22 ديسمبر، 2024 5:16 ص

السلطة الرابعة شفافة:
السلطة الرابعة لم تعد الصحافة كمهنة معرفة وهوية ونقابة، لم تعد صحيفة وإذاعة وتلفزيون، فاليوم هنالك وسائل التواصل ربما تجعل الصحفي الأنيق بكلماته بحكم محددات ومواصفات فكره لا يسمع من العامة، فجرجر المثقف نحو الشعبوية وهو استجابة كمصلحية للسوقية.
السلطة الرابعة ليست سلطة قرار وإنما متابعة وإخبار وهذا ما لا يفهمه معظم العاملين في هذا المجال حيث ينصب البعض نفسه قاضيا أو واعظا أو يجيز لنفسه السب والشتم، وتقديم نفسه أكثر أهمية من مصداقية السلطة الرقابية والإعلامية هذه في مهمتها الأساس إيصال المعلومة لمن فوضها بالسلطة وهو الشعب بإجراءات عرفية وان كانت رسميا تتدخل بها الدولة بحكم أنها السلطة الخادمة عند الشعب لحماية مصالحه وفق نظرية العقد الاجتماعي للحكم والعلاقة بين الحاكم والمحكوم.
اليوم ينتشر مقدمي برامج ولقاءات تلفزيونية يبالغون في تقليد ثقافة غير ثقافتنا، ومساحة أعطيت لهم بلا معايير وربما تكون ثقافة المتحدث منهم قاصرة ورؤيته ضبابية ومع هذا يطرح بسوقية ما يشاء، ويتصور انه إمام متلقين جهلة وهو العالم الفاهم، ومن الطبيعي أن يكون هنالك فعلا مثقفين عالي الثقافة لكن في وضعه كمقدم برامج أو لقاءات يدرك انه يتحدث مع الضيف من اجل المعلومة وليس لأي امر يخصه أو يحاول أن يفيد منه مستغلا وظيفته التي هي خدمة القناة أو الإذاعة أو الصحيفة التي هو أجير عندها، فتقديم المعلومة فقط هو واجب المدير للحوار وليس التلميح والكلمات الغامضة باني اعلم الأسرار فهذا قد يستغل لأمور تشوه المصداقية لذوي المهنة ولا يقبلها المثقف الواثق من دوره في البيان للامة والمواطن الإنسان.
لابد من إيجابية استغلال مساحة موجودة للصحفي والمثقف ومقدم البرامج، القنوات الفضائية والإذاعية هي الأخرى أجيرة عند الشعب كما السلطات أجيرة عند الشعب، بيد أن كثرة غالبة من هذه الطبقة المثقفة تتحول إلى طبول ومزامير لأصحاب النفوذ وتبالغ في تأييدها لأي موقف حتى لو كان ارتجاليا من حاكم ويضر بمصلحة شعبه وبقيم الأمة، بل من شدة العماء في التطبيل بدل التصويب والبهرجة نفاقا مدحا أو قدحا وتأليبا؛ تجعل الحاكم نفسه أمام طرق للتراجع مسدودة، بينما يمكن ووفق هامش معطى من الحرية أن تناقش الخطوات بحيادية وتساعد الحاكم على تصويب قراراته، وليس دفعه في طريق الظلم بتفاصيله، والصحف واجبها كسلطة مفوضة أدبيا من الشعب ــــــــــ كما نوهنا ــــــــــــ رغم أنها أجيرة عند مجلة أو قناة تلفزيونية أن تبحث عن الإيجابية وتهدئ من الروع وتقارب وجهات النظر وتمهد الطرق بعد فتحها في المناطق الوعرة.
الأمة والأهواء:
إننا أمة تتعرض لمحو الذاكرة والتغريب ومحاولة تفكيك الأواصر والأسرة والتقديس نفاقا وليس أخلاقا، وأواصره كهذه وغيرها هي درع الأمة، بيد أن هذه القيم اهتزت مصداقيتها من الظلم، وهنا الامتحان الخطير والاختراق الكبير في تفكيك القيم والمجتمع وحتى هز كرسي يحميها الحاكم نفسه الذي يعين في تسفيه كل شيء من حيث لا يدري.
نموذج سلبي
الصحافة التي تعتبر الموقف السياسي للحاكم وكأنه من ثوابت العقيدة، بات امتعاض الحاكم إيعازا لشيطنة ذاك الطرف بأدواتها، ثم تتغير العوامل الجيوسياسية، فكيف ستواجه جهازا معرفيا توطن على ابيض واسود، وان ما يزرع من أفكار صعب إزالتها وربما يبدي لك العجب العامة مما يعتبرونه تغيرا سياسيا وهو إجراء طبيعي في التعامل الدولي بل هو أحيانا تصحيحا لمواقف خطأ لا ينبغي أن تؤخذ بحدة أو بعقلية الثأر الذي يحتل حيزا منظومة عقليتنا القبلية، فيأخذ الصحفي هنا دورا تبريريا ربما يسئ لنمو العلاقات التي يحاول المسئولون في البلدان أن يرمموها.
خلاصة القول
نحن أمام عالم متغير في إنسان طبيعة خلقه انه يتغير وان الثوابت في كلام الله والبشر الذي لا يتغير هذا ليس بشرا طبيعيا، رغم أن التغيير يعاب في المنظومة المعرفية أو الجهاز المعرفي الذي ورثناه وتربينا عليه…. لكن المثقف عموما يجب أن يدرك ذلك ناهيك عن الحكام، ففرصه المدنية لا تنتظر بل هي سريعة المرور لذا لابد من التفكير الاستراتيجي والاستشراف لالتقاط الفرص، العواطف والأمزجة هذه تترك للجلسات الخاصة وليس للتأثير على مخرجات جميع السلطات بما فيهم السلطة الرابعة.