هذه عبارة متداولة في بعض المدن , وتدل على الرعب والخوف الشديد من قوة ما وخصوصا التي تمثل السلطة , وفي معناها البعيد , أن يعم الصمت , ويتأكد مبدأ ” السمع والطاعة” , وإلا الناطق بكلمة واحدة سيكون مصيره الموت الحتمي بواسطة اعوان الكراسي.
ومن غرائب مسيرة التسلط على رقاب الناس , وعلى مر العصور , أن للكرسي نطع وسيّاف , وفقيه يصدر قرارات جز الرقاب , وفقا لمفاهيم وتصورات ومعتقدات عدوانية على الإنسان والدين , ومن الأمثلة “محنة خلق القرآن” التي تذكر المدونات بأن خلقا كثيرا قد تم قطع رؤوسهم بسببها , وأكثرهم كانوا في سامراء في زمن المعتصم والواثق , وكان القاضي بقتلهم “أحمد بن دؤاد” المعتزلي الذي هيمن على ثلاثة خلفاء من بني العباس.
وتجدنا في كل مرحلة نعيش ذات الحالة بمسميات متجددة وعناوين مختلفة , وقد تعددت وتنوعت , والنتيجة واحدة , فالنطع والسيف أصبحا مشانق , وقتل بالجملة والمفرد , وخطف وترويع وإفناء وفقا لمشيئة الكرسي المدجج بالضلال.
وهذا السلوك يعززه الموروث الشعبي الذي تتناقله الأجيال , وفيه تخويف من الكلام , ولا وجود لحرية الرأي في حياة الأجيال المتواكبة.
وكم تربّت على أقوال تحث على الصمت والتجاهل والتغافل ومنها:
“لسانك حصانك إن صنته صانك”
“بلاء الإنسان من اللسان”
” إحفظ لسانك أيها الإنسان…لا يلدغنك إنه ثعبان”
“سلامة الإنسان في حفظ اللسان”
“مقتل الرجل بين فكيه”
وغيرها الكثير من الأقوال والأمثال والأشعار , وهدفها الإصمات , ومصادرة حرية الرأي , وعدم الإعتراف بحقوق الإنسان , بل عليه أن يتبع ويقبع , ويرتل آيات الكراسي , ويعلن الولاء والطاعة والخنوع التام للسلطان.
وما تغيرت آليات التفاعل مع الكراسي , بل تطورت وتعقدت وترسخت في الأذهان والنفوس , وترجمها السلوك السائد القائي بالإمتهان , وإستثمر فيها أعداء البلاد والعباد والدين.
والكل مهان بسطوة الكرسي المنان , ولا تسأل عن العنوان , فالواحد إثنان , في قبضة العدوان!!
د-صادق السامرائي