أطرش: أصم
من المعضلات الجسام التي تعصف بالبشر فقدان القدرة على الإستماع , فالناس لا تستمع لبعضها , وتصغي لما فيها , مما يتسبب بتداعيات سلوكية ذات نتائج قاسية.
وتفاقم الوضع بعد إنتشار وسائل التواصل المعاصرة , التي أفقدت الكثير من الناس مهارات التخاطب المباشر , وعلمتهم التخاطب عن بعد , والعين عليها أن ترى والأذن لا تسمع , وفي الحقيقة أن العين لا تساهم في الإبصار بل بردود الأفعال , فالكلمة تثير في الشخص ما هو جاهز للثوران , فيندلق على الشاشات , ويصل إلى عدد كبير من المتواصلين معه.
فعدم الإستماع للآخر من العقبات المريرة الفاعلة في المجتمع خصوصا بين الفئات بأنواعها ومسمياتها , فتزداد المسافة بينها , وتتنامى الضغائن والأحقاد والتفاعلات السلبية , ويتأكد الغلو , ويعم الضلال ويتسيّد البهتان , وتتأجج العواطف , وتتعطل العقول , وتهرب الأفكار الطيبة , وتعرش الأفكار الخبيثة التي تسوّغ أعمال السوء , والعدوان المتبادل بين أبناء كل شيئ واحد.
وبهذا تصبح أي جماعة صاغية لنفسها , وترى الآخر عدوا لها , لأنه لا يرى مثلما ترى وتعتقد , وبذلك إعداد لتداعيات خطيرة وويلات جسيمة.
فالمطلوب تعلم مهارات الحوار والإصغاء لبعضنا لنرى بوضوح , فنقترب من تأمين مصالحنا المشتركة.
إن أسلوب الطرشان التواصلي يؤكد السلوك الطغياني الإستبدادي , الذي يريد فيه الطاغية الإصغاء لنفسه , وعلى الآخرين الطاعة العمياء والتنفيذ الفوري , فينتهون لمآزق مصيرية مذلة , لعدم وعيهم للواقع الذي يتحكمون به , ومن لا يسمع أعمى بصيرة , ويدب في عروقه الذل والهوان , وإن توهم بأنه الأقوى والأحزم.
فعلينا أن نصغي لما حولنا لكي نستوعب واقعنا ونفوز بالنجاح!!
د-صادق السامرائي