اغلب المثقفين والفنانين وذو الافكار المتحررة هربوا من منصة الفيس بوك ليبحثوا ملاذ آمن لنشر افكارهم وفنهم من خلال منصات تحترم وتتابع كتاباتهم، بصراحة اكثر من شهر لم استطيع نشر منشور احترامًا لمشاعر الآخرين، كثير من منشورات الوفيات يوميًا لصديق او من ابناء المنطقة واضافة إلى المناسبات الدينية التي لا تنتهي طول السنة، فقط كنا بشهر محرم نتوقف عن نشر الاغاني مراعاة للمشاعر ويعتبر هذا شهر مقدس عند الشيعة وتجاوزه خط احمر ممكن عدم احترامك للمشاعر تؤدي إلى قتلك، لكن اصبحت السنة بأكملها احزان للوفيات الحديثة وللوفيات منذ 1400 سنة وعلى طول السنة، مما ادى إلى ابتعاد الكتاب والشعراء والفنانين عن منصة الفيس بوك وبحث بدائل جديدة لنشر إبداعاتهم.
كان الفيس بوك يوماً ما منصة للأحرار والثوار واليوم ارى اصبح منبر للأحزان وعلى مدار السنة، اخر اغنية نشرتها وصلتني رسالة على الخاص الا تخجل من نفسك اليوم ذكرى وفاة السيد (فلان) لا احب اذكر الاسم وكلام كثير مع سب وقذف واصبحت ارهابي وعميل اسرائيلي ومتعاون مع الاعداء للنيل من سمعة اهل البيت والفرح بأحزانهم مما اضطررت لمسح المنشور حتى لا يصل الامر تتبرأ عشيرتي مني، اتوقع الفيس العراقي يختلف عن فيس بوك العالم لا اعتقد ثورة الاحزان انتشرت في الفيس بوك عالميًا بل اختصرت على منصات العراق وبعض الدول التي لا تحترم حرية الرأي، مما ادى إلى تحنيط نشر الافكار المختلفة عن اراء الآخرين.
الفيس بوك منصة تحوي جميع الافكار ومن جميع الاطياف واما انتشار منشورات الوفيات شيء طبيعي رغم ارتفاعها وخاصة في العراق ايضًا شيء طبيعي لكن دمجها بوفيات الاقدمون هذا يعتبر ثقافة سيئة ان تعيش وتجبر الآخرين على ان تعيش حزنهم، وأخر هذه الثقافات الذي انتشرت وتجد المنشورات بكثافة هو عندما يمرض اي فرد من افراد العائلة تجد المنشورات لن تنقطع حتى يشفى وكان منصة الفيس بوك اصبحت مستشفى او مرقد لأمام يلتمس منه العلاج، كثير من الاصدقاء الغى الصداقة بسبب نشر منشورات تعبر عن الحب او الامل ومزجها بأغنية لكون نشرت في يوم حزين بذكرى مولى من ولاة الله، يتطلب مني احضار روزنامة عن ذكرى الوفيات حتى لا اجرح مشاعر الآخرين بحريتي الشخصية التي اصبحت مقيدة.
لكن السؤال لماذا انا احترم حريتك وانت لا تحترم حريتي؟ هذا الاختلاف في الرأي وانت تملك ثقافة كاملة لا يدعك لإلغاء الصداقة ولكن المسالة مسألة ثقافات، في احدى مواقع التواصل الإجتماعي دار نقاش بيني وبين صاحب المنشور وخالفت رأيه وحسابة موثق كشخصية معروفة وإذ اجده يضيفني إلى قائمة أصدقائه ويثني على ردي ويعتذر لان رئي هو الصحيح، الفرق بين ثقافتنا وثقافة الغرب ثقافة شاسعة وخاصة الثقافة الفكرية، نحن امة اصبح ثقافتنا تسير إلى الخلف وكأنها تسعى لتحنيطنا والوقوف على ماضينا الدموي والمتخلف، والغرب يتقدم نحو ثقافة التحديث والتعايش مع الحاضر.
جميع تطبيقات التواصل الاجتماعي يتم تحديثها دائمًا لتتماشى مع التطور والتكنولوجيا إلا عقول مجتمعنا محنطة غير قابلة للتحديث، برمجة متوقفة لقرن معين ولا تسعى للتحديث واحتمال تعتبر التحديث حرام وتعتبر فسق وفجور لذا بقينا متخلفين وندور في دائرة مفرغة