لابدّ من الإقرار اولاً أنّ هنالك حالةٌ من التوازن او شبه التوازن في الأداء القتالي بين قوات الدعم السريع للجنرال حميدتي , وبين الجبش السوداني الرسمي الذي برئاسة الفريق اول عبد الفتاح البرهان , بحيث لا يستطيع اي من الفريقين المتصارعين من ازاحة الفريق الآخر عن مواقعه , وفي مدنٍ ومناطقٍ مختلفة من الأراضي السودانية الشاسعة , بالرغم من انّ العمليات القتالية تجري في مدنٍ ستراتيجية محددة , وقابلة للإمتداد اكثر .
من الملاحظ ايضاً أنّ عمليات الإمداد اللوجستي وسيّما بالأسلحة والذخائر تجري على ساقٍ وقدم لكلا الفريقين من الخارج ,ودونما تصريحٍ او تعليقٍ امريكي بهذا الشأن ! بالرغم من انّ الولايات المتحدة تشترك مع السعودية في اجراء مباحثات ووساطة بين ممثلين عن الجانبين السودانيين , ولم يتعرّض الإعلام الأمريكي للإشارة او تسمية الدول او الجهات التي تأخذ على عاتقها تمويل اللوجستيات القتالية للطرفين .! , وقد اتّضح فقط انّ روسيا دخلت على الخط عبر فاغنر لصاح حميدتي , بينما مسيّرات ” بيرقدار ” التركية دخلت سماء المعركة لصالح الفريق البرهان , لكن ذلك لا ينفي وجود دولٍ اخرى ضالعة في ادامة متطلبات المعارك الدائرة .
ما يمكن استشفافه من خلال استقراء الأبعاد الكامنة لمجريات المعارك وديمومتها , هو الوصول او التوصّل الى نتيجةٍ تومئ أنّ هذا الإقتتال الداخلي يراد له أن يستعر ويستمر بصيغته القائمة هذه , ودونما تفوّق طرفٍ على آخر .! , كذلك من الملاحظ أنّ لا ضغوط عملية من مجلس الأمن او الأمم المتحدة وعموم المجتمع الدولي على ” قوات الدعم السريع ” المتمردة لوضع حدٍ لها ولا لتقليم اظافرها .!
إنّ افضل ما يمكن ان تصل اليه الوساطات القائمة هو اقناع وفرض رؤى مشتركة على تثبيت كل من ” الجيشين ” عند مواقعه الحالية مع التزامٍ كاملٍ بوقف اطلاق النار والى أمدٍ غير محدد , مع ضرورة بحث انزال قوات دولية من الأمم المتحدة للفصل بين الجانبين , وان لا تغدو قوات مراقبة فقط بل مجهزّة بتسليحٍ كامل لحماية وقف اطلاق النار , مع ادراكٍ مسبق لصعابٍ ما لتحقيق ذلك , بما يرتبط بحسن النوايا للفريقين المتنازعين , وهذا ما يفرض جهد دبلوماسي اقليمي – دولي على درجةٍ عالية .