لم يبخل القانون الدستوري على دارسيه إلا وحدد لهم ان الاطلاق الدستوري ، يعني التحريم على المشرع وضع قواعد التقييد ، وهذا ما ينطبق على اولا من المادة 38 من الدستور النافذ ، إذا جاء بها ما يفيد الاطلاق ، حيث نصت ،على ، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل . ولم تكن كل من الفقرة ثانيا وثالثا من المادة أعلاه إلا شرحا قاصرا لمعنى كل الوسائل ، فقد ورد في الفقرة ثالثا ، حرية الاجتماع والتظاهر السلمي ، ولم تشر للاعتصام السلمي ، الذي أطلقت السماح به الفقرة اولا. تحت عبارة بكل الوسائل ، وهذا ما تغافلت عنه السلطة التنفيذية عندا ادعت وزارة الداخلية أن الاعتصام ليس بحرية متاحة دستوريا ، وهذا هو الجهل بقواعد القانون الدستوري ، هذا وقد اطلقت المادة .38 في مقدمتها مفاهيم غامضة لا يألفها الفقه الدستوري حيث جاء فيها ،، تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب ، حرية كذا وكذا.
أن هذا الاطلاق لتلك المفاهيم ، أو ربما غدا بما لا يتعارض مع العادات والتقاليد و ،و ،و ، وهذه كلها عناوين بحاجة إلى تحديد كي لا تتيح للسلطات كما تفعل اليوم وهي مقبلة على تشريع قانون حرية التعبير والمعلوماتية .
أردنا بهذه المقدمة أن نقول إن الاعتصام الذي لجأ إليه ثوار تشرين لم يكن تصرفا مخالفا للدستور ، سييما وأنه كان سلميا بامتياز ، وكانت فيه الشبيبة العراقية متحضرة وإقامت كما رأيناها باحسن العلاقات الودية مع قوى الأمن الرسمية ، وهذا ما كان مدعاة قلق لما أطلق عليه جهات مجهولة ، التي لجأت لوأد الانتفاضة بقوة السلاح . وما قانون حرية التعبير والمعلوماتية موضوع التشريع اليوم إلا وسيلة لتفسير الدستور لصالح ما يدور . واننا ندعوا المشرع أن يفسر بلغة القانون المادة 38 بما يلغي الألفاظ العامة ويحدد معاني الحرية بكل درجاتها تحديدا فنيا دقيقا ، لا يخضع للتأويل أو التفسير ، ولا يمهد للتعديل ، لأن قوة القانون تكمن في المضامين الواضحة ، ونأمل أن لا يكون التشريع الجديد إلا لصالح التعبير السلمي الرصين ، خاصة ونحن في القرن الحادي والعشرين ، وان لا يوفر وسائل قمع كتلك التي قمعت ثورة تشرين…