حكومة أفغانستان أنجزت كثيرا في ظرف سنتين , شقت أنهرا وعبّدت شوارع وأنشأت مصانع ومستشفيات , وحقول دواجن , وحسنت الزراعة , وإمتلكت أسلحة متطورة وتدربت عليها , وعاملت الأفغان على أنهم أبناء وطن واحد , فما إجتثت ولا تسببت بتداعيات عدوانية ضد مواطنيها , بل عفت عمّن كان ضدها , وما آذت مَن كان في السلطة , ولا شنت حربا طائفية أو أهلية , وحققت الإستقرار السياسي والأمني , وأصدرت عفوا عن نصف مليون من موظفي الإدارة السابقة , وجلبت إستثمارات للبلاد , ووفرت فرص عمل , وغيرها.
هذه طلبان التي توصف بأبشع الأوصاف فيما يخص حقوق الإنسان , وهي في حصار ولا تملك نفطا.
وحكومات أخرى في بلدان ثرية , فعلت الأعاجيب وحاربت المواطنين , وأذلتهم ونهبت ثرواتهم وتاجرت بالدين , وأمعنت بالفساد وجعلته قانونا وسلطانا جائرا.
حكومات تابعة , خانعة مطيعة ذليلة مستسلمة للمفترسين الطامعين بالبلاد والعباد , وتحسب ما فيها ملكا مشاعا كالمطر.
لماذا هذا وذاك؟
هناك فهم للدين , ومتاجرة بدين!!
الذين يفهمون الجوهر كما يرونه يعبرون عنه في سلوكهم ويحترمون المواطن وقيمة الإنسان , ويترجمون آيات الرحمن الرحيم , بقوة الفعل المستقيم , وقد تبين الخيط الأبيض من الأسود.
أما المتاجرة بالدين , فينجم عنها جهل وتأجيج عواطف وإنفعالات , وإثارة نوازع العدوان والبغضاء.
وهنا تحضر ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية , التي نهضت من رماد خرابها ودمارها الفظيع , وإستطاعت في ثلاثة عقود , أن تستعيد قوتها وتكون ذات قدرات صناعية متطورة وعمران جميل.
فهل تقاتل الألمان مع بعضهم , أم تفاعلوا كأمة واحدة عليها أن تستعيد كرامتها وسيادتها وقوتها؟
هناك أمثلة عديدة في دول العالم , تبرهن على أن الإرادة الوطنية المعتصمة بحبل المصالح المشتركة والأخوة الوطنية , تنقل المجتمعات إلى مستويات تريدها.
” وما استعصى على قوم منال… إذا الإقدام كان لهم ركابا”
فإلى متى يبقى البعير غاطسا في مستنقع الوجيع؟!!
د-صادق السامرائي