لم يصح العراقيون لحد اليوم من كابوس احتلال العراق، فكلما مرت السنون ازداد تراكم اليأس في النفوس، بعد افتضاح سيناريوهات التحرير و الديمقراطية و البناء الجديد، التي حملت بين طياتها مؤامرة كبرى تستهدف وجود العراق أرضا و شعبا، لذلك بدأت العمليات مثل هذا اليوم قبل 11 عاما بحرق الأخضر و اليابس و التسويق غير الأخلاقي لمرحلة جديدة لم تحمل معها غير رياح الشر و الكراهية و تخريب النفوس و سلب الارادة، التي ساهمت بتنفيذها كل أطراف اللعبة السياسية الحالية ، والتي ستعجز عن استغفال تاريخ النكبة بشعارات منمقة و صحوة ضمير متأخرة جدا، فالمؤامرة متواصلة و الشخوص يستنسخون أنفسهم بالخطأ.
وفي مناسبة حزينة كالتي حدثت في مثل هذا اليوم قبل 11 عاما، فان الكلمات تعجز عن الوصف و الأحاسيس تجف في الشرايين، لأن حلقات الجريمة تتواصل بثوب شرعي و علاقات فيها من المخابراتية ما يزيد مئات المرات عن التفاهم الدبلوماسي العلني، كيف لا و أغلب المسؤولين العراقيين اليوم تعاقبوا على دوائر مخابرات في كل دول العالم فتعلموا منها ما يفرق و يحرق و أبتعدوا عن مبدأ الدفاع عن استقلال الوطن وشعبه، لذلك لم يتم الكشف عن عملية تجسس رغم أن ضباط مخابرات العالم يصفون حساباتهم على أرض العراق، انها جريمة ضد الانسانية يشترك فيها المسؤول العراقي مع المعتدي تحت مسميات مختلفة.
لقد خرج الاحتلال من الشباك بينما ظلت عناوينه و مؤسساته صاحبة القرار الأوحد في العراق، لذلك يتواصل الخرق الأمني و تستمر تسويفات الحل لأبسط الأزمات، فيما يدير أغلب صناع القرار عجلة الحرب الأهلية بشق الأنفس، مستنسخين في ذلك مشاريع ” أبو البيت الأمريكي”، كيف لا وهم ” الأبن المطيع” في كل الأزمات، ولن ندخل في تفاصيل ذلك لأن مجرد استذكار عدد الزيارات السرية و العلنية للمسؤولين تغني عن البحث في اشكال التبعية، التي أفقدت العراق سيادته حتى في شراء الشاي!!
و في انتقاد مرحلة تاريخية سيئة جدا، لابد من توزيع مسؤولية النكبة على الجميع، فاذا نحن اتفقنا على دور قيادات معينة في المعارضة العراقية السابقة عبر تزييف الحقائق و توفير غطاء لا وطني للاحتلال، فان النظام السابق و شرائح المجتمع العراقي تقع عليها مسؤولية أيضا لأنها لم تستوعب تجارب الغير و لم تثقف نفسها و المواطنين على مساؤي المعارضة عندما تنصف السلوكيات السيئة للمحتلين، فلا أمريكا كانت حزينة على حقوق الانسان في العراق مثلما لم تنس بريطانيا ” هزيمة المكوار”، لكن عدم استيعاب الدرس بمزاج الانتقام قد فوت على العراقيين فرصة ” الدفاع المقدس عن الوطن لا النظام”، وهي بحذ ذاتها مؤامرة كبرى، حيث أوصل ” الطغاة” الأمور الى أخطر جريمة عندما حولوا كل ثائر من أجل سيادته وطنه الى ارهابي و من ” أزلام النظام”، وعن أي أزلام سيتحدث الغد!!
11 عاما مضت و غيرها قد يأتي و العراق بين فكي الاحتلال غير المعلن و القمع النفسي بكل الأمزجة غير العراقية، التي ” نهبت” الثروات و الأمال بطريقة واحدة ، ما يمثل الفاجعة الأخطر في تاريخ العراق، على أيدي جهات سياسية كانت تعلن الولاء للوطن قبل أن تتحول الى أدوات طيعة لترسيخ مفاهيم الاحتلال، وتدافع عن ” قيمها الانسانية” في تخريب نسيج العراقيين، انه يوم حزن أعاد العراق الى القرون الوسطى بسبب محاصصات و توافقات لا تصلح لإدارة عائلة من ٥ أفراد فيكف تطبق في بلد ساهم في إرساء قيم الانسانية ، نحن مطالبون بفضح أكبر عملية سطو أمريكية على تاريخ وطن و ثوابت شعب عريق، و لكي لا تتواصل خيوط الخديعة بإجراءات عنوانها ديمقراطي و حقيقتها جريمة ضد الانسانية، على العراقيين الخروج من عنق زجاجة التخندق العرقي و الطائفي الى فضاء يتسع لكل المواطنين و يستثني فقط ” أزلام” الفتنة من بداية تدمير معالم بغداد الى قلع نخلة العراق مرورا بنشر ” يورانيوم” القتل على الهوية و تخريب النفوس بمليارات الزيف الانساني، نعم أنها بداية الكارثة و الخوف من الطوفان المقبل لأن زلازل الانتخابات قد تحرق بحمم مكاسبها المتبقي من مفردات عراقية، لعن الله الأحتلال و أدواته و لا بارك في أي مسعى للفتنة بأي صورة أتي و بأي شعار قد غلف!!
العراق يستحق أفضل من واقعه المرير ويحتاج الى نخوة وطنية لانهاء استلاب الارادة بفهلوة اقليمية من ايران أو غيرها، فمن غير المنصف تحويل العراقيين الى لاجئين و نازحين ومعتقلين حتى في بيوتهم من أجل المحافظة على حكم ولد من رحم مريض و يعالج بوصفات غير صالحة للاستخدام البشري ، لذلك حان وقت الانقلاب على الاحتلال و أدواته دينية كانت أو سياسية أو عشائرية!!