات مغلوطة وتاريخ مزيف . حتى اصبحت مجتمعاتنا تعاني من الضحالة والتفاهة ولاتهتم بمصالحها الحيوية المسلوبة من انظمة فاسدة واحزاب عنصرية وطائفية مقيتة ، فاصبح المواطن يعيش في حاضر بائس ومستقبل مجهول . مع نظرة قاتمة .
ومما زاد في التسطيح وشيوع الرداءة احتكار السلطة من قبل حفنة من السياسيين البعيدين كل البعد عن اي منهج ثقافي او قيمي والنزوع الى الاستبداد الديني والفكري والاجتماعي .
انه عصر التفاهة والالهاء ، وانحراف التفكير الصائب والابتعاد عن القيم العليا ، حتى تفشى الفساد السياسي والاجتماعي ، وشاع الجهل ، والمحتوى الهابط وتردى المجتمع ، الا مارحم ربي .
ويتوجب على قادة الرأي والمثقفين والفنانين تأكيد
أهمية المضمون واستعادة هويتنا الثقافية ، للوقوف بوجه الضحالة والمحتوى الهابط ، وان يرتقوا بالثقافة والفنون الى افاق عالية تبني اجيالا جديدة مسلحة بالمعرفة الرصينة ، واعادة الوعي للفرد والمجتمع الى مساره الصحيح ، بما يعكس قيم الامانة والنزاهة في مجالات الحياة كافة .